جاءت زيارة نائب وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى اليزابيت جونز لبيروت خلال اليومين الماضيين في السياق العام للموقف الاميركي من التغيير الحكومي المطلوب من قوى 14 آذار اثر جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن. والسياق العام للموقف الاميركي له ابعاده بالنسبة الى السياسة الاميركية حيال لبنان من الآن والى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية التي ستجري الثلاثاء المقبل.
ووفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية، فان جونز عبّرت عن موقف حكومتها بأنها ليست متمسكة بالحكومة الحالية.
وفي الوقت نفسه ورغم أن المصادر لا تعتبر ان الحكومة اضرت بالمصالح الاميركية، ويتجسد ذلك في مسايرة رئيسها نجيب ميقاتي للمواقف الاميركية في امور حساسة، فضلاً عن التزامه تمويل لبنان لحصته في موازنة المحكمة الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لا دعم اميركياً لهذه الحكومة، انما هناك حذر من اي خطوة ناقصة في هذا المجال. واشنطن من خلال ايفاد جونز ولقاءاتها مع قيادات في 14 آذار تريد طمأنتهم الى عدم تخلي الادارة الاميركية عنهم وعن مطالبهم، فأرادت طمأنتهم وفي الوقت نفسه، لفتت الانتباه الى ان ليس هناك من تحول او تغيير في سياسة الادارة مناوئ لمصالحهم، لكن هناك وضعاً اكبر الا وهو الوضع السوري.
وبالتالي، ترغب الادارة في حصر تداعيات الوضع السوري بسوريا وحدها، لاسيما وان هذا الوضع مرشح للاستمرار طويلاً، والادارة لا تريد اضطرابات في لبنان ولا في اي دولة محيطة لكي لا تكبر المشكلة وتتوسع، ولكي تبقى في قلب سوريا. من هنا الاستقرار في لبنان مهم بالنسبة الى الادارة.
وما يحصل في سوريا تعتبره الادارة وفقاً للمصادر شيئاً كبيراً. اما في لبنان فلن يحصل شيء كبير قبل انتهاء الموضوع السوري. ومن الافضل ان يبقى الوضع اللبناني مستقراً حتى ذلك الحين. ذلك انه كلما طالت الازمة السورية، كلما تهدد الاستقرار اللبناني بصورة اكبر، واذا لم تكن هناك حكومة، فان الوضع اللبناني يصبح اصعب.
والنظرة هذه الى الوضع اللبناني ستنسحب على الادارة اياً تكن نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث لا يتوقع حصول تغيير كبير في الموقف لاسيما اذا فاز الرئيس الحالي المرشح الديموقراطي باراك اوباما، وحتى لو فاز رومني لن يكون التغيير كبيراً الا في حال حصول مفاجآت.
وتقول اوساط ديبلوماسية، انه قد تكون هناك حكومة جديدة مطلع السنة الجديدة، بعد ان تهدأ المواقف.
اما مصادر قريبة من قصر بعبدا، فتلفت الى ان المشاورات التي يقوم بها رئيس الجمهورية مستمرة، وانه فهم ان 8 آذار لن تليّن موقفها تحت الضغط، وان ليس هناك من افق مفتوح على بدائل وخيارات متعددة، الامر الذي لا يمكن معه ترك الامور. وأي حكومة جديدة لن تكون مسألة سريعة وان طاولة الحوار ارجئت من 12 الجاري الى 29 منه نظراً الى وجود ارتباطات لرئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة في الخارج.
ولفتت اوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع، الى ان المفتاح في تشكيل الحكومة هو عند رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد تهدئة الامور. وتشير الى انه بالنسبة الى الاميركيين، فإن لبنان يشكل مركزاً مهماً جداً في المنطقة، ولكن حتى لو استطاعت هذه الحكومة ارضاء الاميركيين في بعض الامور التي اقرتها، الا ان واشنطن، ليست متمسكة بها، انما الأهم لديها هو عدم الوقوع في الفوضى السياسية والأمنية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.