تتجه الأنظار اليوم الى النتائج التي ستحملها الانتخابات الرئاسية في فرنسا، مع ان آخر استطلاعات الرأي اشارت الى فوز المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند، ومن بين هذه النتائج الانعكاسات على السياسة الخارجية لفرنسا، وسياستها تجاه الشرق الأوسط، ولبنان.
وتعتبر مصادر ديبلوماسية فرنسية، انه لن يكون هناك من فارق في السياسة الخارجية بين الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند الرئيس المتوقع، وليس هناك من تغيير لأن نوعاً من الاجماع داخل فرنسا حول السياسة الخارجية، وليس هناك من خلافات او مواضيع في صدد المواجهة بين الأطراف الفرنسيين في هذا الشأن والحملات الانتخابية التي تطال مواضيع السياسة الخارجية لان كل الأحزاب متوافقة حولها.
السياسة الفرنسية حيال لبنان ستستمر كما هي قائمة حالياً، اذا ما فاز هولاند، هناك دعم سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي للبنان، وستستكمل كل مشاريع التعاون.
وستجدد فرنسا في ظل عهده، دعمها لسيادة لبنان واستقلاله واستقراره، وهي ثوابت في السياسة الفرنسية في التعاطي مع لبنان. كما ان فرنسا ستجدد التزامها المشاركة في القوة الدولية العاملة في الجنوب اليونيفل، وهذا من ضمن القرارات العملية تجاه لبنان، بحيث ان دعم سيادته واستقلاله تأتي في سياق الدعم السياسي الفرنسي للبنان. وفرنسا ملتزمة بتشجيع لبنان على استكمال تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بأوضاعه. والسياسة الفرنسية حيال لبنان تغيرت في السنوات الثلاثين الأخيرة، لان الوضع اللبناني تغير.
وتلفت المصادر الى انه في عهد الاشتراكيين وحزب الاتحاد من اجل الوحدة الشعبية كانت السياسة الفرنسية ذاتها، ولم يكن هناك من فارق. فتشابهت في عهود كل من فرانسوا ميتران، وجاك شيراك، وأخيراً في عهد ساركوزي.
أما بالنسبة الى السياسة الفرنسية تجاه سوريا، فان هولاند سيكمل سياسة ساركوزي، وقد يكون اكثر تشدداً من ساركوزي حيالها، ففي حملته الانتخابية استعمل هولاند كلمات شديدة اللهجة بالنسبة الى وضع سوريا الى حد قوله انه لا يمانع بمشاركة فرنسا في عمل عسكري ضد النظام السوري، ويشكل الموضوع السوري احد اولويات مواضيع السياسة الخارجية.
بالنسبة الى اسرائيل، فمن الناحية التاريخية كان الاشتراكيون ولا يزالون قريبون من اسرائيل، ويهتمون لأمنها ومصالحها.
في مسألة التفاوض الدولي مع ايران، الاشتراكيون يقفون ضد البرنامج النووي الايراني، وهم مثل ساركوزي مقتنعون ان ايران تراوغ في قبولها التفاوض، وهي تقول بأن برنامجها لأغراض مدنية، لكنه لاغراض عسكرية، الا ان المصادر تتوقع امكان احداث تعديل طفيف في اسلوب التعامل مع ايران اذا ما فاز هولاند ليكون اسلوبا يتميز بالمرونة وتغييرا في اللغة دون تغيير الهدف، بعدما كان ساركوزي استعمل لغة متشددة حيال هذا الموضوع.
يختلف هولاند عن ساركوزي في رؤيته تجاه حلف الناتو. وهو ليس مقتنعاً بالقرارات التي اتخذها ساركوزي في هذا الصدد، اي دخولها هذا الحلف واندماجها التام فيه. لكن على الرغم من معارضته هذه، الا انه لن يراجع تلك القرارات، وسيدعمها دعماً كاملاً، لان الادارة الفرنسية اتخذت القرار حول هذا الاندماج.
وأولويات السياسة الخارجية لدى هولاند حيال المنطقة، هي سوريا، وعملية السلام في الشرق الأوسط، والوضع الاقتصادي في الدول الأقرب الى المتوسط، والوضع في تونس نظراً للقرب الجغرافي لفرنسا.
فرنسا على تنسيق تام مع واشنطن في سياستها الخارجية وستستمر في ذلك في حال فاز هولاند، على الرغم من بعض التمايز الموجود بين السياستين الاميركية والفرنسية. هولاند زار واشنطن اثناء حملته الانتخابية وهو على اتصال بالادارة الاميركية وبالحزب الديموقراطي، واذا ما انتخب الرئيس الاميركي باراك اوباما من جديد في الانتخابات الاميركية في 4 تشرين الثاني المقبل، سيكون هناك تنسيق حتمي. انها علاقة دولة الى دولة، يؤثر فيها عمل الادارتين، والعلاقات الشخصية بين رئيسي الجمهوريتين.
في الشرق الأوسط، ثمة ثوابت فرنسية، فباريس ضد الاستيطان، ومع دولة فلسطينية ذات سيادة وحدود 1967، قسم كبير حاليا من الشعب الفرنسي يؤيد الشعب الفلسطيني.
يفترض انتظار حكومة هولاند، وأول خطواتها تحديد رئيس الوزراء، ثم وزيري الخارجية والدفاع ووزير الشؤون الأوروبية، المطروح ان يكون رئيس الوزراء السابق ورئيس مجلس النواب سابقا لوران فابيوس وزيراً للخارجية في حكومة هولاند، كذلك من الاهمية بمكان فريق عمل الرئيس.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.