8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

هل تزيل زيارة بوتين لتركيا الأجواء الملبّدة سورياً؟

أرخى الوضع السوري بظلاله على العلاقات الروسية التركية، الأمر الذي جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرجئ زيارته لأنقرة من 15 تشرين الأول الجاري إلى الثالث من تشرين الثاني المقبل.
مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو، أشارت إلى أنّ قنوات الاتصال بين الطرفين ليست قويّة في المرحلة الراهنة، بفعل تضارب وجهات النظر حيال الأزمة السورية. لكن عندما تتم الزيارة ستكون فرصة لتوضيح المواقف، وإزالة بعض الأجواء الملبّدة في العلاقات الثنائية. ولدى روسيا رغبة في تبادل وجهات النظر مع تركيا في ضوء توجّس الروس من العديد من المواقف التركية. كما أنّ هناك عدم فهم للموقف التركي في روسيا واستغراباً له، لكن في كل الأحوال، إنّ مدى التوتّر غير واضح، ذلك أنّ العلاقات متجذّرة في التاريخ، من النواحي السياسية والاقتصادية. إذ أنّ هناك تبادلاً ضخماً في التجارة يقدّر بـ35 بليون دولار في 2012، وقد زاد هذا الحجم عن السنة الماضية بنسبة 13 في المئة. وهناك استثمارات تركية روسية متبادلة تقدّر بـ7 بلايين دولار. ما يعني قوّة العلاقة الاقتصادية يُضاف إليها عدد السيّاح الروس في تركيا والذي يبلغ سنويا 3,5 ملايين سائح. ثم التعاون في نقل الطاقة من غاز ونفط، ما يشكّل جزءاً أساسياً من التعاون الاقتصادي. كل ذلك للقول إنّه ليس لدى تركيا وروسيا على حد سواء مصلحة في تردّي العلاقة السياسية.
وتدرك موسكو، وفقاً للمصادر، أنّ تركيا تتعرّض لضغوط من جملة الضغوط التي تتعرّض لها دول الجوار لسوريا. لكنها في الوقت ذاته ستعبّر لتركيا انها هي بدورها تتعرّض لضغوط من أطراف من أجل النظام السوري، إنّما في نظر موسكو ان تركيا بطريقة ما، تحاول أن تستفزّ سوريا للردّ، بحسب ما تراه موسكو. أي أنّ الموقف التركي هدفه جرّ حلف شمال الأطلسي الناتو إلى مواجهة مفتوحة مع سوريا، ويتيح تدخّله في سوريا، من أجل حل الأزمة السورية بالقوّة أي عبر إسقاط النظام. هذا هو مبرّر ما تسمّيه موسكو الاستفزازات التركية سواء عن طريق قصف سوريا، أو احتجاز الطائرة ومنع الطيران التركي للطائرات السورية من الاقتراب من الحدود، وصولاً إلى وقف الرحلات السورية للمدنيين عبر الجو التركي، مروراً بمنع الطيران السوري من قصف مناطق للمعارضة. وتعتبر روسيا أنّ تركيا تجرّ الناتو إلى التدخّل حتى لو كانت تركيا أرضاً أو مدخلاً لتوجيه ضربة لسوريا. في حين أنّه إذا ما حصلت مواجهة مفتوحة، ليس من السهل حصر نتائجها. مع أنّ مصادر غربية تؤكد ان لا حرب بين تركيا وسوريا، لأنّه ليس هناك جهوزية من أي طرف للدخول بهكذا خيار. والحرب مكلفة على كل الأطراف، لأنّه لا يمكن معرفة كيف تنتهي إذا ما بدأت، فضلاً عن أنّ للدول كافة مصالح اقتصادية لا يمكن الاستهانة بها وتعريضها للمخاطر. فهناك 80 مليون نسمة في تركيا، و30 مليوناً في سوريا، والمنطقة كلها تغلي بما فيها العراق وإيران، وليس من مستفيد حالياً إذا ما اندلعت الحرب.
تركيا وروسيا لطالما اتسمت علاقتهما بأنّهما حليفتان استراتيجيتان، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان زار روسيا منذ نحو 4 أشهر، وثمّة تشاور سياسي قائم على الرغم من وجهات النظر المتفاوتة حول وضع سوريا. فالروسي يعبّر للتركي عن أنّه ليست أنقرة هي مَن تغيّر في سوريا، والتركي يقول له إنّ النظام ارتكب ويرتكب ويلات ومجازر لا يجوز استمرارها، ويجيبه الروسي أنّ موسكو مع قرار الشعب عبر الانتخابات، هذا وفقاً للمصادر القريبة من موسكو والتي تعتبر أنّ الموقف الروسي بدعم الرئيس السوري بشار الأسد موقف حاسم ونهائي لا رجوع عنه، وبات جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الروسية. والموقف الروسي هو بمثابة كسر عظم مع المجتمع الدولي بحيث أبلغت موسكو كل الساعين للحل أنّها توقف تدخلها إذا ما أوقفت كل الأطراف ذلك، وتعتبر موسكو أنّ المعارضة تتلقى السلاح من الخارج وهذا ما يسبب تأزيماً للوضع، فضلاً عن انه يفاقم التطرّف والإرهاب.
وتؤيّد روسيا الاستمرار في مهمّة الموفد الدولي والعربي الاخضر الابراهيمي، كما تؤيد الحوار الداخلي في سوريا قبل تنحّي الاسد، وأنّ شعوب المنطقة أدرى بمصالحها، ولا يجب أن يكون هناك تدخّل خارجي والانطلاق من وثيقة جنيف في الحل مع القرارين 2041 و2042.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00