8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

يوم الصدق.. في ساحة الحرّية

في انتظار التحرك الذي ستقوم به 14 آذار في سياق ابقاء اجتماعاتها مفتوحة، على خلفية اغتيال رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن، تتوالى الاستنتاجات السياسية لعملية الاغتيال، ولعل اخطرها وفقاً لأوساط سياسية بارزة، انها جريمة والمجرم الذي خطط اليها ليس خائفا من ان يكشف امره ويعرف الجميع انه خطط لها.
في السياسة، هذه الجريمة اعد لها في اطار السياق العام للصراع اللبناني ـ اللبناني، واللبناني ـ الاقليمي. والجزء الاقليمي فيها يطغى على الجزء اللبناني وبالتالي، ان الجهة التي لا تخاف من ان تكون معروفة وأنها تقف وراء الجريمة، ليس لديها مانع من أن تطلِّق مرحلة الاستقرار التي ينعم بها لبنان وتضع حداً لها، على الرغم مما يشوب هذه المرحلة من ممارسات سياسية وأمنية لكنها بقيت مقبولة في لبنان ومتفقاً حولها من كافة الأطراف، وباركتها الدول الكبرى.
انما السؤال الذي يفرض نفسه، هو هل ان من خطط للجريمة كان يعتقد ان موضوع الاغتيال يمكن احتواؤه من كافة الأطراف اللبنانية عبر الكلام الاحتوائي الذي صدر عن جهات لبنانية لا سيما ذلك الذي اوحى انها ام الصبي وحيث تم وصف الاغتيال بالجريمة التي تهدد الاستقرار، وضرورة معرفة مرتكبيها، على ان يكون هناك تقطيع لمرحلة الغليان نتيجة الاغتيال بهذا الاسلوب من التعاطي مع المسألة، ومن ثم الرد باسلوب آخر بعد ان تكون الأمور هدأت. ولاحظت الأوساط، ان اسلوب الرد من افرقاء الثامن من آذار جرى بالطريقة الاحتوائية.
ثم هل يعتقد من هو او هم، وراء الاغتيال، ان بالامكان احتواء كل ردود الفعل التي قامت نتيجة الاغتيال، والاضرار، لان نتيجة ما حصل تستأهل تحمل تداعياتها السياسية. وفي المواقف، يمكن تحملها واعتبارها بسيطة وطبيعية. فاغتيال الحسن سواء بما يمثل في الصراع، وفي ما يتصل بمهامه الأمنية المهمة والمركزية والاساسية، فان دوره اعلى مرتبة من مهامه الوظيفية اللبنانية البحتة.
ذلك ان دوره في الصراع كبير ان كان على مستوى البلد، او على المستوى الاقليمي. ومن وقّع الجريمة، يُعرف بموقفه من الحسن سلفاً وقبل ان يغتاله يوم الجمعة. واغتاله لينقل الوضع اللبناني الى مرحلة جديدة من الصراع. انها خطة موضوعة منذ زمن أمكن تحقيقها وتنفيذها الآن، لأنها تحتسب على قاعدة ما الذي يخلّفه الصراع بعد هذا الاغتيال. وفي اعتقاد الأوساط، ان الانتقام يأتي في سياق الاصابات التفصيلية في المسار الكبير حيث من مرتكزاته التسديد له مثلما يسدد به ضد الخصم، انها خطة موضوعة بصرف النظر عن التفاصيل، ان العملية هي الانتقال من سياسة الوقاية من التفجير، نتيجة المأزق الذي وصل إليه من خطط للاغتيال، أي الانتقال من مرحلة عدم التعلق بالاستقرار لانه لم يعد مفيداً.
في سياق الصراع، الأطراف اللبنانيون الذين يحتوون الاغتيال لامتصاص التصعيد، من الجانب المقابل، يعتقدون انها صيد ثمين يتخطى عملية الامتصاص هذه.
في السنوات الماضية كانت الدول الكبرى كلما شعرت بأن اهتزازاً للاستقرار اللبناني أو تهديداً له يحصلان، تحاول ضبط الأمور عبر الطلب إلى سوريا التأثير في ذلك.
الآن النظام يعاني من المقاطعة الدولية. انها فرضية يبدو ان النظام السوري بحاجة إليها الآن مجدداً، حيث كان الاستقرار اللبناني محور الحديث الدولي معه. انها فرضية لعودة البحث الدولي معه عبر بوابة الاستقرار اللبناني.
ولا تُسقط الأوساط من حساباتها احتمالين على مستوى التعامل الدولي مع تداعيات الأزمة السورية على لبنان.
الأول: والذي لا يزال يصرّ على التهدئة لكي لا توصل إي جهة خارجية اللبنانيين إلى ما تريد هي من الخراب والدمار. ولوحظ ان ردود الفعل الدولية حول اغتيال الحسن جاءت لتصب في هذا الإطار. وهي قبل اغتياله حذّرت مراراً من انغماس لبنان في المشكلة السورية ومن انتشار هذه المشكلة في الدول المحيطة بسوريا.
والثاني: هل فعلاً تم حسم الرغبة الدولية في الموضوع اللبناني أم لا؟ وذلك لناحية إمكان ان يكون المطلوب توسيع المواجهة ودخول كل الملفات في المنطقة معاً إلى طاولة النقاش والتفاوض المستقبلي الدولي الإقليمي. والملفات المطروحة هي لبنان، العراق، حجم كل من تركيا وإيران، فضلاً عن مستقبل سوريا، ان كانت موحدة أم لا. وأي حسم يحتاج إما إلى لبنان غير مستقر ان كانت الرغبة الدولية تريد طرح الملفات سوية. واما إلى لبنان مستقر، ان كانت الرغبة الدولية تضغط في اتجاه الاستمرار في ان ينأى بنفسه وبملفه عن الصراع السوري وفي المنطقة. مصلحة النظام السوري هي في توسيع المواجهة ودخول كل الملفات سوية إلى التفاوض.
كما انها سياسة مفيدة لـحزب الله وإيران.
وإيران لم تقبل حتى الآن الدخول في التسوية في سوريا. وهذا الموقف له أبعاده.
إيران لديها العراق، كما لديها تحالف مع سوريا ولديها امتداد إلى البحر المتوسط عبر وجود حزب الله. وهي تقبل بالتفاوض حول سوريا إذا ما حُفظ دورها الإقليمي، وهي بالتالي تحتاج إلى النقاش والتفاوض لمصلحتها هذه.
وواشنطن لا تزال تقول لطهران، ساهمي في التغيير في سوريا، وأي وضع سوري جديد ستتذكر فيه سوريا الجديدة ان إيران كانت داعمة للنظام، وهي كانت أخذت العراق من الولايات المتحدة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00