تواكب الولايات المتحدة الأميركية تطور الموقف في لبنان اثر جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن ومطالبة قوى 14 آذار بحكومة جديدة، يقوم رئيس الجمهورية ميشال سليمان بإجراء مشاوراته مع كل الأفرقاء حولها. وما لبثت واشنطن ان قدمت موقفاً جديداً بدعمها خيار الإتيان بحكومة جديدة، بعدما كان أول ردة فعل لديها يُعبر عن القلق على الاستقرار والخوف من الفراغ.
ومقتضيات الموقف الأميركي الحالي، والذي لا بد ان يفرض معطيات جديدة على حركة الاتصالات اللبنانية في شأن الحكومة الجديدة، تشرحها مصادر ديبلوماسية غربية كالآتي:
- ان مسألة تشكيل حكومة جديدة تعود إلى اللبنانيين، وان الإدارة الأميركية اقتنعت بأن تشكيل حكومة من شأنه ان يؤدي إلى الاستقرار وهذه القناعة تكونت بعد الاتصالات والمشاورات التي قامت بها 14 آذار معها. لذلك لم تكن الإدارة داعية في الأساس لهذه الغاية، مع الإشارة إلى ان الإدارة منذ البداية لم تكن راضية عن تشكيل الحكومة الحالية والطريقة التي شكلت فيها.
- ان التغيير الحكومي هو عملية ديموقراطية ودستورية لذلك ترحب واشنطن بها. لكن المهم ان لا يحصل فراغ في السلطة، وهذا يفترض تحقيقه عبر الاتفاق على الخطوات التي ستتوالى خلال عملية التغيير.
انما الخوف هو من ان تسقط الحكومة، ولا يحصل تفاهم على حكومة جديدة. ولهذا السبب دعمت واشنطن المشاورات التي يقوم بها رئيس الجمهورية ميشال سليمان، لانه من المفترض التفاهم على حكومة قبل استقالة الحكومة الحالية، والفراغ كما ترى واشنطن يؤدي إلى اضطرابات أمنية وهذا ما تريده سوريا، بالتالي هي ليست ضد التغيير، انما في الوقت نفسه تريد الاستقرار وعدم الوقوع في الفراغ.
- تدعم واشنطن قيام حكومة حيادية، وترى ان هذا الخيار هو الأفضل على مستوى الداخل وما يلف لبنان من أوضاع في المنطقة. كما انها حكومة ستستمر كأقصى حد إلى ما بعد الانتخابات النيابية مباشرة.
- تشير المصادر إلى ان تطور الموقف الأميركي لا يزال حذراً، لان أكثر ما يهم واشنطن هو الاستقرار وعدم الانزلاق إلى الفراغ الذي يؤثر سلباً على الاستقرار. الإدارة الأميركية دانت اغتيال الحسن وهي ترى مدى خطورة اللجوء إلى هذه الاعتداءات الارهابية، وهي تتمسك بوجوب الحفاظ على كامل مناخ الاستقرار في البلاد ان كان بالنسبة إلى الاغتيالات أو إلى النزاعات في الشارع، لان حصول أي فراغ يسهل أكثر حصول الاغتيالات.
والموقف الأميركي يؤثر في المنحى الذي تسلكه نتيجة المشاورات، لكن الدعوة الأميركية ليست سريعة إلى درجة فورية. وترى واشنطن مدى خطورة الانقلاب على التفاهمات تحت الضغوط، ما يؤدي إلى الضغط في اتجاه ايجاد الفراغ الذي ترفضه الإدارة.
تساعد واشنطن في الأساس الجيش اللبناني بقيمة 100 مليون دولار سنوياً، من أصل نحو 250 مليوناً كقيمة اجمالية للمساعدة التنموية وأوفدت الإدارة بناء على طلب ميقاتي اثر اتصال وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون به، وفد التحقيق الفدرالي الأميركي للمساعدة التقنية في التحقيق الذي تقوم به السلطات القضائية اللبنانية. ورئيس الحكومة المحرج، ساهم في حصول هذه الخطوة لان هذا النوع من التحقيق لا يحدث في لبنان، إلا بناء على طلب الحكومة، لعل الأمر يرضي المعارضة، لما تمثله هذه المساعدة في التحقيق من مستوى عالٍ من الصدقية.
ان الإدارة الأميركية تتخوف من إنعكاسات إطالة الأزمة السورية على لبنان، وفقاً للمصادر، مع انها تدرك جيداً ان لدى لبنان مشكلات سياسية وأمنية في الأساس لكن القلق يزداد حيال هذه النقطة بالذات في ظل الوضع السوري الراهن.
ولبنان حقق حداً معقولاً من التوافق الداخلي حول إبقاء الوضع مستقراً، لكن إذا ما استمرت الاغتيالات، فعندها يكون فريق معين يتعرض للقتل، الأمر الذي يؤثر على التوافق.
وعبر حلفاء سوريا في لبنان ومواقفهم أثناء عملية المشاورات التي يقوم بها الرئيس سليمان، سيظهر الدور السوري في تشكيل الحكومة والشروط التي ستوضع، والأفكار التي سيتمسك بها هؤلاء.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.