الهم المشترك بين الغرب وروسيا في المسألة السورية في الوقت الحاضر هو ضرورة الإسراع في نشر المراقبين الدوليين الـ300.
والسلطات السورية مسؤولة عن أمنهم لأنهم غير مزودين بالسلاح وهي المرة الأولى التي يتم فيها إرسال بعثة مراقبين من مجلس الأمن ليست مزودة بأسلحة للدفاع عن نفسها.
إلا أن الأنظار تتجه الى تقارير بعثة المراقبين كل 15 يوماً، والى انتهاء مدة التسعين يوماً المكلفة بها البعثة بمراقبة إنجاز وقف النار، والى جلسة مجلس الأمن في الخامس من أيار المقبل، ثم المرحلة الانتقالية وهي الحوار السياسي بين النظام والمعارضة. وأي خطر جدي ستتعرض له البعثة، قد يضطر المجلس الى سحبها، وذلك وفقاً لأوساط ديبلوماسية غربية.
وبالتالي مرحلة التسعين يوماً حاسمة فإما أن يتحسن الوضع أمنياً للانتقال الى المرحلة السياسية، وإما أن البعثة لا تنجح في مهمتها إن كان بسبب الخطر الذي تكون قد تعرضت إليه، أو بسبب عدم وقف النار في هذه الفترة. ولن تكون مهمة بعثة المراقبين سهلة، ولا موضوع التمديد لها سهلاً. وأي مخاطر تلف خطة الموفد الدولي والعربي كوفي أنان، سيضطر عندها مجلس الأمن الى استصدار قرار تحت الفصل السابع يتضمن فرض عقوبات. فالعقوبات المفروضة حتى الآن ليست عقوبات دولية عبر مجلس الأمن، إنما عقوبات أميركية ـ أوروبية ـ عربية متكاملة.
وتأمل الدول الغربية، أن تستصدر القرار في حال وصلت الأمور الى عدم نجاح خطة أنان بموافقة روسية وصينية. وتضع موسكو كل ثقلها لكي لا يتم الوصول الى هذه المرحلة، لأن الخطة هي الفرصة الأخيرة لأن أي قرار سيتضمن حماية المدنيين، الأمر الذي يؤكد أن الوضع السوري قد تم تدويله فعلياً، والجامعة العربية ستطلب من مجلس الأمن حماية المدنيين والمساءلة الجزائية لمرتكبي الجرائم ضدهم. ومن المرتقب أن يتم تضمينه أيضاً حظر الأسلحة الى النظام السوري، وهذا سيكون من ضمن العقوبات التي ستفرض في حال لم تطبّق خطة أنان.
وفي اعتقاد الأوساط، أنه يصعب على الروس عدم القبول باستصدار قرار جديد، لأن فشل خطة أنان سيحرجهم، ولهذا هناك تعويل على تعديل في موقف روسيا وتتبعها الصين، بعدما لمس الغرب تعديلاً روسياً في الفترة الأخيرة بنسبة 10 في المئة ليس أكثر. وتعتقد روسيا، بحسب أوساط قريبة منها، أن النظام غير قادر على فرض شروطه والمعارضة كذلك. وبالتالي يُفترض أن يجريا حواراً بعيد نشر المراقبين وإنجازهم مهمتهم. ونشر المراقبين هو أقل خسائر ممكنة واأن النظام يبقى في النهاية الطرف الأقوى. وصحيح أن الحكومة السورية تخرق وقف النار، لكن المعارضة بحسب هذه الأوساط هي مسؤولة ولديها عناصر إرهابية يمكنها تأجيج الأمور وتستفز السلطة. وروسيا هي مع النظام لآخر مرحلة. وتتهم فرنسا ومعها الغرب روسيا بأنها تعمل لتقسيم المعارضة من خلال استقبالها لمعارضة الداخل على مراحل لتحضهم على وقف النار، وتمنعها من توحيد أنفسهم. وتتمسك روسيا بدورها الحالي في مجلس الأمن بقبضة من حديد، وتمرر ما تريده وتمنع تمرير ما لا تريده. وفي روسيا لا يوجد ضغط من الرأي العام حيال الملف السوري على الرئيس فلاديمير بوتين الذي يرتاح لوضعه، لذلك يبقى موقفه حتى الآن على ما هو عليه، لكن الغرب يعول على أن موسكو يصعب عليها عدم القبول باللجوء الى قرار عقوبات إذا ما فشلت خطة أنان.
وأكدت الأوساط الغربية، أن أي عقوبات دولية ستؤثر على النظام. لكنها لن تسقطه حتماً. لكن لبنان في هذه الحالة سيكون عليه الالتزام بها كاملة وتطبيقها، ليس فقط كما يطبق العقوبات الأميركية والأوروبية حالياً، من حيث لا يزعج الأميركيين والأوروبيين في هذا الإطار.
وأي عقوبات على نقل السلاح الى النظام ستطال إيران والعراق، نظراً للدعم الذي يتلقاه، فضلاً عن الدعم المالي المباشر من هذين الطرفين، والذي ساهم في صمود النظام حتى الآن، بعدما كانت التقديرات الغربية تشير الى أنه بإمكانه الصمود حتى نهاية الـ2011 من جراء العقوبات المفروضة.
ومع كل ذلك يلزم 3 عناصر للتأثير في صموده، التحرك الدولي، والخيارات فيه ليست واسعة لأنه لن يكون إلا عبر غطاء شرعي من مجلس الأمن، وبسبب الموقف الروسي يتعذر ذلك حتى الآن. ثم انقسام فعلي وحقيقي في الجيش، ثم معارضة قوية وكاسحة على الأرض تطيح به. وبالنسبة الى روسيا، يمثل التغيير الفعلي في سوريا، تغييراً حقيقياً في المنطقة برمتها، لأن سوريا ليست كاليمن أو ليبيا أو مصر، كما أنه لم يبق لروسيا أي مكتسبات مالية ـ اقتصادية لا في العراق ولا في ليبيا، ولا في تونس. وهي تحتاج بسبب وضعها الاقتصادي الى الالتزامات والعقود والأموال وبيع الأسلحة. وقد يبقى النظام مدة طويلة إذا لم تغير روسيا موقفها ليصبح كالحلم المعزول في كوريا الشمالية برئاسة كيم يونغ ايل لكن من دون قنبلة نووية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.