تزامنت التهديدات الإسرائيلية الأخيرة بتوجيه ضربة إلى إيران، مع تهديدات إسرائيلية للبنان بالرد على أي استهداف ينطلق من أراضيه من دون التمييز بين مؤسسات الدولة وحزب الله، فهل هذه التهديدات جدية، وهل تبلغ لبنان أي معطيات في هذا المجال؟
تفرق مصادر ديبلوماسية غربية، بين التهديدات لإيران وتلك المعني بها لبنان أو حزب الله. وتؤكد أن الإدارة الأميركية تقول إن التهديد الإسرائيلي بتوجيه ضربة ضد إيران، هي تهديدات جدية.
لكن الولايات المتحدة تنأى بنفسها عن أي قرار إسرائيلي في حال اتخذ في هذا الشأن، والسبب يعود إلى أن أي قرار بالمشاركة أو الموافقة على مثل هذه الضربة يُقلق واشنطن بحزبيها الديموقراطي والجمهوري، لأن نتائج القرار ستنعكس سلباً على أي من الحزبين على أبواب الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستُجرى في 4 تشرين الثاني المقبل، أي بعد أقل من شهرين.
ويتعاظم القلق لدى الرئيس باراك أوباما من المشاركة في القيام بالضربة، لا سيما إذا حصلت في المرحلة الحاضرة الفاصلة عن الانتخابات.
لكن حصول أي ضربة مباشرة قبل الانتخابات لن يؤثر على النتائج. لكن الولايات المتحدة لن تتخذ أي قرار في شأن أي ضربة محتملة، لأنها لا توافق على الضربة خصوصاً إذا اتخذت إسرائيل القرار النهائي بالقيام بها. إنما لن تكون ضد إسرائيل في حال قامت بالضربة منفردة ومن دون مشاركة واشنطن. وتستطيع إسرائيل أن تقوم بالضربة وحيدة، لكن لا يمكنها إدارة كل النتائج التي ستنتج عنها لاحقاً، وهي تحتاج إلى الحلفاء الأميركيين والأوروبيين.
وتفيد المصادر، أن واشنطن باتت على قناعة تامة بأن التفاوض الدولي مع إيران حول برنامجها النووي هو بمثابة تقطيع وقت، وبعد توقف تلك المفاوضات، فإن كل ما حصل أخيراً هو اتصال بين الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، وكبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي، هو اتصال هاتفي بينهما لتقدير حظوظ التقدم في حال معاودة التفاوض فقط.
أما بالنسبة إلى لبنان، فإن المصادر استبعدت قيام إسرائيل بعدوان على الرغم من تهديداتها، مشيرة إلى أن الملفين السوري والإيراني يشكلان أولوية دولية وليس أي ملف آخر.
إلا أن أوساطاً ديبلوماسية عربية بارزة، لفتت، إلى أنه من المبكر الحديث عن ضربة إسرائيلية لإيران، لأن إسرائيل لا يمكنها تحمل النتائج وحدها. كما أن إسرائيل لا يمكنها الاستغناء عن الولايات المتحدة لدى قيامها بالضربة، وثمة انتظار لنتائج الانتخابات الأميركية، لكي لا تجري الأمور ضد مصلحة أوباما. ولا تزال التهديدات الإسرائيلية تقع في خانة التهويل، لأن ضرب إيران عملية عسكرية ضخمة، وليس كحرب تموز 2006 على لبنان، ولا كضربة المفاعل النووي السوري أو العراقي. الكلام التهديدي موجه للضغط على الرأي العام الأميركي لا سيما قبل الانتخابات من جهة، وللحصول على وعود من الحزبين الديموقراطي والجمهوري بالموافقة على الضربة والمساعدة فيها، وتحتاج إسرائيل إلى ثمن لذلك في الانتخابات.
وتشير الأوساط إلى أن التهديدات ضد لبنان موجهة إلى الداخل اللبناني لخلق بلبلة سياسية ولثني الرأي العام عن التفكير بالرد على إسرائيل. وطالما أن الأمور لم تنجلِ في الموضوع السوري، لن يكون هناك حرب إسرائيلية ضد لبنان. وإذا ما تغيرت المعادلة في سوريا فإن الهلال الشيعي ينكسر، وعندها أي تطور يفترض التعامل معه وفقاً للمعطيات الواقعية.
ولبنان، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، لم يتبلغ من الدول أي إشارات أو أجواء تفيد عن احتمال اندلاع الحرب على الجبهة الجنوبية، أو عن قلق ما في هذا الشأن. كل ما يتبلغه من الدول هو القلق الكبير حيال موضوع الحدود اللبنانية السورية، وحيال ملف النازحين السوريين، وكيفية تنفيذ الإجراءات الإنسانية التي يتخذها لبنان إزاء اللاجئين السوريين فضلاً عن القلق حيال الخروق والقصف السوري الذي يطال الأراضي اللبنانية.
ولبنان يردّ في جوابه للدول، أنه يتجنب التورط في الأزمة السورية، وأن تتسرب هذه الأزمة إلى الداخل اللبناني، وأن سياسة الحكومة هي النأي بالنفس عن الوضع السوري. وقد حظيت تلك السياسة بارتياح دولي ولا تزال، ما يعني أن سوريا أولوية وليست التهديدات للبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.