8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التفهّم الأوروبي وتقدير دور سليمان يجنّبان لبنان سلبيات الاتهام

ليس لدى لبنان حتى الآن أي معطيات رسمية أو قضائية حول اتهام بلغاريا حزب الله بالوقوف وراء تفجير بورغاس، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية بارزة. وأي تعاون سيقوم به لبنان، وفقاً لما قاله رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، سيكون من ضمن المعطيات الموجودة، وبعد التدقيق بصحة أي اتهام.
واستبعدت المصادر أن يؤثر الاتهام على العلاقات اللبنانية الأوروبية لأسباب عدة لعل أبرزها:
ـ إنّ موضوع العلاقات مع الخارج، لا سيما مع أوروبا، يهتم بها، بصورة خاصة، رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وهناك تقدير أوروبي واحترام كبيرين للرئيس وللمواقف التي يطلقها. وهناك تعويل على دور الرئيس خصوصاً في هذه المرحلة على المستوى السياسي، ويعود الأوروبيون في النهاية إلى رأي رئيس الجمهورية، وعلى سبيل المثال في مواضيع مطروحة في مجلس الأمن، أو الاتحاد الأوروبي.
على المستوى الاقتصادي الميزان التجاري بين لبنان وأوروبا هو لمصلحة أوروبا. على مستوى السياحة، حالياً، هناك تراجع في الزيارات الشعبية للبنان، أي أنّ الزيارات ليست على الوتيرة التي كانت عليها قبل سنتين، وليس هناك من إقبال كما كان يسجل، وهذا يعود إلى الوضع اللبناني الجار للوضعين السوري والإقليمي، الأمر الذي أثّر سلباً في سياحة الأوروبيين إلى حد ما.
ـ لا يمكن نفي أي تأثير نتيجة الاتهام. إلا أنّ الإثبات في النهاية هو الأساس. إنما لن يكون التأثير إلى درجة كبيرة تصل إلى تجميد العلاقات الديبلوماسية أو قطعها. ذلك أنّ هناك تفهماً أوروبياً ودولياً لوضع لبنان على الرغم من أنّ الحكومة تضم وزراء من حزب الله والمجلس النيابي يضم أيضاً نواباً منه. التأثير الفعلي على الشخصيات التي تدور في فلك الحزب، وعلى مَن هم قريبون منه. وتبقى الحكومة حكومة لبنان، إنما قد يطال الاتهام جزءاً من الحكومة. وثمّة استبعاد لإجراءات بحق لبنان. فالولايات المتحدة عندما وضعت الحزب على لائحة الإرهاب الدولي، لم تتأثر العلاقات الثنائية بينها وبين لبنان، ولم تتخذ إجراءات في حقه، لكن الإجراءات متخذة في حق الحزب وكل مَن ينتمي إليه، إن كان سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً. واشنطن ونتيجة لاتهام بلغاريا، تضغط على الاتحاد الأوروبي لإدراج الحزب على لائحة الإرهاب وكذلك تضغط إسرائيل في هذا الاتجاه. لكن يفترض ببلغاريا أن تقدم البراهين للاتحاد الأوروبي لتقتنع كل دولة بالاثباتات لا سيما وأنّ البرلمانات الأوروبية يجب أن توافق على إدراج الاسم تحت لائحة الإرهاب الدولي. كانت هناك في السابق ضغوط أميركية كبيرة على الاتحاد لإدراج الحزب على هذه اللائحة لكن الأوروبيين لم يتأثروا بها.
ولا تقلّل المصادر من حجم الإحراج الذي تواجهه الحكومة اللبنانية نتيجة هذا الاتهام، على الرغم من موقف رئيسها المتعاون، والذي كان منسقاً في صدده مع كل الأطراف، وحيث إنّ الحزب في كل المفاصل الدقيقة مع الخارج، لم يكن يرغب في تسجيل موقف سلبي في العلاقات اللبنانية مع الدول. والإحراج يكبر، إذا ما حصل موقف إجماعي أوروبي حيال اتهام الحزب. كذلك إذا ما تم الطلب إلى لبنان أن يسلم متهمين. وعندها تصبح القضية إلى أي مدى سيردّ الحزب على اتهام عناصر مسؤولة فيه بالقيام بالعملية.
الآن هناك انتظار للموقف الأوروبي النهائي من الموضوع أولاً، وإذا ما ثبت لدى الأوروبيين هذا الاتهام، ثانياً. وهو الأمر الذي لا يزال غير واضح، ووضوحه لاحقاً سيبلور ردّ الفعل الأوروبي حيال لبنان وحيال الحزب تحديداً. وعندما يتسلم لبنان أي قرار قضائي يصدر لاحقاً سيدرسه وسيتصرّف على أساس قانوني لبناني وسيدقق في الموضوع للتأكد من مضمون أي قرار وسيتعاون مع القضاء البلغاري.
ولفتت المصادر إلى التباين في وجهات النظر بين الدول الأوروبية حول وضع الحزب على لائحة الإرهاب الدولي. حيث إن بعض الدول, كفرنسا وايطاليا، تعتبر أنّ وضعه على هذه اللائحة لا يفيد وان قطع التعامل معه لا يفيد، بل استمرار التواصل الذي يبقى للاستقرار اللبناني أفضل من عزل الحزب. والدولتان تخشيان دائماً على استقرار لبنان، ومن ضمن ذلك دور اليونيفيل في الجنوب. وهناك دول أخرى تتريّث في اتخاذ موقف في انتظار نتائج التحقيقات البلغارية، ودول ترغب في التمييز بين الجناح العسكري للحزب وضرورة وضعه على لائحة الإرهاب، والجناح المدني الذي لا علاقة له بالموضوع ويفترض عدم الخلط بين الاثنين.
وكل الدول، وكذلك لبنان، في انتظار رد الفعل الإسرائيلي، حيث إنّ القلق موجود على احتمال حصول أي عمل عسكري ضدّ الحزب، لكن لا شيء مؤكداً. وكل ذلك مرتبط بالتحقيقات والوضع في المنطقة لا سيما الوضع السوري.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00