8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ألمانيا أنقذت اليونان من أزمتها الاقتصادية.. فمن ينقذ لبنان؟

بعد زوال مرحلة اتفاق الدوحة الذي حكم الوضع اللبناني خلال السنوات الأخيرة الماضية، وقبله زوال مرحلة الـس.س، ما هو الأفق السياسي الذي يحكم الوضع الراهن، والذي سيبقى يحكمه حتى الانتخابات النيابية في ربيع السنة المقبلة؟.
هناك حكمة القيادات في ألا تترك الأمور تنفجر أمنياً على الساحة، ورغبة من الأطراف في الحفاظ على الاستقرار، وفي الاهتمام بالتوصيات الدولية التي تشدد على الحرص على الاستقرار. ثم استمرار مظلة اتفاق الطائف على الرغم من المشاغبات. كل ذلك يحكم الوضع اللبناني في المرحلة الحالية، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، وبالتالي، إن ما يحكم التعامل بين اللبنانيين هو الرغبة لدى القيادات في أن يبقى الوضع الأمني مضبوطاً. أما سياسياً فالوضع مضبوط ولكن في حدود معيّنة.
فقد سعى حزب الله الى أن يخطف الدولة عبر الانقلاب على نتائج الانتخابات، وهو باشر هذه الخطة منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان العائق الأهم أمامه للسيطرة على الدولة. ويدرك الحزب الآن أنه في ظل الوضع السوري الحالي، فهو ما زال لديه فرصة يتمتع بها للاستفادة قدر الإمكان قبل أن تبدأ هذه المرحلة نهايتها، وهي التي بحسب المصادر، بدأت بالانحسار وباتت في خريفها. ويتبيّن أن من يريد الاستفادة الى أكبر حد ممكن، لم يتمكّن من ابتلاع الدولة وليس فقط لم يتمكن من ابتلاع الرئيس سعد الحريري، بعدما تم إخراجه من الساحة.
فهناك فشل حكومي، وعجز مالي وإحباط، وكيف يمكن الدخول الى الانتخابات النيابية في هذا الجو؟ حيث أن الموافقة على سلسلة الرتب والرواتب المحقة، تفلس البلد، وفرض الضرائب سيأتي بالكارثة على الوضع المعيشي، وإذا لم يُصر الى الموافقة عليها، سيتم الدخول الى الانتخابات بانتفاضة شعبية كبيرة. وربما إن بتّ السلسلة يعني نهاية الحكومة الحالية التي يصعب عليها إقرارها، ولا تستطيع الدخول بانتخابات من دون إقرارها. القطاع العام ومن له علاقة به يشكل ثلث الشعب اللبناني إن لم يكن نصفه. وهناك حكومة تؤجل الاستحقاقات في وقت تبتعد عن الناس، والأمن حدّث ولا حرج، وأداء بعض الوزراء لا يشجع. وإذا أقرّت السلسلة من دون مداخيل يصبح الوضع الاقتصادي مثل اليونان، وإذا أقرّت مع ضرائب يكون العطاء في يد والأخذ في اليد الأخرى. ألمانيا أنقذت اليونان، لكن لبنان من ينقذه؟ لا سيما في ضوء امتناع دول الخليج عن الدعم. كانت تلك الدول تضع ودائع في مصرف لبنان لدعم الاقتصاد أيام وجود الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئيساً للحكومة أو أيام وجود الرئيس فؤاد السنيورة على رأس الحكومة.
أما الآن فهناك مزيد من التشدد الخليجي حيال الحكومة وأدائها، والموقف من النظام السوري وحزب الله كما تؤكد المصادر، وهناك أجواء تقول إن النظام بات في مراحله الأخيرة، وأخرى تفيد أن الأمور لا تزال تحتاج الى وقت، وأن النظام لديه مفاجآت وما يكفي من الخزين الإرهابي الذي يمكنه من تأجيل الإطاحة به الى حين.. ولكن ليس ببعيد.
وتشكل ضرورة التفاهم على الاستقرار حاجة لدى حزب الله، بحسب المصادر، لأن ليس من مصلحته الدخول في نزاع داخلي، في وقت ترتفع العصبية المذهبية في لبنان، وفي وقت يتوافر السلاح للثوار في سوريا عبر طرق مختلفة، ومن غير الواضح كيف ستنتهي الأمور في سوريا، مع سقوط النظام واستلام الثوار الحكم. وبالتالي، للحزب مصلحة في التهدئة وعدم الدخول في نزاع مسلح. وكذلك عدم الدخول في نزاع مباشر، وهو يدفع بحلفائه من السنّة، ولا سيما رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد لافتعال المشاكل، حتى أنه يستبعد منها حليفه الماروني الجنرال عون. إذاً، هامش المناورة بدأ يضيق وأوراق الحزب في الداخل استنفدت، وهذا ما يؤثر ايجاباً على الاستقرار.
مع الإشارة الى أن التهديدات الأمنية جدية، لكن لا يتوقع أن تكون هناك اغتيالات استراتيجية في المرحلة المقبلة، بسبب الانشغال بالداخل السوري. لكن الاغتيالات غير الاستراتيجية واردة. أما الاغتيالات الاستراتيجية التي حصلت فهي تتمثّل في اغتيال كلّ من الرئيس الحريري الذي كان يشكل مشروعاً للاستقرار في لبنان والمنطقة، ثم بيار الجميل الذي كان يشكل مشروع رئيس جمهورية، واللواء وسام الحسن الذي كان يشكل مشروعاً للأمن في لبنان وسوريا في مرحلة مقبلة. وسيستمر الحزب بالضغط في الداخل لأنه يعتبر ذلك سياسة صحيحة.
لكن في النهاية اتخذ قرار كبير بـلفلفة موضوع طرابلس، ولملمة التوتر المذهبي، إذ كلما تطرّف حزب الله، وجد أن المتطرفين في الشارع المقابل يعزّزون تطرفهم.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00