يلقي الوضع السوري بظلاله على كل الاتصالات والمشاورات الدولية، لا سيما في ضوء التقرير الذي قدمه الموفد الدولي والعربي لحل الأزمة السورية الأخضر الابراهيمي الى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، كذلك في ضوء الوضع على الأرض، فهل يمكن أن يكون التقرير قابلاً للتنفيذ، أم انه سيبقى في اطار ما هو مطلوب من الابراهيمي من جانب مجلس الأمن فقط؟
تحدث الابراهيمي في تقريره عن ضرورة وجود آلية من ضمنها وجود قوة لحفظ السلام في سوريا لتحقيق مقتضيات وثيقة جنيف. والوضع الآن في انتظار أن يستطيع مجلس الأمن التوصل الى اتفاق ما بين الدول الأعضاء فيه حول اعتماد وثيقة جنيف في اطار قرار دولي.
والوصول الى هذه المرحلة يتوقع أن يكون في اطار رزمة. لا تزال، المشكلة الأساسية في اعتماد الوثيقة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية مطلعة على أجواء المشاورات الدولية حول ذلك، في الترجمة للوثيقة، وما اذا كانت تعني رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، أم بقاءه في موقعه. أي اذا ما كانت تعني أنه جزء من الحل أو جزء من المشكلة. الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تفسر الوثيقة بأن عليه ان يرحل فوراً. أما روسيا الاتحادية والصين فتتمسكان بموقفيهما القائل ان الحل يجب ان ينبع من السوريين أنفسهم، ويفترض أن يتفقوا، ولا يمكن لأحد أن يفرض عليهم أي مسار للحل من الخارج. وفي هذه الفترة يقوم الابراهيمي بتشجيع الدول على الحوار حول اعلان جنيف، انطلاقاً من انه ليس من المفترض وقف الحوار اذا ما استمر التفاوت في وجهات النظر، ومن الضروري استكماله. لكن المصادر تؤكد انه كلما طال الوضع السوري الراهن، بات الحوار الدولي حوله أصعب، والحوار السوري الداخلي أكثر صعوبة.
وفي هذا الاطار، تستبعد المصادر، أن يكون طرح الابراهيمي ارسال هذه القوة قابلاً للتنفيذ في المرحلة الراهنة. ذلك ان قوة حفظ السلام يمكن أن تتولى مهمة لها في سوريا بعد حصول اتفاق سياسي، شامل وعملية سياسية، وليس ممكناً ذلك قبلها. فتكون مهمتها فصل المتنازعين ومنع عمليات الانتقام والتصفيات، والمساعدة في عملية البناء السياسي للدولة من خلال الانتخابات وإعادة تكوين السلطة والمراقبة في ذلك، فضلاً عن أن كل الأطراف تدرك انه في مرحلة ما، وعندما تنتهي العمليات العسكرية والعنف والقتل، ستكون هناك ضرورة لعمليات حفظ السلام. وبالتالي، يجب على هذه القوى ان تكرس تنفيذ الاتفاق السياسي والمساهمة في ذلك. وان لم يحصل الاتفاق فمن المستبعد ان تقوم اي دولة بما فيها روسيا بنشر جنود لها في مناطق الاقتتال. اذ ليس هناك اي دولة ترغب في زج جنودها في المعركة، وتعريضهم للموت. ان عدد المراقبين الدوليين الذين كانوا في سوريا محدود جداً، وتم سحبهم خلال الصيف الماضي، فكيف بقوة دولية؟
ويظهر ان سوريا ليست قريبة من حل سياسي، وإرسال قوة دولية يحتاج الى قرار صادر عن مجلس الامن. والدول لم تتلقف بعد طرح الابراهيمي، الذي يقول من خلال ما اورده، ان هذا هو تقريري، ويعود الى المجلس والدول الاعضاء اتخاذ الموقف المناسب.
يذكر ان الابراهيمي خرج بهذه النتيجة بعد ثلاثة اشهر من تسلمه مهمته في اول ايلول الماضي وهو يقترح افكاره. والنظر في مدى تأثير هذه المهمة على الوقائع، يأخذ حيزاً من المشاورات الدولية، ولا يبدو اي تأثير حتى الآن.
وتتجه الانظار الآن الى ما اذا كان النظام سيقرر ان يستعمل السلاح الكيميائي ام لا. الغرب كله يراقب عن كثب اي تطور في هذا المجال، لانه قد تكون من جانبه خطوات مقابلة، لكن روسيا تعتبر ان السلاح الكيميائي في سوريا مخزن بطريقة جيدة جداً، وان استعماله كما يقول الغرب هو من اجل الدعايات السياسية فقط، وهذه الدعايات من شأنها ان تشكل ذريعة لتدخل خارجي دولي في الموضوع السوري على المستوى العسكري. ويعتقد الروس ان هذه الدعايات، اطلقتها في البداية وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، وهي التي تمثل الصقور في الادارة الاميركية، وأرادت من خلال ذلك ان تتوج حياتها الديبلوماسية بإقرار تدخل عسكري اميركي في سوريا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.