قصدت الادارة الأميركية إيفاد مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان الى بيروت، لكي تكون بالتزامن مع زيارة النائب الأول للرئيس الايراني محمد رضا رحيمي، في رسالة مباشرة الى القيادات اللبنانية كافة، والى سوريا وإيران، عن أن الولايات المتحدة لن تُخلي الساحة السياسية اللبنانية لإيران وحلفائها، وأن دورها في لبنان ثابت على الرغم من أن تطورات جديدة في المنطقة لها أولويتها نسبة الى أهميتها. لكن لبنان له موقعه الخاص، على الخارطة الاستراتيجية الأميركية، ولا يجوز أن تعتقد أي دولة ولا سيما إيران انها موجودة وحدها على ساحته.
وتنبثق أهمية وجود فيلتمان أثناء وجود رحيمي في بيروت، بالنسبة الى الادارة الأميركية، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية بارزة، من منطلق أن الصراع الأساسي لدى الولايات المتحدة في المنطقة هو مع إيران، وإن اي نقاط تُكسِب إيران في المنطقة نفوذاً إضافياً ستكون محور انزعاج أميركي.
وبالتالي، وجدت الادارة أنه يجب اعطاء فاعلية لدورها في لبنان، وكذلك لوجود سياستها على الساحة اللبنانية، مع الاشارة الى أن واشنطن لم تكن مرتاحة من الاتفاقيات التي ستوقع أو التي ستجدد بين لبنان وإيران. وكذلك ان الموضوع الايراني، أي الملف النووي، كان محور بحث خلال الزيارات التي قام بها فيلتمان للمسؤولين اللبنانيين، وللقيادات.
والمسألة السورية كانت أساسية في مباحثات فيلتمان في بيروت، وهو يعتبر أن لبنان لا يمكنه أن يفعل أكثر مما يقوم به لا سيما على صعيد اتباعه سياسة النأي بالنفس وهي أقل ضرراً من أن يكون هناك انغماس في ما يمليه النظام السوري. واستطلع المسؤول الأميركي ما تقدمه الحكومة الى النازحين السوريين في ظل اعتباره أنها مسألة انسانية، يجب أن يتساوى خلالها كل النازحين السوريين في منطقتي الشمال والبقاع.
وما يهم واشنطن هو تمكن لبنان من تمرير المرحلة السورية الراهنة بأقل الخسائر على لبنان سياسياً واقتصادياً، وذلك من خلال الحفاظ على الاستقرار، وهو الأمر الذي أعاد فيلتمان تأكيده مجدداً. كما انه كرر الموقف الأميركي بالنسبة الى ضرورة التزام لبنان بالعقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على النظام السوري، لا سيما القطاع المصرفي في ما يتصل بالعقوبات المالية.
وأهمية حفاظ لبنان على الاستقرار، تعود الى احتمال حصول تطورات سلبية في سوريا، ويجب عدم الافساح في المجال أمام أي محاولة لزج لبنان في حالة تخرجه من حالة السلم والأمن والاستقرار الى حالات أخرى.
وفهم من أوساط ديبلوماسية أخرى، ان واشنطن تعتبر ان النظام في سوريا سيستمر في ضعفه الى أن يتهاوى من تلقاء نفسه، وفي هذا الوقت تكون الإدارة قد مررت الانتخابات الأميركية الرئاسية في 4 تشرين الثاني المقبل، وفي ضوء التطورات في حينها يتم اتخاذ الموقف. على أن واشنطن مهتمة للوضع السوري وتقوم بكل ما تستطيع في مجلس الأمن على الرغم من مرحلة الاستعداد للانتخابات.
وفي اختصار تريد واشنطن من لبنان أن يبقى وضعه مستقراً، وأن لا يطوّر علاقاته بكل من إيران وسوريا.
وهدف فيلتمان من زيارته لبيروت استطلاع الظروف اللبنانية كافة، لكن من دون البحث في الاستحقاق الانتخابي النيابي سنة 2013. إذ أن في الولايات المتحدة استحقاقاً يسبقه وهو الانتخابات الرئاسية، وان الاهتمام الأميركي بالاستحقاق اللبناني أمامه الوقت الكافي بُعيد الاستحقاق الأميركي. مع الإشارة الى أن واشنطن تترقب أداء حركة 14 آذار في مرحلة التحضير للانتخابات التي هي مفصل أساسي بالنسبة الى هذه الحركة.
وترى واشنطن، بحسب المصادر، ان مواقف رئيس جبهة النضال الوطني النيابية النائب وليد جنبلاط، تغيرت في الآونة الأخيرة. على أن أوساطاً سياسية، أشارت الى أن للزعيم الدرزي والوطني بعض الملاحظات على المواقف الدولية وبعض المواقف العربية بالنسبة الى الوضع السوري، ودعم الشعب السوري. وثم إبداء هذه الملاحظات أمام فيلتمان.
وعبّر فيلتمان عن اهتمام بالوضع الداخلي اللبناني من خلال استماعه الى قيادات 14 آذار حول موقفها من الوضع الحكومي، وإدارة البلاد، والمخاوف التي تتملك اللبنانيين، وعبّر فيلتمان عن التزام بلاده بسيادة لبنان واستقلاله وتنفيذ القرارات الدولية، وهي سياسة ثابتة. كما جرت جولة أفق في مواكبة لأحداث المنطقة ولا سيما في سوريا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.