8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

جنبلاط لن يألوَ تحالفاً انتخابياً.. لحماية لبنان

ما هي خلفية المواقف الأخيرة التي اتخذها رئيس جبهة النضال الوطني النيابية النائب وليد جنبلاط؟ وما أهدافها، وانعكاساتها على مستقبل الوضع اللبناني، ومن ضمن ذلك على استحقاق الانتخابات النيابية في العام 2013؟
هدف النائب جنبلاط عند مشاركته في الحكومة الحالية الى الحفاظ على الاستقرار وحماية السلم الأهلي، بعدما كانت وصلت المواجهة في الداخل اللبناني الى مرحلة متقدمة. واستناداً الى مصادر موثوقة قريبة منه، فإن تفضيله عدم المواجهة مع حزب الله سببه أن أي مواجهة لن تأتي إلا بالضرر الكبير على وحدة اللبنانيين، وان الخلاف على موضوع الحزب وسلاحه، يمكن ايجاد مخرج له بتفسير المقاومة وطبيعة عملها في مواجهة إسرائيل، نظراً الى عدم وجود إمكانية لدى الدولة متمثلة بقواها الأمنية من المواجهة.
إنما في المرحلة الحالية، والتي نتجت أيضاً في أحد جوانبها عن الموضوع السوري، فإن ثمّة معطيات تشير الى أن هناك بوادر لقيام نظام في لبنان يشبه النظام الحالي في سوريا. وفي ذلك، يؤخذ بالاعتبار أداء عدد من رموز قوى 8 آذار وفي مقدمهم رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون في نظرية أنا أو لا أحد، وأنا لا أخطئ، وهي تشابه نظريات منتصف القرن الماضي، وهي التي أوصلت العالم الى حروب 9 أيار لدى الانتصار على الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية.
وبالتالي، يرى النائب جنبلاط، ان لبنان أمام تحدٍ كبير، بدأت معالمه بالظهور ومن أجل ذلك يتم التحضير لقانون انتخاب الغرض منه القضاء على كتلتين سياسيتين كبيرتين هما السّنة والدروز. أي لإضعاف الرئيس سعد الحريري من جهة، وجنبلاط من جهة ثانية. فتأتي الأكثرية كاملة في مرمى الأطراف الأخرى، وعند ذلك تقوم سلطة لا تقبل بأي شكل من الأشكال، التوافق ولا تؤمن بالتعددية، وتحاول تغيير طبيعة الواقع اللبناني الذي يمتاز بالتنوع والتعدد المفيد للوحدة وليس الذي يتناقض معها.
من هذا المنطلق، لدى النائب جنبلاط هواجس بالغة الخطورة حول ما يمكن أن ينتج من انتخابات عام 2013، والتي قد تكون كارثية على الصعيد الوطني اللبناني وتكون فيها قوة واحدة تحكم، والأطراف الأخرى تكون محكومة.
والنسبية في رأي النائب جنبلاط كلام حق يُراد به باطل، علماً أنها شكل من أشكال الحضارة في الانتخابات، لكن على أسس عدة مثل إلغاء الطائفية السياسية وقانون أحزاب يؤمّن انتاج أحزاب ذات طابع غير ديني وغير مذهبي. والأمر غير متوفر، بل ان المتوفر هو عكس ذلك، بحيث من غير المستطاع تأمين أحزاب مدنية توفر الانسجام بين أطياف الوطن كله.
إن قانون الانتخابات مهم، والانتخابات أهم. القانون لأنه يحدد طبيعة النتائج التي تحصل، والنتائج ستأتي بقوة واحدة متسلطة على بقية القوى وهي لا تؤمن بالتعددية والتوافق لأنها شمولية.
لذلك، وإضافة الى أهمية نتائج قانون الانتخابات، يعطي النائب جنيلاط، أهمية كبرى للحفاظ على نتائج ثورة الأرز التي حققت السيادة والحرية والاستقلال.
وإذا انتصرت القوة الواحدة فسيرتد ذلك سلباً على انتصارات ثورة الأرز وانتصارات عامي 2004 و2005، ويتم الاتيان بنمط آخر، مغاير للتنوع والتعددية والديموقراطية، ومن هنا أهمية قانون الانتخاب.
وللحفاظ على ما تحقق على المستوى الوطني عام 2005، لا بد من اصطفاف انتخابي جديد، من شأنه أولاً أن يحمي ما نتج عن ثورة الأرز، وثانياً أن يوفر أكثرية شعبية ديموقراطية انتخابية لا تمكّن المشروع الذي يعدّ له، من النجاح، وهذا يحمي مستقبل البلد، الأمر الذي لا يستبعد معه أن تكون كل الاحتمالات واردة في مجال تحالف جنبلاط انتخابياً مع قوى 14 آذار. وليس فقط مع هذه القوى، إنما أيضاً مع كل القوى التي تؤمن بالسيادة والاستقلال، وما نتج عن ثورة الأرز ومستقبل لبنان الديموقراطي، والتحالفات قد تكون أوسع لأن المواجهة أكبر وأوسع.
في اعتقاده، وبحسب المصادر الموثوقة، ان ذلك يمثل تحدياً كبيراً، والمهم العمل له ومواجهة المخاطر الناجمة عن تسونامي انتخابي يمكن أن يتم التحضير له في مكان ما في المرحلة الحاضرة.
ومثلما استطاع اللبنانيون حماية وطنهم في 2005 وتحقيق السيادة والاستقلال، يستطيعون الآن في ظل هذا التحدي، وسط اطلاق جرس الانذار هذا، تحقيق ذلك مجدداً. وصحيح أن هذا من مسؤولية الشعب، لكنه أيضاً من مسؤولية كل أحرار العالم والربيع العربي والمهتمين بهذا التوجه، لمناصرة هذه الكوكبة من اللبنانيين.
والتحالف الجنبلاطي مع 14 آذار، ليس متصلاً بعودة الى هذه الحركة. ان الأمر متصل بقضية أخطر تتعدى مسألة التحالف المباشر مع 14 آذار، لتركز على ما يواجه البلد من أخطار على مصيره وكيانه. والمسألة لا تعود الى مرحلة الـ2004 أو الـ2005 بقدر ما هي للحفاظ على ما نتج عنها، في ما يخص مستقبل لبنان الديموقراطي، ما يفرض خلق توجه عارم لهذه الغاية. وهناك اتصالات بين النائب جنبلاط وقوى 14 آذار، والتحالف الانتخابي معهم بات أكيداً وحتمياً، لكن قد تكون لديه تحالفات أخرى في هذا الاتجاه، اذ أن المواجهة أشمل والمخطط أخطر، والقضية ليست مسألة 14 آذار أو 8 آذار، أو غيرها. انما يسعى الى إيجاد حل بالتعاون مع القوى الديموقراطية، أي بالتعاون مع 14 آذار ومع غيرها. وهذا سيتجلى في الانتخابات وفي التعامل مع أي قانون يحمي البلد، ويحفظ الحريات والديموقراطية.
وهذا يحمل في أبعاده الذهاب الى استكمال الربيع اللبناني بدل الذهاب الى شتاء من نوع آخر، في البلد الذي كان شعبه ولا يزال في طليعة الشعوب التي حققت السيادة والديموقراطية والحرية.
وبالتالي هذا التحالف أعمق من تحالف انتخابي مع 14 آذار، انه تحالف مع لبنان الديموقراطية والتنوع والتعدد والمستقبل، ومع من يحافظ على هذا النمط من الحريات في لبنان وعدم تحويل لبنان الى دولة تشبه الأنماط الشمولية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00