في السابع من تموز المقبل، ينتهي العمل بخطة الموفد الدولي والعربي لحل الوضع في سوريا كوفي أنان. والتقويم الذي سيقدمه أنان الى مجلس الأمن، لا سيما عن الوضع الميداني، في نهاية الأشهر الثلاثة، سينعكس على تطوّر الموقف في المجلس وعلى إمكان العودة الى استصدار قرار جديد حول سوريا وتوجهات هذا القرار.
على أن أنان الذي زار نيويورك امس، سيزور واشنطن بعدها، بهدف إجراء مشاورات حول ما آل إليه تطبيق الخطة، والقدرة على تعزيزها، ودرس مصيرها، وما يمكن القيام به. هذا ما تؤكده مصادر ديبلوماسية غربية، وهي تشير الى أن الموقف الذي صدر اخيراً عن جامعة الدول العربية، عن تحويل خطة أنان الى الفصل السابع، من شأنه أن يساعد ويسرّع في تحقيق مثل هذا التوجه إذا كانت هناك رغبة دولية وفي مجلس الأمن، بتحويل هذه الخطة الى الفصل السابع. وأي موافقة عربية مسبقة حول الأمر، تعتبر رسالة واضحة الى كل من روسيا والصين بأن الموقف العربي يساند مثل هذا الطرح، لا سيما وأن الطرفين يطلبان دائماً أن يكون هناك موقف عربي وإقليمي مساعد لأي توجه دولي. ويوفر الموقف، بالتالي، غطاء عربياً في هذا الشأن، ويأتي انطلاقاً من تنسيق عربي دولي.
وثمة اتصالات أميركية وأوروبية بروسيا تنطلق من أن هناك ضرورة للقيام بخطوة ما في مجلس الأمن إذا بقي التصعيد الميداني قائماً من الآن وحتى انتهاء مهمة أنان، على أن يكون لدى المجلس حرية التعامل مع الملف تحت الفصل السابع، بعدما تم أخذ الغطاء العربي في هذا المجال. لكن المصادر لاحظت أن العرب لم يطلبوا استخدام القوة، بل الفصل السابع لتنفيذ الخطة.
وتفيد المصادر أن أي حل عسكري للوضع السوري ليس مطروحاً جدياً، وإن لم يكن مسحوباً من التداول نهائياً، لأن الحل السياسي ليس مطروحاً الى ما لا نهاية، وليس ممكناً أن يبقى الوضع على هذا النحو من دون عمل دولي ما، لأن استمرار التعامل مع الوضع السوري على هذا النحو الى ما لا نهاية، يفقد الأمم المتحدة صدقيتها. والأنظار متّجهة حالياً الى تقويم أنان أمام مجلس الأمن بعد نحو شهر من الآن، وفي ضوء ذلك يتحدد التحرك. وقد تحصل مستجدات ما الى ذلك الحين. كل العوامل تؤثر في المعطيات التي سياخذها المجلس في الاعتبار. الوضع السوري حالياً بدأ يُحرج الروس، لكن لم يصل الى الحد الذي يجعلهم يعدّلون في موقفهم، وأن يوافقوا على أي طرح يطرحه الغرب. موسكو وافقت على بيانات صحفية عدة عن المجلس أخيراً حول سوريا، بسبب المجازر، لأنه يصعب القول لا حين تقع المجازر.
وأكدت المصادر أن ليس من جهة دولية تتوقع تحوّلاً سريعاً في الوضع السوري، لأن الأحداث مثلما تسير حالياً تحتاج الى وقت، والمرحلة الراهنة طويلة الأمد. وكل العوامل الخارجية تتضافر مع العوامل الداخلية، لتجعل رد الفعل الدولي بطيئاً حيال الوضع السوري وحيال ما يدفعه الشعب من أثمان باهظة لحماية ثورته.
والعوامل الخارجية تتجلّى أولاً، في الاهتمام الأميركي الذي ينصبّ حالياً على استحقاقات الانتخابات الرئاسية في 4 تشرين الثاني المقبل. وفي العموم الموضوع السوري ليس ضاغطاً على الوضع السياسي الأميركي أي من جانب الرأي العام، وهناك انقسام في الكونغرس حول سبل التعاطي معه، وليس مطروحاً بشكل يومي اتخاذ قرارات أميركية في شأنه. والانقسام ليس بين الديموقراطيين والجمهوريين حول تسليح المعارضة، واستعمال القوة، إنما داخل كل حزب يوجد موقفان، الأمر الذي لا يجعل الموضوع ضاغطاً من الكونغرس ومن الإدارة أيضاً لفعل شيء سريع.
فضلاً عن ذلك، ستترك الولايات المتحدة فرصة لوزير خارجيتها الجديد إثر الانتخابات، للتفكير في سبل مقاربة المسألة السورية، حيث لن تبقى هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، ويشار الى أن نائبة مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان، إليزابيت ديبل، ستتسلم منصب المساعد قريباً بعدما بات فيلتمان يشغل منصب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية. والوزير الجديد للخارجية المرتقب سيعمل لتعيين فريق عمل جديد، وكل ذلك يؤثر في صياغة القرارات.
ثم إن الولايات المتحدة تخفّف ارتباطها بالحروب، وهي انسحبت من العراق، ووضعت خطة للانسحاب من أفغانستان.
كل هذه العوامل تضاف الى عدم وجود مقومات لاستصدار قرار جديد عن مجلس الأمن، يفرض عقوبات أو يتيح التدخل العسكري. والتخوّف من أن يؤدي أي تدخّل عسكري في سوريا الى تفجير الوضع في العراق، وفي الأردن فضلاً عن وضع لبنان الحسّاس. وليس هناك من عودة الى الوراء دولياً، لكن هناك نقص في الخيارات الدولية أمام هذا الوضع المعقّد. والسوريون يدرسون رد الفعل الدولي حيال العمليات العسكرية، حيث يعتمد معدلات متوسطة في القتل، بشكل لا تتصاعد معها المواقف الدولية والضغوط بشكل دراماتيكي. وفي واشنطن يجري تقويم لمدى تأثر سوريا بالعقوبات، ويتبيّن أن هناك انعكاساً حقيقياً وانهياراً في الاقتصاد لا سيما بسبب الحظر على النفط، لكن العقوبات وحدها لن تؤدي الى التغيير الحاسم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.