على الرغم من عدم شمول الجولة الثانية لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، في المنطقة، لبنان، إلا أن الاهتمام الأميركي بالشأن اللبناني وتطوراته لا تتوقف. وقد تحصل زيارة رسمية في اتجاه لبنان إثر تشكيل الحكومة.
واستناداً الى مصادر ديبلوماسية غربية، فإن هناك ارتياحاً حقيقياً لمسار الأمور بعد تكليف تمام سلام رئاسة الحكومة. وهناك تمنيات للتفاهم الداخلي ولتمرير المرحلة دون تشنج ومشاكل. وهذا ما ينطبق على مجمل المواقف الدولية والعربية، لا سيما وان أولوية الاهتمام تبقى للملف السوري. فضلاً عن أن الجميع في الداخل يدركون دقّة الموقف اللبناني، وهم منضوون تحت عنوان التفاهم، بمن فيهم حزب الله.
وبالتالي، يتمحور الموقف الأميركي على جملة معطيات هي:
ـ الدعم للرئيس المكلّف ولضرورة تشكيل حكومة في أسرع وقت، حيث ان واشنطن لا تريد فراغاً، وهي ترى في تكليف سلام خطوة ايجابية جداً، والتعاطي الأميركي سيكون ايجابياً مع هذه الخطوة. مع أن واشنطن تعتبر ان الشأن الحكومي هو شأن داخلي لبناني.
ـ هناك ترحيب بالتوافق الذي حصل على الرئيس المكلّف والإجماع حوله، معتبرين ان هذا ينعكس ايجاباً على الوضع اللبناني.
ـ ان التحذير الأميركي للرعايا من التنقل في لبنان أو التوجه إليه، ليس موقفاً ضد لبنان، لكنه يهدف الى حماية المواطنين الأميركيين وتنبيههم في ظل ما يحصل من خطف وحوادث متنقلة. وذلك من أجل رفع المسؤولية عن السلطات الأميركية، لأن الأولوية هي لحماية المواطنين. ولا يعد الموقف موقفاً سياسياً سلبياً ضد لبنان أو ضد سمعته بل لشرح مخاطر قد يتعرضون إليها، وليس لأي خلفية سياسية. ولاحظت المصادر ان التحذير جاء في ظل استقالة حكومة تصريف الأعمال، أما الآن فقد هدأت الأجواء.
ـ ان الولايات المتحدة تأمل في ظل تشكيل الحكومة الجديدة ان تندفع دول الخليج لتسديد مساهماتها للبنان والمخصصة للنازحين السوريين. وهذا الموضوع سيكون أحد محاور المباحثات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والقادة العرب الذين سيزورون واشنطن خلال نيسان الجاري وفي مقدمهم أمير قطر والملك الأردني. مع الاشارة الى أن آليات الدفع لدى الدول الغربية معقدة، لا سيما وانها تسدد للهيئات الانسانية الدولية مباشرة وليس للبنان. وبدأت هذه الهيئات تطلق الصوت نتيجة صناديقها التي باتت فارغة لتسديد أكلاف ايواء النازحين. والأمور تحتاج الى جهد دولي أوسع، وتبقى الدول العربية التي يؤمل أن تساعد مع الحكومة الجديدة، مع العلم أن إمكانات لبنان لا تكفي للأعداد الضخمة التي تصله يومياً من النازحين ونظامه الصحي والتربوي والأمني لا يتحملون كل هذه الأعباء.
ـ الولايات المتحدة مع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها ومع الاستقرار، إذ لا استقرار في هذه المرحلة دون توافق. إنما إذا ما حصل تأجيل تقني للانتخابات نتيجة ما يتطلبه القانون الجديد للانتخابات، فهذا ما سيجري تفهمه من الإدارة. لكن على أن لا يتم تأجيل الانتخابات لوقت طويل.
وبالنسبة الى الانتخابات تفيد أوساط نيابية بارزة، أن الأسبوع المقبل سيُظهر إذا ما كانت هناك نيّة للاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية، كل الأطراف موافقة في المبدأ على قانون انتخابي وفق المختلط. لكن تبقى التفاصيل ان لناحية نسبة النسبي فيه أو نسبة الأكثري، وعدد الدوائر في الأكثري والنسبي. المهم ان المبدأ بات مقبولاً من الجميع، على الرغم أنه لم يصدر من حزب الله أي موقف بعد. لكن اذا ما تبيّن ان تكتل التغيير والاصلاح يوافق عليه من خلال أعمال مجموعة الاتصال النيابية، يعني أن ذلك يؤشر لموقف حزب الله.
ويظهر كأنه بات هناك اتفاق على تكليف رئيس الحكومة مع خارطة طريق تناولت التكليف والتأليف والقانون الانتخابي. وقد ينسحب الأمر على موعد إجراء الانتخابات وهذا ما يوحي به الجو. إذ أن الأمور ربطت ببعضها. وإذا ما وافقت 8 آذار على حكومة انتخابات غير سياسية، يعني أن توافقاً سيحصل على القانون الانتخابي، وعلى موعد إجرائها.
ويمكن للانتخابات أن تحصل في موعدها في حزيران على أساس قانون أكثري شبيه بقانون الـ60. لكن إذا ما صدر قانون مختلط فإنه يحتاج أقلّه الى سنة بكاملها للقدرة على إجراء الانتخابات وفقاً له. والقانون المختلط يحتاج في البداية الى توعية الناس وشرحه لهم. كما انه في هذه الحالة فإن وزارة الداخلية سيكون لها عمل إضافي حيال الأقلام ولوائح الشطب والعمل للتحضيرات اللوجستية. لكن أي قانون أكثري لا يحتاج الى تغييرات لوجستية. في الشتاء، يصعب إجراء الانتخابات، لذلك قد تؤجل أقلّه لسنة، ويكون بذلك تأجيل تقني.
لبنان سيبقى في المرحلة المقبلة تحت المجهر الدولي، وواشنطن التي طوّرت موقفها حيال سوريا بالنسبة الى السماح بتسليح المعارضة وتنتظر التطورات في ضوء ذلك، ستبقى تشدد على الاستقرار في لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.