وافقت قوى 14 آذار على التمديد لمجلس النواب من اجل رفع الضغوط الأمنية عن كاهل المواطنين بعد الاستشعار بثقل تلك الضغوط التي هدفت إلى التمديد. والتمديد جاء أيضاً نتيجة تورّط حزب الله في سوريا، وتعرّض لبنان لشظايا الحرب السورية.
بعد التمديد، يبدو أنّ الوضع الأمني يحتل سلّم الأولوية حتى أكثر من تشكيل الحكومة، نتيجة تدخّل الحزب الفاضح في سوريا، في القصير وفي غيرها، ما يشكّل خطراً على السلم الأهلي والتوازنات، استناداً إلى مصادر سياسية بارزة. كما أنّ ذلك يمكن أن يكون سبباً في فتنة وحرب طائفية ومذهبية، إلى جانب احتمال أن يجرّ الحرب السورية إلى لبنان، في ظلّ وجود مئات الآلاف من النازحين السوريين. كذلك في ظلّ الصعوبات الموجودة لدى الدولة في طريقة الاهتمام بالنازحين وضبط أوضاعهم كافة.
إذ إنّ هناك خطراً جدّياً على لبنان، حيث أنّ مئات الآلاف من السوريين منتشرون على الأراضي اللبنانية، وآلاف اللبنانيين يحاربون الشعب السوري في سوريا. ولا يصعب أبداً انتقال المعارك. بالتالي المشكلة كبيرة، وتدخّل الحزب في سوريا يجرّ لبنان إلى قلب المستنقع السوري.
الأولوية هي للعمل من أجل ردّ الحزب عن التدخّل في سوريا وحماية لبنان، أي أنّ السؤال هو كيف يمكن حماية لبنان من وصول الحرب السورية إلى أراضيه في ظلّ تدخّل الحزب فيها، وهو تدخّل غير مقبول، ومقاتلوه عبروا الحدود للقتال في أرض غير أرضهم من دون إذن.
وانطلاقاً من القلق على الوضع اللبناني والتخوّف الموجود، فإنّ أي حكومة ستتشكّل يجب أن تكون لحماية لبنان، وليس حكومة تتفجّر من الداخل بصراعات داخلية، وأن لا تشمل أي فريق ممّن تدخّل مباشرة وعسكرياً بالحرب السورية. كذلك الحماية من التهديدات السورية لا سيما التي أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة، والاعتداءات المتكررة على الأراضي اللبنانية، وتهديدات الجيش الحر بالردّ من جهة ثانية. والأمر يحتاج إلى حكمة ودراية، وإلى حكومة تحمي لبنان وتوصل صوت أغلبية اللبنانيين إلى المجتمَعين العربي والدولي. والتمديد جاء نتيجة سياسة حكومة حزب الله ونتيجة المناورات التي قام بها الحزب ومن حوله لا سيما التيار الوطني الحر، ما جعل 14 آذار تختار بين السيئ وهو التمديد، والأسوأ وهو الفراغ. حتى الآن يبدو أنّ من مصلحة الحزب إبقاء حكومة تصريف الأعمال لتلافي الإحراج أكثر مما هو حاصل الآن. لكن الرئيس المكلّف تمام سلام لا يستطيع التراجع في ظلّ الخطر المحدق بلبنان. وأي حكومة ستشكّل لا بد أنّها ستعتمد سياسة النأي بالنفس.
ومن خلال هذه السياسة، استطاعت الدولة أن تعزل الوضع اللبناني قدر الإمكان عن الوضع السوري، لكن وفقاً لمصادر ديبلوماسية، فإنّ المشكلة السورية تنعكس على لبنان أمنياً وسياسياً واجتماعياً، والتمديد للمجلس النيابي أخذ في الاعتبار التوتّر الأمني الذي مصدره المشكلة السورية. والاعتبار الداخلي جاء متأثراً بالأزمة السورية، وفي اطاره تمّ ترحيل الاستحقاق النيابي اللبناني إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية السورية التي يفترض أن تجري في أيار 2014. آخر انتخابات سورية أجريت في 27 أيار 2007. إذ تكون قد توضّحت الصورة في سوريا، وأي حل فيها سينعكس إيجاباً على الوضع اللبناني.
الدولة تعتمد سياسة النأي بالنفس، لكن كل طرف لبناني أيّد أطرافاً سورية. إلاّ أنّ الأكثر وقعاً دعم حزب الله العسكري للنظام السوري والمشاركة في المعارك إلى جانبه ضدّ الشعب. وانطلاقاً من هذا المبدأ فإنّ الدولة التي لا تتحمّل مسؤولية مواقف أي طرف في سوريا، تصبح معنية حكماً إذا حصلت تداعيات أمنية، أو عندما يصبح الأمن القومي أو الوطني اللبناني مهدداً، فعندها تكون معنية مهما كان مصدر الخطر، فتتدخّل لحماية مواطنيها ولا تتبنّى أي انغماس في سوريا. وفي هذا الوقت الدولة تدير الاشكالية الداخلية حول الموضوع السوري بأقل الأضرار الممكنة. والنأي بالنفس هي سياسة إدارة الخلاف العميق حول سوريا، وسط الانقسام الحاد بين الأطراف حيالها، وكون الانقسام الداخلي حول ذلك هو في حد ذاته اشكالية وطنية، وليس هناك من خيار آخر سوى إدارة هذا الخلاف.
وتشير المصادر إلى أنّه حتى الآن التدخّل المعلن لـحزب الله في سوريا يقتصر على القصير، وفي دمشق في محيط مقام السيدة زينب. قد لا يتم التوسع أكثر من ذلك ليشمل كل المعارك في سوريا وليس لدى الحزب القدرة البشرية للمشاركة في المعارك على الأراضي السورية كلها، والانتشار فيها، فهو كناية عن جيش صغير أو قوات خاصة، لكن تواجده في هذه المناطق قد يكون طويلاً في انتظار حلحلة الموقف بالكامل في سوريا، إنّما يبقى التخوّف قائماً من أن لا تتوقف مشاركة الحزب على المنطقة الحدودية في حال انتصر النظام في القصير، بل أن يكمل المعارك مع النظام قدر المستطاع!









يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.