8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

هل يجد الاحتجاج على الخروق السورية طريقه إلى مجلس الأمن؟

خطوة إرسال رسالة احتجاج لبنانية إلى جامعة الدول العربية على الخروق السورية للحدود اللبنانية المتوقعة خلال الساعات المقبلة، لها مدلولاتها وأهميتها. وهي الأولى من نوعها. وحتى الأمس القريب لم يكن هناك من نية للجوء إلى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي، لاعتبارات عدة أولها أن لبنان وسوريا بلدان شقيقان، ولكن مع تكرر الاعتداءات والخروق، كبرت احتمالات التصعيد في الموقف اللبناني وستكون محور بحث دائم ومتقدم على كثير من الأمور على الساحة.
وما أعطى العذر المباشر للاحتجاج، هو القصف الذي قام به الثوار في سوريا على قرى لبنانية ما جعل لبنان، وفقاً لأوساط ديبلوماسية، يتخذ موقفاً ضد أي جهة في سوريا تعتدي على أراضيه ومواطنيه.
وفي موقف لرئيس الجمهورية ميشال سليمان نهاية الأسبوع الماضي، أعلن اعتراضه على خرق إسرائيل للقرار 1701 واحتجاج لبنان على ذلك. ما يدل على أن لبنان لن يرضى بأي خرق لحدوده من أي جهة أتى.
استطاع لبنان اتخاذ هذا الموقف لأول مرة، بعد سلسلة مواقف للرئيس سليمان تشدد على سيادة لبنان والحفاظ عليها، عندما كانت تجري خروق سورية وأعمال قصف.
حزب الله يبدو أنه غضّ النظر عن الموقف اللبناني، بحسب الأوساط، لا سيما وأن هناك ضمن الحزب، صراعاً داخلياً بين نظرتين للمشاركة في العمليات العسكرية في سوريا. إذ إن هناك وجهة نظر تسأل إلى أين الذهاب في المغامرة وإلى أين ستؤدي، وهل يمكن تحمّل رواسب المشاركة المباشرة في صراع نتائجه معروفة، ولماذا يتم التورط إلى هذا الحد واللعب على الورقة الخاسرة؟ وهذا ما يفسر النبرة التي لم تعد عالية وخفض مستوى الاستكبار الذي يُخاطب من خلاله المسؤولون في الحزب من لا يوافقهم في الرأي.
ويبدو أن لبنان اتخذ موقفاً وسطاً من احتمالين: إما ترك الأمور كما هي وعدم إعلان أي موقف. أو الإعلان أنه ابتداء من الآن سيرد لبنان على الجهة التي ستقصف أرضه وأبناءه. ومثل هذه المواقف اتخذتها الدول المحيطة بلبنان والتي تتعرض للقصف السوري مثل تركيا والأردن وإسرائيل. وكل هذه الدول ترد على أي مصدر للنار.
لبنان مع الجار والشقيق، لا يريد أن يُعامل أو يتعامل كما هو الوضع مع العدو الإسرائيلي، لكن عليه أن يضع حداً لأي خرق أو اعتداء.
هناك إشكالية في الموضوع، حيث إن مشاركة الحزب في العمليات في سوريا جعلت الثوار هناك ينفذون تهديداتهم بقصف قرى يتواجد فيها حزب الله. كما أنه لو لم يكن الرئيس سليمان متأكداً، ومعلومات الجيش اللبناني متأكدة من حصول اعتداءات لم يكن لها ما يبررها، لما كان اتخذ هذا الموقف.
ليس هناك من جو في الأمم المتحدة لحصول رد فعل دولي قوي يغيّر مجرى الأمور على الأرض على الرغم من الانزعاج الدولي من الاعتداءات. ويُنتظر أن يبدي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون موقفاً من الموضوع في تقريره المرتقب حول مجريات تنفيذ القرار 1559 الذي سيحيله إلى مجلس الأمن اليوم، وسيناقشه المجلس الشهر المقبل.
وهناك مطالبة بنشر قوات دولية على الحدود مع سوريا من فريق لبناني كبير في 14 آذار.
وهذا قد لا يتناسب مع مصلحة الحزب، لأنه يعتبر أي قوة دولية ستراقب دخول وخروج سلاحه ومسلحيه من سوريا وإليها. وسوريا في الظرف الراهن ليست قادرة على التفرغ لترسيم الحدود وضبطها، واليونيفيل مهمتها مخصصة لمراقبة الحدود مع إسرائيل. وبالتالي أي قوة مراقبة مع سوريا يلزمها قرار جديد عن مجلس الأمن.
كما أن نشر اليونيفيل على الحدود مع سوريا، مسألة مطروحة منذ مدة، لكن لم تجد قبولاً من أطراف لبنانيين، ما جعل الحكومة الحالية، أي قبل أن تصبح حكومة تصريف أعمال، غير قادرة على توحيد موقفها للطلب إلى الأمم المتحدة نشر قوة دولية على تلك الحدود.
فضلاً عن أن هناك علامات استفهام حول ما إذا كانت لدى الدول استعدادات لترسل جنوداً إلى الحدود الشمالية. كما أن وضع لبنان مقارنة بالوضع السوري يحظى بالمعيار نفسه لدى روسيا. مع الإشارة إلى أنه على الرغم من وجود اليونيفيل في الجنوب، لا تزال إسرائيل تقوم بخروق ولم تتوقف.
مع الاعتبار المهم لحالة الاستقرار التي أرستها هذه القوة في تلك المنطقة. لكن الأوساط، لا تتوقع حصول أكثر من الاعتداءات أو الخروق السورية وفق المستوى الذي تحصل فيه، لا سيما من جانب النظام، لأنه يتجنب أن تؤدي إلى رد فعل دولي قاسٍ.
وتعتقد الأوساط، أن الخطوة اللبنانية تعني أمرين:
الأول: أنه بات لدى لبنان هامش من الحرية السياسية نتيجة التغييرات الإقليمية والتي تنعكس على الداخل، وهذا الهامش مكنه من أن يدافع عن سيادته وأرضه عند تعرضها للخطر. وبات بإمكانه التعبير عن مصالحه، والدفاع عن سيادته حتى لو أتى الاعتداء من دولة عربية وجارة.
الثاني: أن من اتخذوا القرار بهذه الخطوة، لم يصلوا إليه لولا عدم امتلاكهم معطيات بأن النظام بات أضعف، وأن قبضته على السياسة اللبنانية في أضعف مراحلها. فضلاً عن وجود غض نظر إيراني في مرحلة ارتياح وأجواء إيجابية على مستوى العلاقة الإيرانية الخليجية.
قد تصدر ردود فعل داخلية، لكن غرضها الاستهلاك المحلي، مع أن هناك وزراء يدافعون عن القصف السوري للبنان ويبررونه، لا سيما المتأتي من النظام. كما أنهم يتساءلون كيف أن الجامعة ستبلغ النظام السوري الاحتجاج اللبناني وهي أبدلت مقعده فيها بمقعد المعارضة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00