يحتل الوضع في سوريا الأولوية في أعمال القمة العربية التي تنعقد في قطر يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين وسط حضور كثيف على مستوى رؤساء الدول، والقمة ستكون فرصة للتباحث في القضايا العربية العالقة وتطورات الموقف في المنطقة. ولا تقل اللقاءات التي ستعقد بين الرؤساء والملوك العرب على هامش أعمالها، أهمية عمّا سيناقشه جدول الأعمال، كون اللقاءات تعالج العديد من القضايا وتوضح المواقف.
وسيمثّل لبنان رئيس الجمهورية ميشال سليمان على رأس وفد. وسيلقي كلمة لبنان أمام القمة. وهي ستركز، وفقاً لمصادر قريبة منه، على أهمية إعلان بعبدا واحترامه، وضرورة أن يقوم كل الأفرقاء باحترامه، وألا يكون ذلك محصوراً، لا سيما أنه يصب في إطار تحصين الوضع اللبناني في ظل الظروف الدقيقة المحيطة، كما ستؤكد الكلمة ضرورة تفعيل الالتزامات والتعهدات الدولية التي أقرّها مؤتمر الكويت الدولي حيال مساعدة النازحين السوريين في لبنان والدول المضيفة لهم، في وقت باتت الأعداد ضخمة، وليس في مقدور لبنان تحمّل متطلبات ذلك، ويتوجب مشاركته في تحمل أعبائهم. وستشدّد أيضاً على رفض لبنان أن يكون ممراً للسلاح الى أي جهة، وعلى سياسة النأي بالنفس عن الوضع السوري، وعلى التزام لبنان تنفيذ القرارات الدولية لا سيما القرار 1701.
كما ستركز الكلمة على ضرورة إعادة استئناف العملية السلمية للشرق الأوسط، وقيام الدولة الفلسطينية، ورفض لبنان للتوطين. ومن المقرر أن تعيد القمة إقرار مشروع القرار اللبناني ذي الصلة ببند التضامن مع الجمهورية اللبنانية، والذي يركز على الثوابت اللبنانية.
في الموضوع السوري، تتوقع مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، أن تكرس القمة مقررات الدورة 139 للجامعة حيال سوريا. إذ ستوافق على اعطاء مقعد سوريا للائتلاف الوطني لا سيما في ظل تعيينه غسان هيتو رئيساً لحكومته.
وهذه الخطوة تعدّ مهمّة في هذا السياق، وسط الموقف المتقدم الذي اتخذ في الجامعة إن بالنسبة الى المقعد أو تسليح المعارضة مباشرة وبطريقة غير مباشرة. وإذا ما تحقق المقعد عربياً، فهناك تفكير بتحقيقه دولياً عبر ملء مقعد سوريا في الأمم المتحدة. والمهم أن العرب دعوا هيتو الى تمثيل سوريا في القمة، ومن المتوقع مشاركته وجلوسه في المقعد السوري، وهذا الأمر هو الذي دفع بالعرب الى حض الائتلاف على تعيين رئيس حكومة لتمثيل سوريا في القمة أولاً، عدا عن المفاعيل الأخرى لهذا التعيين. وهذا يشكل سابقة على المستوى العربي، إذ انه لم يتمثل العراق برئيس جديد في القمة الا بعد سقوط صدام حسين ونظامه.
ويعمل الائتلاف السوري لتقديم طلب الاعتراف به كممثل لسوريا في الأمم المتحدة، من خلال تقديم الطلب لها خلال الدورة العادية للجمعية العامة في أيلول المقبل، وهذا يلزمه قرار من مجلس الأمن. لكن ذلك دونه عقبات بسبب موقف كل من روسيا والصين. فضلاً عن أن أوساطاً قريبة من الدول الداعمة للنظام تقول انه لن يتم ذلك، لماذا لم يتم في التعامل مع فنزويلا وكوريا الشمالية وكوبا، لافتة الى صعوبة حصول هذا التمثيل. لكن أوساطاً أخرى تشير الى أن الأساس هو قرار مجلس الأمن.
وهناك أمل عربي في أن الافساح في المجال أمام تسليح المعارضة سيغيّر موازين القوى على الأرض، ويضغط بدوره على روسيا للقبول بالمفهوم الغربي العربي لمصير الرئيس بشار الأسد وفق وثيقة جنيف وبضرورة تنحيه، وتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، ولا تستبعد المصادر ان حلاً يتبلور في ظل تطورات مرتقبة على الأرض وفي ظل تكثيف الدينامية الديبلوماسية على المستوى الخارجي. لكن حتى إيجاد الحل، يفترض بلبنان تحصين وضعه، لا سيما وان لبنان يمكنه ذلك عبر التوافقات السياسية وتحييد نفسه عن كل أزمات المنطقة.
وعلى جدول الأعمال الصراع العربي الاسرائيلي، وتطورات العملية السلمية. وستلقى أهداف زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل أول من أمس، وعدم وجود مبادرة يحملها على هذا الصعيد، بثقلها على القمة العربية، لا سيما ان العرب يطالبون واشنطن بالضغط على اسرائيل لاستئناف العملية وفق قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام. ويدرك العرب أن تطورات العالم العربي، وخصوصاً الوضع في سوريا، تحظى بأولوية دولية، كما انه من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستستجيب للجهود السلمية، وهي التي أفشلت هذه الجهود خلال العهد الأول لأوباما.
ولن تعمد القمة الى تقويم مهمة الموفد العربي والدولي لحل الأزمة السورية الأخضر الابراهيمي. فالجميع متفق على أنها مهمة معقدة، وفهم الابراهيمي للموضوع السوري لا يحل المشكلة إلا إذا حصل توافق دولي حول هذا الأمر. فهو لن يحل محل مجلس الأمن، ولا محل التفاهم الأميركي الروسي، انه يعمل للدفع في اتجاه ورقة جنيف، وكلما يتم التوصل الى تفاهمات كلما يتوقع أن يتم تفعيل دوره أكثر، وانه لا يصنع الحل بقدر ما يساعد في بلورته.
وعلى جدول الأعمال موضوع الاصلاح وتطوير العمل العربي المشترك، ووضعت ورقة من جانب الأمين العام نبيل العربي وخبراء تتناول الاصلاح في الجامعة وميثاق الجامعة.
والقمة العربية عملياً بدأت أمس الخميس على مستوى الموظفين الكبار الذين ينهون أعمالهم اليوم. والأحد تنعقد على مستوى وزراء الخارجية الذين يرفعون مشروع إعلان الدوحة أو مشروع مقررات القمة، الى القادة العرب. وخلال القمة يسلم العراق رئاستها الى قطر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.