في اعتقاد أوساط سياسية بارزة، أن الرئيس سعد الحريري كان واضحاً في البيان الذي أصدره بالنسبة إلى طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري فكرة انعقاد هيئة الحوار الوطني مجدداً في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لبحث موضوع طرابلس.
وتفيد الأوساط أن مثل هذا الحوار هو سعي لكسب الوقت، وأن وضع طرابلس لا يحتاج الى حوار بل الى قرار سياسي من الدولة. في حين أن هناك بنداً واحداً باقياً للحوار هو السلاح غير الشرعي، وأن ما طُرح هو جزئي وفرعي من موضوع السلاح غير الشرعي، وأنه يُفترض تنفيذ ما تقرر على طاولة الحوار حول السلاح غير الشرعي، وتبعاً لذلك إن تيار المستقبل هو وراء أي قرار من الحكومة في شأن سلاح طرابلس إذا ما تناول نزع هذا السلاح، مع الإشارة الى أن الحوار من الأساس كان ملهاة، وقراراته لم تنفذ، وأنه على الرغم من كل ذلك، لم يبادر الحريري الى الانسحاب من جلسات الحوار أو تعطيله. في كل الأحوال لا يعارض الحريري مبدأ الحوار، وإن الكرة الآن في ملعب الرئيس برّي حول ما إذا كان يعيد الحوار على هذا الأساس.
وأوضحت الأوساط أن تيار المستقبل يريد حلاً للسلاح غير الشرعي لكي يكون بإمرة الدولة، وأنه دائماً هو مع الحوار، ومن قاطعه في الأساس هو حزب الله ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي النائب ميشال عون، وهناك استعداد دائم للعودة اليه من النقطة التي توقف عندها، لا سيما أنه يتبين أن السلاح سبب كل المشاكل حيث تظهر بؤر أمنية، كما أنه سبب عدم الاستقرار والأعمال التخريبية.
وذكّرت الأوساط أن الحزب وعون هما اللذين رفضا الحوار ووضعا له شروطاً، ويجب الآن على أي حوار أن يبدأ من النقطة التي توقف عندها، وأن طرابلس هي فرع. والقضية ليست قضية طرابلس أو بيروت، إنما قضية السلاح غير الشرعي وعلى رأسه سلاح حزب الله الذي وجه الى صدور اللبنانيين.
وفي خلفية الطرح لدى الرئيس بري، استناداً الى مصادر نيابية قريبة منه أنه في اللقاءات التي يعقدها مع المقربين منه خلال المرحلة الماضية، كان يتحدث حول مدى أسفه من جراء توقف الحوار الوطني، كما أنه تحدث أخيراً أنه في مراحل التأزيم الداخلي، مثلما حصل في طرابلس، وفي كل اللحظات المشابهة، ثمة شعور لديه بأهمية الحوار الداخلي، وأنه على الرغم من أجواء البلبلة التي سادت جلسات الحوار الأخيرة قبل توقفها أصر على الحضور الى قصر بعبدا من أجل انعقادها، وكذلك أصر على أن تبقى هذه العملية السياسية قائمة، انطلاقاً من وجود قناعة لديه أنه لا يجوز أن يصل الأطراف اللبنانيون الى وقت لا يتحاورون به مع بعضهم ولا يتحدثون مع بعضهم، والآن المطلوب جهد ووعي لدقة المرحلة، ولاستعادة فرصة العودة الى التحاور معاً، آخذاً في الاعتبار أنه أي الرئيس بري هو الذي طرح وساهم في تحقيق فكرة الحوار الوطني في العام 2006، وهو الذي يؤمن في النهاية أنه لا مجال من دون حوار داخلي ولا سيما أنه إثر الأحداث اللبنانية الشهيرة أدرك اللبنانيون أهمية الحوار، وهم بعدما ساهموا في خراب بلدهم حينذاك على مدى سنوات طويلة، انتهوا الى طاولة حوار في الطائف، ولماذا أحياناً يتم المرور مجدداً في هذه التجربة المريرة إذ إن هناك مشكلة حقيقية تهدد الأمن والاستقرار أي الوضع في طرابلس، ومن المهم التحاور حوله، تمهيداً لفتح باب أوسع للحوار حول كل المسائل التي تهم اللبنانيين والتي ما زالت عالقة من دون حل.
ويستشف بري، وجود جو حواري خارجي من خلال انعقاد مؤتمر اسطنبول للحوار الدولي مع إيران الشهر الماضي، والذي سيتابع من خلال مؤتمر بغداد الأربعاء المقبل، وبالتالي هو يؤيد فكرة أن يسعى اللبنانيون للاستفادة من هكذا مناخ، بالتزام، مع الشعور بضرورات العودة الى الحوار لحل المسائل العالقة وفي مقدمها في الظرف الراهن الوضع في طرابلس.
وأكدت هذه المصادر ترحيب رئيس جبهة النضال الوطني النيابية النائب وليد جنبلاط، بالطرح الذي يعرضه بري الذي لديه أمل بأن يوافق الجميع على هذا الطرح، لأن ذلك يساهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار. ولفتت الى أن الحوار حول طرابلس قد يتطور لمعالجة ملفات أخرى، وقد يكون مدخلاً يهيئ لذلك، والخيارات كلها مطروحة لفتح الباب أمام مناقشة كل المواضيع وعلى الجميع العمل لفتح الأبواب المغلقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.