8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

واشنطن تسعى بكل الوسائل الى إرساء حل سياسي في سوريا

تتجه الأنظار الى الجهود التي تبذل من أجل إجراء حوار سوري بين المعارضة والنظام حول الحل السياسي والمرحلة الانتقالية للسلطة. والاتصالات الأميركية الروسية المكثفة تأتي في إطار إيجاد هذا الحل.
الولايات المتحدة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، تريد هذا الحوار، لكن ليس حواراً مع الرئيس بشار الأسد وهي تقبل بالحوار مع من لم يتورطوا بالحرب والقتل والدماء. وهي توافق في هذا السياق على أن يفاوض عن النظام نائب الرئيس فاروق الشرع، وأيّدت واشنطن محاولة ريس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب في إطلاق حوار مع النظام، انطلاقاً من أنها تسعى بكل الوسائل الى إرساء حل سياسي، في غياب أي إرادة في اتجاه حل من نوع آخر لا سيما العسكري. تريد واشنطن انتقالاً للسلطة من دون أن تتبع ما قامت به في العراق، خصوصاً في مجال حل الجيش والقوى الأمنية وغير ذلك من تغييرات في السلطة، لأنها تعتبر أن ذلك كان خطأ فادحاً في سياستها، في العراق.
والحل السياسي المطروح في الأساس يرتكز على وثيقة جنيف، التي تتضمن الحكومة الانتقالية من الطرفين ولكن بتوافق متبادل. وهذه العملية تحتاج الى حوار تدعم واشنطن إقامته. والتوافق أساسي لأن المعارضة لا تريد الحوار مع الأسد، هذا ما تأخذه واشنطن بالاعتبار، في حين أن روسيا تقول إن الانتقال لا يعني الأسد، مع الإشارة الى أن محاولة الخطيب أدت الى مشكلة داخل المعارضة.
وفي هذا الوقت، فإن المعارضة التي كانت تتقدم بسرعة على الأرض، قد تضاءل تقدمها حيث يوجد عمليات كرّ وفرّ. الموضوع السوري سيطول زمنياً في ظل عدم الحسم، وتنطلق المبادرة السياسية للنظر في إمكان حصول الحل. المؤشرات، بحسب المصادر، تقول إن هناك صعوبة في أن يكون الحوار جدياً من جانب النظام، لا سيما وأنه يعتبر أنه يمكن أن ينتصر، ولو أن ذلك بمثابة الحلم على أرض الواقع، وهو لن يتفاوض انطلاقاً من سببين: الأول تفاؤله بالربح على الأرض، ثم استمراره في القتال لكي يعمل لتحسين موقعه التفاوضي لاحقاً. هذا فضلاً عن العوامل الخارجية التي جعلت الحسم غير ممكن، من جراء الدعم الروسي له، ولتماسك ما تبقى من الجيش وكذلك ما يظهر حتى الآن من تماسك للطائفة العلوية، والدعم الدولي للمعارضة مالياً فقط مع الاستمرار في حظر الدعم بالأسلحة.
الآن السؤال الكبير هو هل ستضغط روسيا على النظام من أجل الدخول في عملية حوارية لنقل السلطة؟ وهل إذا ما ضغطت سيستجيب؟ كل المعطيات تشير الى أنه سيستمر في القتال حتى النهاية.
وإذا قبِل النظام بالحوار، يعني أن روسيا استطاعت العمل للتغيير في المعادلة السورية، والإقليمية والدولية، هناك اتصالات ومشاورات من أجل أن يكون الحوار جدياً وأن يقرر الشعب السوري مصير النظام، مع الإشارة الى أن مهمة الوفد الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي تغطي الجمود الحاصل على مستوى التسوية في سوريا، وإذا عملت روسيا على هذا التغيير في المعادلة فسيتم حوار للمعارضة مع الشرع، وقد يتم التوصل الى اتفاق سياسي يشبه الى حد ما اتفاق الطائف اللبناني برعاية دولية وعربية.
ويبرز هنا مستقبل الدور الإيراني في سوريا والمنطقة. فدور إيران لا يزال حتى الآن داعماً للأسد. أولاً، ما هو مدى قدرة إيران على القبول بتسوية في سوريا؟ ثم هل تستطيع الاستمرار في دور داعم للأسد إذا ظهرت نوافذ إيجابية في المباحثات الدولية معها حول برنامجها النووي. ثم هل تقبل إيران بالتسوية، وأي دور سيعطى لها فيها؟ لأن استمرار دعمها للنظام يعني أنها تريد دوراً ما في أي تسوية.
وليس أكيداً، بحسب المصادر، أن موسكو في الظرف الراهن ستتمكن من التأثير على النظام للحوار، وهو في الوقت نفسه لن يسمع من الروس في هذا المجال. الجولة التي يبدأها غداً الأحد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في المنطقة، وعلى بعض الدول الأوروبية الفاعلة، هدفها في الدرجة الأولى إجراء مشاورات حول ما يمكن فعله في الملف السوري، ودراسة إمكان حصول اتفاق مع روسيا حول إرساء الحل السياسي، في ظل استمرار تمسك الروس بمصالحهم في سوريا والمنطقة. مبدأ الحوار محسوم، لكن تفاصيله غير محسومة في ظل طرحين مختلفين. الأول: للروس والنظام يقول بأن الحوار هو الذي يحضر الحل والمخرج للأزمة. والثاني: للغرب وللمعارضة، ويقول بأن الحل والمخرج يجب أن يكونا واضحين قبل بدء الحوار. والأكيد أن رحيل الأسد لم يعد شرطاً لانطلاقة الحوار، إنما الحل النهائي غير متفق حوله بعد. إذا وضع النظام شروطاً كبيرة للحوار، لن تتمكن روسيا من الضغط عليه للسير في الحوار. وثمة ديبلوماسيون يعتبرون أنه إذا اتفق الأميركيون والروس على مبدأ الحوار والمخرج، فإن الأطراف السورية ستنفذ وأن التفاصيل تبقى عندئذ بين المعارضة والنظام.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00