السبب الذي جعل السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي تعيد تأكيد موقف بلادها الداعي الى ضرورة اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، هو نظرة بلادها الى الظروف اللبنانية التي تحيط بهذا الاستحقاق. إذ انه وفقاً لأوساط ديبلوماسية غربية، يفترض بلبنان احترام المواعيد الدستورية. ذلك انه في كل العالم العربي، تنحو الأمور نحو الديموقراطية، فلا يجوز أن يؤجل لبنان استحقاقاته الدستورية والديموقراطية.
كما ان أي تأجيل للانتخابات قد يدخلها في مؤثرات الوضع السوري. حيث انه ليس من أحد يتوقع نهاية قريبة للموضوع السوري. وإذا كان إجراء الانتخابات ليس سهلاً في وضع أمني كالموجود حالياً في لبنان، فإن اجراءها بعد مدة سيكون أكثر صعوبة من هذه الناحية. وهذا يشكل مصدر قلق أميركياً. إذ ان هناك توقعاً لمزيد من أعداد النازحين السوريين الذين سيقصدون لبنان خلال المرحلة المقبلة. وكلما زاد القتال في سوريا سيزيد عدد النازحين وتزداد معهم التداعيات الاقتصادية والأمنية.
وهناك توقع أن تزداد الظروف على الحدود اللبنانية السورية دقة وحساسية، عدا عن الشحن الداخلي والتوتر السياسي والانقسامات، والمشاكل العالقة بين الأطراف اللبنانيين. هذه العوامل كلها ستكون أكثر وقعاً في المرحلة المقبلة، الأمر الذي يستوجب معه اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وهو موقف أميركي ليس بجديد، مع ان واشنطن تعتبر في النهاية أن قانون الانتخابات هو قرار لبناني في النتيجة، وكذلك مسألة الانتخابات برمّتها. ولكن يبقى إجراء الانتخابات في موعدها أفضل من تأجيلها.
وتشير أوساط سياسية بارزة في 14 آذار الى ان رفض 8 آذار لقانون الستين وقانون الدوحة، يفرض بحسب 8 آذار تأجيل الانتخابات. وهذا يشكل خطراً على مصير الانتخابات، لأنه مع ذلك لا يعود واضحاً متى ستحصل الانتخابات. لذلك ثمة تشديد على اجراء الانتخابات في موعدها انطلاقاً من الحرص على تثبيت النظام البرلماني الديموقراطي، وحيث ان حصول الانتخابات في موعدها يحمي الديموقراطية. فضلاً عن أن حصول الاستحقاقات يثبت تداول السلطة، وأي تأجيل يضع النظام في خطر.
ولفتت، الى أن من يربط أو يلوح بمعادلة الانتخابات أو الأمن والاستقرار، هو وراء الاهتزاز الأمني الحاصل. كما انه يستغل هذا الاهتزاز ليقول الأمن أولاً، ويجب تأجيل الانتخابات. من يريد أن يؤجل يتلطى وراء الوضع الأمني وقد يكون وراء الخربطة الحاصلة. ومن الواضح تماماً ان المسؤول عن الأمن هو المسؤول عن السلاح غير الشرعي. وينتشر لدى فئات أخرى كردّ فعل أو كوسيلة للدفاع عن النفس ضد إمكان حصول 7 أيار جديد.
ان الوضع الأمني والسياسي الحاصل، وفقاً للأوساط، ووضع العصي في الدواليب والذي يضعه الفريق الآخر يخلق أزمة في البلاد. وهذا ما جعل الرئيس سعد الحريري وبعدما أجرى تقويماً للواقع، يطلق مبادرته لحلّ الأزمة. والمشروع الذي أطلقه الحريري يؤسس لمرحلة طويلة الأمد من الاستقرار، كون ذلك يزيل الهواجس لدى كافة اللبنانيين ويرسي قواعد صحة التمثيل، مع العيش المشترك. وبالتالي يفترض أن يتم وضع آلية لبحث هذا المشروع على طاولة النقاش، وإعادة وضع المبادرة على الطاولة لحل المشاكل التي تعترض الحياة السياسية يومياً، وتجعل اللبنانيين في حالة خوف دائم على أمنهم واقتصادهم في ظل غياب رؤية حكومية سليمة، وحيث كان ذلك أساساً لتراجع النمو وتدهور الوضع الاقتصادي.
وطرح تيار المستقبل لمشروع القانون المختلط طريقة لمدّ اليد للتفاهم. حتى المختلط لا يلغي بقية بنود المبادرة.
ولاحظت الأوساط، ان موقف حزب الله الذي يدير العملية، هو إما قانون انتخاب يوفر أكثرية مطلقة له من دون النائب وليد جنبلاط، وإما لا انتخابات. من دون ذلك لا يمكنه تشكيل حكومة تشبه الحكومة الحالية. هو يصرّ على أكثرية مطلقة من خلال القانون من دون أي وسطية، وإما لا انتخابات، لكي تستمر الحكومة التي كان وراء تشكيلها، ولا يتغير الواقع. يريد القانون الذي يوفر الأكثرية المطلقة ليضع يده على البلد عبر النظام والقانون.
هذا الوضع يجعل المستقبل يقف في وجه قانون الفرزلي، لأنه من خلاله يدخل الحزب الى الأكثرية. وأخيراً نادى رئيس كتلة التغيير والاصلاح النيابية ميشال عون بلبنان دائرة واحدة مع النسبية. وهذا لا يهدف الى الوصول الى حقوق المسيحيين، بل يصل من خلاله حزب الله الى حكم لبنان. ومثل هذا القانون يوفر الأكثرية المطلقة لسيطرة الحزب على البلد. ما يعني ان عون مستعد للذهاب الى دائرة واحدة مخططاً لحماية الحزب وتأمين الأكثرية له. وهذا ما لا يوفر مصلحة للمسيحيين، فهناك سؤال كبير يطرح، لماذا بعد الاصرار على قانون الفرزلي، المناداة بلبنان دائرة واحدة في ظل النسبية؟ وتطبيق المادة 22 من الدستور فحواه إلغاء القيد الطائفي. وذلك كله لتذويب المسيحيين في ظل الأكثرية الاسلامية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.