في التاسع عشر من آب الجاري، تنتهي مدة عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، وفي 31 آب تنتهي ولاية منصب الموفد الدولي والعربي لحل الأزمة في سوريا، ما يعني ان الموفد كوفي أنان كان قدم استقالته الأسبوع الماضي قبل انتهاء ولاية المنصب الذي يشغله. ولا شك في أن الأيام المقبلة ستحسم مستقبل ومصير كل من منصب الموفد، والبعثة، وما اذا كان سيتم التمديد لهما، وشكل هذا التمديد وحيثياته.
وأفادت مصادر ديبلوماسية غربية، ان اتصالات ومشاورات دولية تجري لبلورة أرضية مشتركة تصلح لتكون تحضيرية لمشروع قرار يعرض على مجلس الأمن، اذا ما اتفق على التمديد لولاية البعثة شهراً إضافياً، على أنه لن يكون هناك تمديد لها، وفق صيغتها الحالية، لأن الولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا ترفض التمديد، من دون وقف لإطلاق النار، وهي تحمّل روسيا والصين مسؤولية استمرار القصف والقتل بسبب لجوئهما الى الفيتو في مجلس الأمن، كما أنهما لا تزالان تعتبران أن لا حل خارج خطة أنان.
وبالتالي، هناك إشكالية على مبدأ التمديد، وقد تؤدي المشاورات الى حلها، حيث لا يتم التجديد بحسب صيغتها الحالية، بل قد يتم تعزيزها، أو تحويلها الى مهمة سياسية، أو غير ذلك من الطروح. والتجديد في صيغتها قد يدفع الدول الغربية الثلاث الى استخدام الفيتو ضد أي مشروع قرار جديد حول ذلك، لأن القرار 2059 الذي جدّد لها في 20 تموز الماضي نص على أن التجديد هو لمرة أخيرة. كما أن أي تجديد وفق صيغة ثانية، يتطلب من الدولة المضيفة أي سوريا، الموافقة على طبيعة مهمتها الجديدة لكي تقبل بالتعاون معها.
وأمس اجتمعت في الأمم المتحدة، الدول المساهمة في البعثة. ولم يكن الاجتماع مخصصاً فقط لبحث الأمور المالية والمساهمة، إنما أيضاً الموقف من بقاء البعثة أو عدمه. وفي 16 آب سيعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات حول البعثة والوضع في سوريا. ومن الآن وحتى ذلك التاريخ ينتظر أن تتضح صورة الموقف الدولي مما يمكن عمله بالنسبة الى مصير البعثة، وتبعاً لذلك قد يطرح على الجلسة مشروع قرار يعكس اي توافق دولي على أرضية مشتركة لتحديد مصيرها، إذا ما حصل هذا التوافق.
وتؤكد المصادر، ان مهمة البعثة ليست مرتبطة بمهمة الموفد الدولي والعربي. والبعثة قامت وفق القرارين 2042 و2043، وجدد لها أخيراً بموجب القرار 2059 الصادر عن مجلس الأمن. أما الموفد فعيّنته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهناك مشاورات بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لاختيار بديل عن أنان وتمديد ولاية هذا المنصب التي تنتهي في 31 آب. مع الاشارة الى أن خطة النقاط الست، أي خطة أنان، تبناها القراران 2042 و2043.
وتقول المصادر، ان استقالة أنان هي اعتراف منه بالفشل، لكنها لن تؤثر عملياً على الأرض، لأن هناك انقساماً دولياً حول كيفية معالجة الوضع السوري، وانه تم الخلاف حول اعلان جنيف والانقسام حول تفسيره. والموفد الجديد الذي سيتم تعيينه خلفاً لأنان سيواجه هذا الانقسام الدولي، والانقسام على الأرض في سوريا. مع الإشارة الى أن الأزمة السورية في أحد أبرز جوانبها باتت صراعاً على مصالح دولية واقليمية بطريقة علنية ومكشوفة، ومن الصعب على أي موفد تحقيق نتائج.
وليس هناك من أسماء مطروحة بعد في النقاشات الدولية العربية حول خلف لأنان. لكن المصادر تذكر وجود إمكانية لتعيين أسماء شغلت مناصب دولية كبرى، مثل خافيير سولانا، وميغيل انخل موراتينوس ومحمد البرادعي، وماري روبنسون. وليس هناك من إجماع على اسم معين.
ورجحت المصادر، انه سيصار الى تمديد ما لبعثة المراقبين ولشهر واحد. ذلك أن الدول تقصد إبقاء الوضع السوري تحت مجهر مجلس الأمن ورقابته بحيث يجتمع شهرياً لمناقشته اذا ما مدد كل شهر للبعثة. ولذلك ليس هناك من تمديد لأكثر من ذلك، ما يجعل مراقبة المجلس ضاغطة من جهة، ومهمة المراقبين مطلوبة، أقله لتوثيق ما يحصل في سوريا في غياب الاعلام العربي والدولي عن الساحة. وعلى الأرض فإن الأطراف المتصارعة ستحدد مصير سوريا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.