8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

نتائج الانتخابات الإيرانية لن تغيّر من دعم حزب الله

تتّجه الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستجرى اليوم، وسط ترقب لبناني ودولي لنتائجها، نظراً إلى الدور الإيراني في أكثر من موقع في المنطقة، والمخاطر التي يتميز بها هذا الدور الذي يطمح إلى التوسّع والتجذّر، وإلى التأثير في سياسات الدول الخارجية والداخلية حيث أمكن، وإلى أن يكون محوراً إقليمياً يتفاوض معه المجتمع الدولي على قضايا عدة وأوراق سياسية متنوعة في المنطقة. لذلك يجب ترقب ما إذا كان أي فوز للإصلاحيين سيؤدي إلى تغيير في سياسة إيران الخارجية وحيال لبنان والمنطقة.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية أن إيران لن تغيّر سياستها الخارجية من جراء حصول الانتخابات مهما كانت نتيجتها، وبالتالي إن التغيير ليس بالسهولة التي يفترضها البعض، وما الانتخابات إلا محطة من المحطات التي تعيد فيها تأكيد سياستها واستراتيجيتها ما دام المرشد علي خامنئي موجوداً. فالمرشح الإصلاحي حسن روحاني مثلاً، يقول إنه عندما كان رئيساً للوفد المفاوض أيام الرئيس السابق محمد خاتمي، كان يدافع أكثر عن الملف النووي مما هو حاصل الآن. وفي مجال هذا الملف، لا يتوقع أي تغيير في سياسة إيران وأدائها في حال فوز الإصلاحيين، لأن الملف ليس حصراً في يد الرئيس، بل إن القرار الأساسي حياله يبقى في يد المرشد، الأكثر نفوذاً في القضايا الإستراتيجية. والمرشد يبقى مرشداً وزمام القضايا المصيرية في يده إلى أن يتوفاه الله، إلا إذا قام مجلس صيانة الدستور باتخاذ قرار إقالته من منصبه.
التغيير قد يحصل في السياسة الداخلية حيث لكل طرف برنامجه، إنما على مستوى السياسة الخارجية لن يتم حصول تغيير فعلي، بل قد يحصل تعديل في أسلوب مقاربة بعض القضايا الجزئية. وهذا ما ينطبق على الدعم الإيراني لـحزب الله، فهو دعم إستراتيجي وثابت والعلاقة بين الاثنين عضوية أكثر مما هي عرضة للتغيير مع تغيير الرئيس.
العصر الذهبي للحزب سجل على أيام خاتمي في نهاية التسعينات حيث التسليح والتدريبات, ولا يوجد أي مرة تأثرت فيها العلاقة مع الحزب أيام الإصلاحيين لا سيما في عهدي خاتمي ورفسنجاني.
إن تمويل إيران للحزب لا يندرج في إطار موازنة الدولة أو التمويل الرسمي الحكومي. إنما يشكّل أحد مصادر الدعم المالي الرئيسية للحزب الدعم المالي الذي يتلقاه المرشد ومؤسسته من المقامات الدينية، وهي مبالغ ضخمة جداً تتيح له توفير التمويل للتسليح ولكل ما يقدّمه من خدمات لمحازبيه. في الانتخابات الماضية جرى نقاش عميق بين الأطراف الإيرانيين حول تمويل حماس والحزب ونيكاراغوا، ورأي الإصلاحيين كان أنه يجب أن تصرف غالبية الأموال في إيران وليس في الخارج. الدولة الإيرانية تموّل مساعدات للبنان في إطار مؤسسة الإعمار الإيرانية، وهي مدرجة في موازنتها خلافاً لما هو تمويل حزب الله.
علاقة إيران مع حزب الله لن تتغير بغض النظر عن الجهة التي ستفوز في الانتخابات. قد يتغير أسلوب التعامل الإيراني مع الغرب في حال فوز الإصلاحيين، ليصبح أقل حدة مما هو تعامل الرئيس الحالي أحمدي نجاد معه، التغيير المحتمل في التكتيك وليس في الإستراتيجية ولن تكون هناك مرونة في الملف النووي لأنه من اختصاص المرشد الذي لم يتغيّر.
نظرة الفريقين الإيرانيين لإسرائيل واحدة هي العداء وهذه مسألة واضحة لا لبس فيها. والعلاقة الإيرانية مع الأميركيين معقدة وليست سهلة لكن ليس فيها العداء كمفهوم، إنما لا تريد إيران أن تتدخل واشنطن في شؤونها. وأي حكومة إصلاحية قد تغيّر في أسلوب التعامل لكن في الإطار المحدود المعلن.
ومن المؤكد أن نوعية العلاقة التي تربط إيران بالحزب شبيهة بالعلاقة التي تربط واشنطن بتل أبيب. كما أن بين إيران وإسرائيل تشابهاً في أن الخلافات الداخلية حول الديموقراطية كبيرة، لكن السياسة الخارجية لا تتغير.
بالنسبة إلى عملية السلام في الشرق الأوسط، كان خاتمي يقول إن ما يقبله الفلسطينيون لأنفسهم تقبل إيران به. لن يتم تخطي هذا الموقف من الإصلاحيين، لكن المرشد يمسك بزمام الموقف الإيراني وله نفوذه لأن هذا الملف استراتيجي، ويمثل الأمن القومي مع المواضيع ذات الصلة بالعلاقة الإيرانية مع الخليج ومع الولايات المتحدة، فالمرشد يمثل الجهاز الثوري فيما الدولة يمثلها رئيس البلاد، ويأتي الجيش ضمن الدولة. أما الحرس الثوري فهو جهاز تابع للمرشد، وهو جزء أساسي من النظام.
العلاقة الايرانية مع أوروبا جيدة بشكل عام. إنما مع بريطانيا، العلاقة جيدة وعلاقة عداء في الوقت نفسه، لكن الإيرانيين يقصدونها لتحصيل العلم، والاستفادة من الخبرات التقنية وكذلك الأمر مع الولايات المتحدة. الآن ليس هناك من تمثيل ديبلوماسي بين إيران وكل من الولايات المتحدة وبريطانيا، إنما التمثيل مع فرنسا قائم.
ومثلما ستبقى السياسة مع حزب الله ذاتها مهما كانت الجهة الفائزة، فإن الأمر ذاته ينسحب على العلاقة الإيرانية السورية حيث الحلف الاستراتيجي. ما أدى إلى هذا المستوى من الدعم المالي والعسكري للنظام السوري من إيران وحزب الله معاً.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00