ثمة انطباع لدى ديبلوماسيين كبار عاملين في بيروت، ان الحكومة اللبنانية مستمرة في المرحلة الراهنة في مهمتها، تماماً مثلما يعتبر رئيسها نجيب ميقاتي.
ويعود هذا الانطباع، إلى ان طرفي 14 و8 آذار يستفيدان من الحكومة وان بطريقة متفاوتة ومختلفة.
14 آذار لإظهار مدى التقصير في الانتاجية، حيث يرتكز الانطباع على انه من الأفضل عدم مشاركة هذا الفريق فيها في ظل الوضع السوري الحالي. و14 آذار في الأساس رفضت تلك المشاركة. واستفادت 8 آذار منها، لانها تمثل القرار والسلطة بالنسبة إلى هذا الفريق.
لكن الديبلوماسيين يعتبرون ان أي حكومة تصريف أعمال ليست في مصلحة لبنان.الأمر الذي يجعل المجتمع الدولي مؤيداً، لاستمرارية هذه الحكومة، انطلاقاً من انه يرى انها متمسكة باستقرار لبنان وهذا مهم جداً في هذه المرحلة. كما يرى ان الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان، ونبيه بري ونجيب ميقاتي، يتخذون مواقف شجاعة جداً حيال التعاطي مع الوضعين الإقليمي والمحلي.
على ان أوساطاً واسعة الاطلاع، أكدت، ان هناك عائقاً حقيقياً أمام دور الحكومة، إلا وهو البطء في العلاقات العربية معها، على خلفية الوضع السوري وموقف لبنان إزاء هذا الموضوع.ولم يصل البطء إلى إقفال مسارات التشاور والزيارات تماماً، لانه يبدو ان هناك تفهماً لسياستها يُعبّر عنه في اللقاءات الجانبية، كما حصل خلال اللقاءات الجانبية التي عقدت على هامش القمّة الإسلامية في مكة المكرمة. انما في العلن هناك تباطؤ في اندفاعة العلاقات.
هذا الواقع يختلف عما هي عليه العلاقات الدولية أي من جانب الولايات المتحدة وأوروبا مع الحكومة. وهذه الأطراف تجاوزت اعتراضها على طريقة تشكيل الحكومة وملاحظاتها على تركيبتها، لتركز على حماية استقرار لبنان، وحيث ان المطلوب ان يبقى وضع لبنان مستقراً، وان لا يستورد الوضع السوري إليه. العرب يريدون من لبنان ان يأخذ الموقف نفسه الذي يتخذونه بدورهم حيال الموضوع السوري. لكن النقطة المشتركة بينهم وبين الغرب في التعامل مع الوضع اللبناني، هي ضرورة الحفاظ على الاستقرار، لكن الطريقة تختلف. إذ ان الحكومة في سياستها النأي بالنفس تعتقد أنها سبيل للحفاظ على الاستقرار. وهذا ما أيّدته الدول الغربية كافة واقتنعت به.انما الحكومة لا ترى ان اتخاذها أي موقف مناهض للنظام السوري على غرار أغلبية المواقف العربية، يؤدي الى الاستقرار، بل تعتقد انه يؤدي إلى تقسيم البلد بشكل كبير ويؤدي إلى فتنة، ويخلق شرخاً، وإذا كان هناك من تفهم عربي خلال اللقاءات الجانبية، يؤمل ترجمته من خلال انطلاقة العلاقات، لان الحكومة تطلب تفهم ضرورة الحفاظ على الاستقرار.في حين ان الولايات المتحدة والدول الأوروبية تترجم هذا التفهم، ولم يحصل إشكال سياسي على الموضوع، أو إقفال للأبواب أمام الحكومة.
وهناك سببان وراء استمرار هذه الحكومة بحسب المصادر: الأول، القناعة لدى أركان الحكم ان أي تغيير حكومي قد يؤدي إلى فراغ، بسبب عدم التوافق، ما يؤدي إلى مزيد من الخراب والتفكك. والثاني، وجود قناعة لدى الأطراف المشاركة في الحكومة حول ضرورة تقديم تنازلات متبادلة لتفعيل العمل الحكومي وتقديم حد من النجاح. وأي نجاح تحققه هو نجاح لكل التركيبة ولكل الأطراف المشاركة. ومن مصلحتهم ان تستمر. ولعل التوافق حول التشدد الأمني وعدم جلب المشكلة السورية إلى الداخل، وضبط أي مخلّ بالأمن مهما كانت انتماءاته، هو أحد المؤشرات في الحفاظ على حد معين من التوافق الحكومي. مع ان التشدد الأمني كان بأوامر صريحة من رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى الجيش اللبناني، ولم تكن الأجواء في الحكومة بعيدة عن ذلك. فمن مصلحة الجميع انضباط الأمن، وهذا ما يصب أيضاً في إطار التوجه الدولي العربي حيال المسار اللبناني في هذه المرحلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.