صدور المراسيم التطبيقية لقانون الحدود البحرية، يُعد خطوة مهمة وركيزة أساسية في مسألة استفادة لبنان من ثروته النفطية ومن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة. ومن المقرر أن يبلغ لبنان تفاصيل الخطوة الى الأمم المتحدة التي تتابع الموضوع عن كثب، والى معظم دول العالم المهتمة لا سيما الولايات المتحدة الأميركية. وكان لبنان أرسل خرائط الى المنظمة الدولية حول الحدود البحرية.
وتفيد مصادر ديبلوماسية، أن صدور المراسيم يعني، أن لبنان أنجز الإطار القانوني للتمكن من استفادته من ثروته، وبالإمكان إجراء مناقصات لشركات عالمية، وانتهاء المناقصات سيأخذ وقتاً قد يصل الى سنة، إذ إنه ليس هناك من شركة تهتم بالاستثمار الا في ظل إطار قانوني واضح، الأمر الذي يساعد في تعزيز الثقة بلبنان، والبدء باستدراج العروض، واستقطاب الشركات عبر استدراجات العروض.
وتعني المراسيم أيضاً، وضوح حصة البلد الذي يتم الاستثمار فيه وحصة الشركة المستثمرة، وطريقة حل النزاع بين الطرفين، والمرجعية القضائية المولجة بالحل، وطريقة اختيارها. وطريقة الاستثمار.
كما تعني الخطوة، أن لبنان استجاب للنصائح الدولية، والأميركية تحديداً، وهي الفصل بين السعي الى الاستثمار والتنقيب عن النفط من جهة، والنزاع الحدودي البحري الحاصل مع إسرائيل وضرورة تسوية الاتفاقية البحرية مع قبرص وإجراء تعديلات على الحدود الخاصة بلبنان وزيادتها.
والنصائح قُدّمت من أجل البدء بالتنقيب عن النفط والغاز في المناطق غير المتنازع عليها وعدم ربط الأمر بالنزاع الحدودي الحاصل لا سيما مع إسرائيل. فالنزاع على الحدود البحرية يبقى قضية أخرى، والحل اللازم له سيتم ايجاده عبر توسط طرف ثالث قد تكون الأمم المتحدة في وقت لاحق أو الولايات المتحدة.
ويتم ايجاده عبر طرق متنوعة. أما مع قبرص فهناك تفاوض قائم لإعادة النظر مجدداً بمشروع الاتفاقية البحرية معها بعدما وجد لبنان أنه يجب أن يضم نقاطاً إضافية الى حدوده البحرية معها. وقبرص حالياً في مرحلة تفاوض مع إسرائيل للنظر في إمكان قبولها بتعديل الاتفاقية البحرية القبرصية الإسرائيلية.
والتفاوض مع قبرص، لا يُلزم لبنان التفاوض مع إسرائيل لحل مشكلة النزاع الحدودي البحري لكن إعادة التحديد مع قبرص لا بد أنها ستتم من خلال الحوار والتفاوض. وهناك دور للولايات المتحدة في الموضوع. وكانت الإدارة كلّفت المسؤول في الأمن القومي فريدريك هوف تولي هذا الملف. وهو وإن استقال حالياً من منصبه، لكنه طرح عرضاً للحل قبل استقالته سيبقى محور بحث أميركي مع كل من لبنان وإسرائيل في إطار الوساطة التي تقوم بها واشنطن ويُفترض بالطرفين اللبناني والإسرائيلي الرد على العرض، لأن الإدارة وبعد إجراء التعيينات الإدارية ستكون في انتظار الرد. ويقضي العرض بوضع خط يحدد مياه لبنان، ومياه إسرائيل، مرتكزاً الى اتفاقات دولية من أجل تسهيل التنقيب عن النفط. وإسرائيل أيضاً لم ترد بعد على العرض وليس فقط لبنان. وترى واشنطن أنه يمكن البدء بالتنقيب في المواقع غير المُتنازع عليها تمهيداً للتوصل الى الحل الحدودي المنشود.
وهو عرض ذلك بعدما كان سعى الى معرفة أسباب الفارق في الخرائط بين كل من لبنان وقبرص وإسرائيل، وأعدّ دراسة حول ذلك. وتدرك واشنطن كما أبلغت لبنان، أن مسائل النزاع على الحدود تحصل عادة بين الدول المجاورة.
والمجتمع الدولي، وواشنطن أيضاً يؤكدان على وجوب أن لا يحصل توتر أمني أو مشكلة على الحدود بين لبنان وإسرائيل بسبب النزاع الحاصل. والسبب يعود الى أن الاستقرار يسهل عمل الشركات المستثمرة ويشجعها على المشاركة، والنزاعات تؤدي الى تهريب المستثمرين، حيث لا تجرؤ الشركات على التواجد في المنطقة للقيام بعملها.
وبالتالي، يشكل الاستقرار، والمراسيم معاً عاملاً أساسياً في هذه المرحلة والمرحلة التي تلي لتلبية المصلحة اللبنانية في الدرجة الأولى في أهمية الاستثمار بالتنقيب عن النفط، ولو أن المنطقة غير المتنازع عليها صغيرة. حتى أن إسرائيل ليس لديها مصلحة في التوتير للتأثير ومنع الاستثمار، فكلا البلدين يحتاجان الى الأموال. كما أن الشركات يهمها أن تعمل لتربح، لكنها تريد ضمانات بأن لا تحصل حرب، وبأن تؤمّن على وجود المنشآت التي ستقيمها في منطقة الاستثمار. فلبنان لن يستثمر في المنطقة المتنازع عليها، وكذلك إسرائيل، وتبعاً لذلك لا سبب لافتعال مشكلة تجعل الأطراف المعنية محرومة من الموارد الكبرى التي ستوفرها الثروة النفطية.
ويبدو أن النصيحة الدولية هي الأكثر واقعية، إذ لا مصلحة لأي طرف إلا بالسعي الى حلّ عملي يأخذ الطرق الديبلوماسية، إلا إذا حصل ما ليس في الحسبان، لأن المخاطر الأمنية تبقى قائمة. لكن إذا ما التزم الطرفان اللبناني والإسرائيلي النصيحة المتصلة بالاستقرار يكون جزء من المشكلة قد حُل. وستعمل المبادرات الدولية في هذا الإطار، لإيجاد السبل الكفيلة لدعم ترسيم الحدود البحرية بالتوازي مع الرغبة اللبنانية حول ذلك.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.