لا يزال رئيس الجمهورية ميشال سليمان يقوم بمشاوراته حول تشكيل الحكومة الجديدة.
وقد بات واضحاً، بحسب مصادر ديبلوماسية، أن كل الأفرقاء أصبحت في أجواء القبول بمبدأ وجود حكومة جديدة، لا سيما فريق 8 آذار. لكن هناك تفاوتاً كبيراً في وجهات النظر حول التفاصيل، وكذلك في ما يتصل بآلية التفاهم حول الحكومة. الأمر الذي ينتظر أن يطيل مرحلة المشاورات.
ومن الاستنتاجات، في ما يتعلق بالمواقف الدولية، ما يقول ان فترة تصريف الأعمال للحكومة لن تطول بعد تقديم استقالتها. ذلك أن انعكاسات الوضع الاقليمي لا تحتمل أن تطول هذه الفترة، ولا سيما ان الدول تقصد بالفراغ ما يمكن أن يخلفه من تأثيرات لتصريف الأعمال على موعد الانتخابات النيابية، كما على استحقاق مهم آخر، وهو الانتخابات الرئاسية، وليس فقط على الفراغ الموضوعي للحكومة.
لكن المصادر، تلفت الى أن الرئيس سليمان يسعى في مشاوراته الى إيجاد قاسم مشترك بين الأفرقاء يتم من خلاله التحضير للأجواء، التي يمكن بدورها أن تسهل الحوار، وبالتالي انه الآن يتحاور مع كل الأفرقاء بصورة إفرادية ويستمزج الآراء، لكي تتغربل الأفكار، الى أن تتم فيما بعد بلورة تصور للمرحلة المقبلة.
وهذه المشاورات ستحدد التوجهات قبيل الموعد المحدد لجلسة الحوار في 29 تشرين الثاني الجاري.
وبالنسبة الى فريق 14 آذار، فإن الاستقالة تحفز على التعجيل بتأليف الحكومة. وهناك مصلحة من خلال الحكومة الحيادية بخفض مستوى التوتر في البلد، تمهيداً لأن تحسم الاتنخابات النيابية من سيتولى السلطة. وتكون في الوقت نفسه قد انجلت الأمور في المنطقة.
حالياً الصورة غير واضحة، لكن هناك بداية انقشاع، يفترض معها ازالة التوتر ريثما يتبين التوجه النهائي، ولذلك يأتي الاصرار على حكومة حيادية انقاذية، مع الاشارة الى أن هناك وزراء في الحكومة الحالية يمكنهم البقاء في الحكومة المطلوبة. يضاف الى ذلك، الخلل الذي أرسته هذه الحكومة والذي لا يستقيم الا بتغييرها، بالاضافة الى الأخطاء الشنيعة على كل المستويات.
و14 آذار، وفقاً لمصادر بارزة فيها، ليست ضد الحوار، انما استقالة الحكومة تُعد مدخلاً وليس حلاً. لكن لماذا الحوار مع فريق يهدد بالقتل ويأخذ قراراً حول طائرة أيوب في حين كان الحوار قائماً، حتى أن القلق من الفراغ وعدم الاستقرار مسؤول عنهما من يحمل السلاح. ولذلك يُطلب أن لا يهدد أحد بشيء هو يملكه، وليس 14 آذار.
هناك بصيص نور يتم العمل عليه والاستفادة منه في ضوء اكتمال المتغيرات الاقليمية والمحلية والدولية. وسيكون التواصل مع الجمهور أساسياً في أداء 14 آذار. على أن يلعب الرئيس سليمان دوراً أساسياً في المسألة.
وتؤكد المصادر أن هناك قناعة بأن الحكومة الحالية لن تستمر. وهذا أيضاً موقف بكركي، التي تقول بالتغيير من دون الوقوع في الفراغ.
إنما 14 آذار تشدد على ضرورة الاستقالة لكي تكون المفاوضات جدية وهادفة وتوصل الى نتيجة، لأن المشاورات في ظل حكومة قائمة ستأخذ وقتاً. وهناك ضرورة للالتزام بالدستور الذي يوفر بدائل ولا يسمح بفراغ.
وفي حالتي تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري، وحكومة نجيب ميقاتي، استغرق التشكيل شهوراً، ولم يحصل فراغ أو فوضى. وبالتالي ان حكومة تصريف الأعمال يمكن أن تواجه كل الصعوبات المحتملة. أي ان لا شيء اسمه فراغ، حتى أن فريق 8 آذار أخّر انتخاب رئيس للجمهورية، والحكومة أخذت مسؤولية رئاسة الجمهورية مكان الرئيس، وكل التراجع السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي الحاصل هو من طريق هذه الحكومة، وهذا هو عدم الاستقرار بل انه حال الفوضى.
14 آذار تريد حكومة انقاذية، فهي لا تريد تولي المناصب، انما تسعى الى انقاذ لبنان من هذه الحال المزرية في كل المجالات. حتى ان المصادر تقول، ان الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي غير موافق على حكومة وحدة وطنية لكي لا تتكرر التجربة السابقة. أي ان بكركي تريد حكومة حيادية انقاذية وتتفق في ذلك مع 14 آذار، وتعتبر أن الأمور لا يمكن أن تكمل بهذه الطريقة.
مع رئيس الجمهورية هناك مشاورات وليس حواراً، لأن 14 آذار تؤيد الرئيس وتمد له اليد، وتؤيد مواقفه السيادية التي تفتخر بها.
من المهم تقويم ما اذا كان هناك تمايز بين الموقفين السوري والايراني، وأين سيتموضع حزب الله في الموقف من الطروح حول الحكومة. الدور السوري موجود من خلال حلفاء سوريا، وفقاً للأوساط، لكن السؤال الأساسي هل الوضع المتدهور في كل المجالات هو لمصلحة حزب الله، أو ان ذلك ينعكس سلباً عليه؟. وإذا كان الحزب مرتاحاً للوضع اللبناني الحالي، فإنه سيحول دون تشكيل حكومة جديدة، وسيقف ضد الاستقالة. لكن التصريحات الأخيرة لمسؤولين في الحزب، والتي تربط بين المقاومة والميثاق، خطيرة جداً لأنها تربط الوضع بالهدف الأبعد للحزب وهو المؤتمر التأسيسي لتغيير الميثاق أو اتفاق الطائف.
يقول سفير غربي في بيروت ان أكبر هدية في النظام الديمقراطي هي أن تكون الحكومة فاشلة. لأن ذلك يخدم المعارضة. واستمرار هذا الفشل يمكن استثماره في السياسة كل يوم حتى الانتخابات.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.