تعرب الأمم المتحدة ووزارات الخارجية لدى كل من الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي عن ارتياحها ودعمها لخطوة نشر الجيش اللبناني على الحدود الشمالية مع سوريا. وهي تدين، كما دانت سابقاً، كل أنواع الخروقات السورية للحدود اللبنانية، وأعمال العنف، والقصف الذي طال قرى لبنانية وأوقع ضحايا وجرحى.
لكن المواقف الدولية لم تصل الى حد طرح موضوع الحدود على مجلس الأمن لاتخاذ موقف منه، لا سيما وأن كل هذه الجهات الدولية مستاءة مما يحصل على الحدود، وهي تتوقع أن يؤدي نشر الجيش الى حل لهذه المسألة وإلى عودة السلم والاستقرار على هذه الحدود.
لكن أوساطاً ديبلوماسية غربية بارزة تتوقف عند الأسباب التي تجعل الإرادة الدولية تقف عند هذا الحد في التعاطي مع موضوع الحدود اللبنانية السورية، وتفضيلها أن يتخذ لبنان إجراءاته الآيلة الى وقف أو تخفيف الخروقات أو الحد منها. وهذه الأسباب هي كالآتي:
- إن الدول تدين كل الهجمات على سيادة لبنان، ومنذ مدة عرض الاتحاد الأوروبي مساعدته للبنان في حال قرر معالجة موضوع الحدود مع سوريا. لكن لبنان لم يبلغ أي جهة دولية عن حاجته الى المساعدة في مثل هذا الأمر.
- إن المجتمع الدولي وفي ظل الموقف في سوريا والأزمة الراهنة لا يعتبر أن هناك شريكاً سورياً يمكن العمل معه لمعالجة الوضع على الحدود مع لبنان. ذلك أن هناك عزلاً دولياً للنظام السوري وليس من فرصة أو مجال للطلب إليه تسوية الموضوع، مع أن بيانات الإدانة الدولية للقصف على لبنان، تطلب من سوريا احترام سيادة لبنان. والدول تعتبر أنه في مسائل الحدود لا بد من وجود شريكين لمعالجة المسائل، والشريك السوري غير متوافر، ومن الصعب العمل على هذا الملف حالياً.
- هناك صعوبات تواجهها الدول الغربية في مجلس الأمن الدولي مع روسيا والصين، حيث هناك في سوريا مجازر يومياً، ولم يتم التمكن من طرح المسألة أمام مجلس الأمن لاتخاذ القرار اللازم. وبالتالي إن طرح مسألة الحدود اللبنانية السورية والقصف السوري على المدنيين سيواجه من جانب الدولتين بسلبية، وأي طرح لملف ثانٍ حول سوريا سيزيد الأمور في المجلس تعقيداً، ولن يتم الوصول الى الهدف المرجو. لذلك طرح الملف أمام المجلس غير منطقي في هذه المرحلة التي تمر بها الظروف الدولية حيال الوضع السوري.
- إن الأولويات الدولية أمام المجازر اليومية في سوريا والتي يجب استمرار التركيز عليها، هي تحويل الملف السوري ومهمة المراقبين الدوليين الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وتبعاً لذلك يأتي موضوع الحدود المهم بالنسبة الى الدول في المرتبة الثانية بعد أولوية الملف السوري، حيث يجب العمل لتحقيق سلطة انتقالية في سوريا وتحسين الوضع الأمني.
- في هذا الجو، وانتظار وضع سوري أفضل، تكمل الدول سياستها في شأن الدعوة الى احترام سيادة لبنان واستقلاله، وهو مبدأ أساسي وأحد الثوابت حيال لبنان، كما تدعو الى الابتعاد عن تأثيرات الموضوع السوري لتأمين استمرار الوضع المستقر.
الدول بحسب الأوساط، تعتبر قرار نشر الجيش ايجابياً على الرغم من تأخره، وعملياً رأت أنه كان هناك مشاكل متنوعة في البقاع وعلى الحدود، ولم يعد هناك من مشاكل في تلك المنطقة نتيجة نشر الجيش، ويتوقع أنه لن تكون هناك مشاكل في الشمال لهذا السبب أيضاً.
كما تدرك الدول جيداً، بحسب الأوساط، أن لبنان لن يلجأ الى تقديم شكوى الى مجلس الأمن ضد الخروقات السورية لسيادة لبنان والقصف على الأراضي اللبنانية والذي يطال المدنيين، وخطف لبنانيين من داخل الأراضي اللبنانية. إذ ليس هناك من قرار سياسي في هذا الشأن. كذلك إن اللجوء الى مجلس الأمن يتطلب في البداية عرض الموضوع على جامعة الدول العربية لاتخاذ موقف منه. لذلك يلجأ الى حماية أراضيه وشعبه بالإجراءات التي يمكن اتخاذها وأبرزها نشر الجيش على الحدود لضبط الأوضاع الشاذة والاعتداءات، إضافة الى ذلك ترى الدول أن التغيير في سوريا الذي يجب استمرار العمل عليه سيؤدي في النهاية الى تصويب أوضاع الحدود اللبنانية السورية وترسيمها أيضاً وفقاً للقرارات الدولية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.