تعقد جامعة الدول العربية دورتها الـ138 العادية يومي الخميس والجمعة المقبلين على مستوى وزراء الخارجية. وتسبقها الاجتماعات التحضيرية على مستوى الموظفين الكبار، في مبنى الجامعة في القاهرة. ويبقى الموضوع السوري الأبرز على جدول الأعمال، فيما تتجه الأنظار إلى الرئاسة اللبنانية لمجلس الجامعة، والتي تبدأ في هذه الدورة ولستة أشهر.
ويبدو بحسب مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، أن كل الاحتمالات واردة بالنسبة إلى تصعيد الموقف العربي حيال النظام السوري، على خلفية ما يحصل في سوريا. وبالتالي، فإنّ مسار التصعيد لن يتوقف وسيكون متوازياً وداعماً لأي تصعيد دولي. على أنّ اللجنة العربية الوزارية حول سوريا ستنعقد على هامش الاجتماعات التحضيرية للجامعة، وهي التي ستهيئ أي أفكار في هذا الشأن لكي يتبناها الوزراء ويحوّلوها الى مقررات، وما سيتم التوافق حوله في اللجنة سيمر في الاجتماع الوزاري، لأنّ القرارات تُطبخ في اللجنة، وتُرسَل إلى المجلس الوزاري. ولن تُعرض أي أفكار متصلة بالشأن السوري في اجتماع الموظفين الكبار، لكي يترك المجال للوزراء لاتخاذ ما يلزم.
ولبنان، وفقاً للمصادر، لن يواجه إحراجاً في ترؤسه لمجلس الجامعة بسبب الموضوع السوري واستمرار المسار العربي في التعاطي معه، وهذا يعود إلى سببين:
الأول، هو أنّ رئاسة المجلس مسألة إدارية شكلية أكثر مما هي مسألة متعلقة بصلاحيات أوسع، إذ إنّ الرئيس لا صلاحيات لديه لاقتراح مواضيع جديدة، أو لتوجيه النقاش في اتجاهات جديدة أو إضافة بنود أو تغيير أخرى إنما هي قضية إدارية، واستمرارية لتوالي مسؤوليتها من الدول العربية كافة، والأمانة العامة للجامعة، هي التي تحضر الملفات، وليس للرئاسة دور استثنائي لتغيير المسار أو إجراء تعديلات، وهذا وفقاً للآليات المتبعة في الجامعة، وليس لها التحضير للأجواء الخاصة بالقرارات عبر اتصالات مسبقة، كما ليس لديها حرية لطرح وتوجيه المواضيع ولا سلطة لها أيضاً. إنما السلطة في الأساس والموقع يمكن أن يُستمدا من قوة الموقع الأساسي، لكن ميثاق الجامعة لا يمنح الرئيس سلطات معينة.
والثاني، هو أن لبنان سينأى بنفسه لدى طرح أي أفكار أو مقررات متصلة بالوضع في سوريا، ولا يمكن للبنان التدخّل في أي مسار عربي مُتخّذ حول سوريا، والأمر بات في إطار تراكم في القرارات وشبه إجماع عربي أو شبه أكثرية مطلقة ما عدا نأي لبنان، وتحفظ العراق والجزائر والسودان على بعض البنود، ذلك أنه من دون سوريا هناك 21 دولة عربية ستحضر، غالبيتها موافقة على الإجراءات حيال النظام السوري.
أما في المواضيع الأخرى غير الموضوع السوري وعلى سبيل المثال، الموضوع الفلسطيني، وحيث ينتظر أن يطرح ما آل إليه طلب عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد نحو سنة على تقديم الطلب، فإنّ لبنان سيكون له موقف داعم لهذه العضوية. كما سيدعم البنود المتصلة بالموقف العربي من النزاع العربي الإسرائيلي، والجولان المحتل، فضلاً عن الأراضي اللبنانية المحتلة، وهي محور مشروع قرار لبناني سيُعرض على الدورة، وفيه الطلب إلى العرب دعم لبنان في تحرير أرضه، وتنفيذ القرار 1701، ورفض التوطين الفلسطيني، ودعم المبادرة العربية للسلام، ما يعني أنّ لبنان لن ينأى بنفسه عن البنود الأخرى على جدول أعمال الدورة، وسيتخذ المواقف اللبنانية الثابتة حيالها.
وذلك كله يوفر على لبنان إحراجات، لا سيما وأنّ نحو 19 دولة موافقة على المقررات المتصلة بسوريا، وبغير سوريا، وأنّه حتى لا يمكن لأي رئيس دولة تغييرها، لأنّ القرارات هي استمرارية، ولا مشكلة تواجه لبنان من ترؤسه لمجلس الجامعة.
ويتبين من ذلك كله، أنّ هذه هي حدود مواقف لبنان في ترؤسه لمجلس الجامعة، والضوابط التي وُضعت لذلك، في ظل حساسية التعامل مع المسألة السورية ودقّتها، وسط التصعيد العربي ضدّ النظام لارتكاباته ضدّ شعبه، ووسط إصرار لبنان على التعبير عن حرصه على سيادته واستقلاله وأراضيه وأمنه، في مجال الخروق السورية، ثم أنّ لبنان إذا ما تخلّى عن رئاسته يصبح الدور لليبيا حتماً.
لبنان في النهاية يتبع سياسة النأي بالنفس حيال المسألة السورية، فيما يبحث عن حلول أكثر مما يكون طرفاً في المسائل حيث تقتضي الحاجة، والوضع الآن ليس سهلاً ليكون لبنان طرفاً، على غرار ما حصل لدى رئاسة سابقة له. عندما كان هناك احتلال للعراق وحيث طلبت الدول الأوروبية الاعتراض العربي ورفض التدخل العسكري الأميركي في شؤون العراق خلافاً لمعظم مواقف الدول العربية. الآن في المبدأ لبنان مع لمّ الشمل وتلطيف الأمور أكثر من محاولة الوقوف في وجه المجموعة العربية أو لجنة الجامعة العربية، واتباع سياسة تصادمية تجاههما.
مع الإشارة إلى أن على جدول أعمال الجامعة 16 بنداً وهناك ملاحق.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.