تتجه الأنظار إلى المرحلة الجديدة من التحرك الذي يقوم به الموفد الدولي والعربي لحل الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي، في ضوء لقائه في دبلن مع ممثلين عن وزارتي الخارجية في كل من الولايات المتحدة وروسيا.
وتفيد مصادر ديبلوماسية، انه حصل في دبلن اتفاق أميركي روسي على تكليف الإبراهيمي إعادة الاتصال بالأفرقاء المهتمين بالوضع السوري، وإعادة استئناف جولاته المكوكية بين القاهرة، التي هي مركز الائتلاف الوطني السوري، ودمشق مركز النظام السوري. ويهدف التحرك إلى ايجاد صيغة حل سياسي على أساس وثيقة جنيف. وسيعاود الإبراهيمي مجدداً اتصالاته لا سيما وأن واشنطن لمست من الروس عدم تغيير في الموقف، وفي الوقت نفسه وجود رغبة روسية لايجاد حل سياسي، على أساس أنه من دون ذلك لن يتم التوصل إلى أي نتيجة.
وتنقل المصادر عن مقربين من أجواء لقاء دبلن ان تصريحات بوغدانوف أسيء فهمها وتم التسرّع في الحكم من خلالها على الموقف الروسي، وحيث عادت وزارة الخارجية الروسية إلى نفيها، وأكدت عدم تبدل هذا الموقف منذ بداية الثورة.
وتشير المصادر إلى انه قد يتم انتصار جهة على أخرى في سوريا، لكن ذلك لن يحقق الهدوء والسلام، بل سيولّد مشاعر الانتقام. لذلك ان الحوار بين السوريين للوصول إلى حل سياسي هو الذي يفيد سوريا. وتعتبر موسكو أنه إذا ما استغرقت المعارضة 20 شهراً لكسب ما كسبته، فمن الممكن ان تستغرق 20 شهراً آخر لتحقيق مكاسب أخرى.
أي ان موسكو تعتبر ان لا دلائل على ان النظام يعاني وهناً، وهو لا يزال قائماً، سواء سياسياً أو إدارياً، على الرغم من حالات الانشقاق التي تحصل دائماً في أي ظرف مماثل في أي بلد عموماً. كما تلفت إلى ان موسكو تعتبر ان أجواء جبهة النصرة التي هي باتت تسيطر تقريباً على أطراف من المعارضة المسلحة هي التي تقوم بإعلان الاستنتاجات حول اقتراب رحيل النظام وتضع تواريخ لذلك.
ولا تدخل موسكو في الحديث عما يحصل على الأرض لأنها تريد ان تفهم الوقائع الميدانية. لذلك هي طالبت مجدداً الأميركيين والأمم المتحدة بعودة فريق المراقبين الدوليين المستقلين إلى سوريا وإعادة العمل بآلية المراقبة، بهدف معرفة ما يحصل على الارض فعلياً وكيف تتطور الأمور، ومن يقوم بالخروق والاعتداء والقتل والمجازر.
وحتى لو حصل انتصار من قبل الجيش السوري النظامي على الارض، بحسب ما يعتقد الروس، فإن مشاعر الانتقام ستتعاظم والعكس صحيح إذا ما انتصر الجيش الحر، هذا ما يؤدي إلى ان تستمر الأزمة. وبالتالي، دوامة العنف ستستمر، إذا لم يجلس الجميع على طاولة الحوار، لبحث مشروع سياسي.
الولايات المتحدة طلبت في دبلن من الروس، دعم المعارضة، ودعم تشكيل جبهة سياسية دولية ضد النظام، والمطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد. ثمة اهتمام أميركي بأن يكون الحل سياسياً، فحصلت، بحسب المصادر، العودة إلى وثيقة جنيف لناحية السعي مجدداً إلى حل سياسي، ولا يمكن اعتبار الأمر تراجعاً أميركياً، لان واشنطن لم تقل يوماً انها ستتدخل عسكرياً.
المشكلة التي لا تزال تواجه الحل السياسي المطروح، هي في الدعوة إلى حكومة انتقالية برضى الأطراف، وما إذا سيكون الأسد من ضمنها أم لا. وسيبقى الأمر خاضعاً للتواصل الديبلوماسي الأميركي الروسي، ولو أن هناك اعتقاداً أميركياً بعدم تغيير روسيا موقفها. واشنطن مع ان يغادر الأسد منصبه وان لا يشمله أي تشكيل لحكومة، لا سيما وأن المعارضة لن تقبل بوجوده فيها. أما روسيا فهي مع أن لا يغادر منصبه فوراً، وفقاً لمصادر غربية.
إلاّ أن موسكو، وبحسب ما تنقله المصادر الديبلوماسية عن قريبين منها، لن تتوهم ان هناك تغييراً دراماتيكياً سيحصل في سوريا.
مع انها مستاءة من الهجمات التي يشنها الثوّار وهي ضد المجازر كائناً من تكون الجهة التي ترتكبها. وهي قلقة تجاه صعوبة الوضع وتعقيداته، وتريد ان يصل الطرفان إلى حوار وحل سياسي.
وتقول أوساط ديبلوماسية مطلعة ان واشنطن وموسكو هما المؤثران في الحل في سوريا، حتى الآن لا تغيير في أي من الموقفين الأميركي والروسي، الآن باتت واشنطن تراهن على التغيير على الأرض وليس على تغيير روسيا موقفها.
الأزمة ستستمر على الرغم من ان الإبراهيمي يقوم بدوره في محاولة جمع الأطراف الدولية المؤثرة لتوحيد الموقف وجمع الطرفين السوريين، إلاّ أنه من المتوقع ان يستكمل هذان الطرفان أداءهما على الأرض، لإحراز تفوق عسكري لاحدهما، عندها يتم فرض الشروط في إطار آخر عبر تغيير موازين القوى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.