من الصعب الحكم منذ الآن، على نجاح خطة الموفد الدولي والعربي لحل الأزمة في سوريا كوفي أنان، على الرغم من وقف إطلاق النار الذي تم الالتزام به، ولا تزال هناك خمسة بنود يُفترض الالتزام بها وفي مقدمها سحب المعدات العسكرية والعسكريين من الشارع، والسماح بالتظاهر السلمي، وهي قضية مفصلية في المسألة السورية.
على أن أي عودة بالوضع الى ما كان عليه قبل 12 نيسان، ستؤدي بالدول الكبرى الى اللجوء الى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يتضمن عقوبات، استناداً الى مصادر ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع. إلا أن هناك خطوات لا بد منها قبل العودة مجدداً الى المجلس، وضرورة النظر الى قواعد اللعبة. مع الاشارة الى أن كلاً من موسكو وبكين تتمسكان بموقفهما، لكن روسيا تقول بضرورة اعطاء أنان الوقت الكامل وبعد ذلك لكل حادث حديث.
الأمر الذي لم يتضح مع هذا الموقف الروسي، هو الى أي مدى يمكن إعطاء الوقت ومتى تعتبر مهمة أنان حققت نجاحاً، ومتى تُعتبر انها فشلت إذا ما عاد الوضع الى السابق، وما سبب فشلها أو نجاحها، وفي حالة الفشل، سيتم التقويم لدى كل طرف لما يراه ووفق الخط الذي ينتهجه. فالولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ستقوّمان خطة أنان ومدى الالتزام بها بصورة ما، ثم فرنسا وتركيا ستقوّمان ذلك بشكل ما، والايراني سيقوّم الوضع بطريقة أخرى.
وكذلك روسيا والصين. ومن الواضح أن ضغوطاً روسية وايرانية ساهمت في اعلان النظام وقف النار.
وعلى مستوى الجامعة العربية، من المقرر وفقاً لمصادر ديبلوماسية عربية بارزة، أن تدعو الجامعة كافة أطياف المعارضة السورية الى مصر سعياً الى توحيدها ومصالحتها، تنفيذاً لقرار سابق اتخذ بالتوحيد، ان في القمة العربية التي انعقدت في بغداد في 29 آذار الماضي، أو في اجتماع الجامعة على مستوى وزراء الخارجية في إطار الدورة 137 العادية في مطلع آذار. وكانت هذه الخطوة مؤجلة في المرحلة الأخيرة في انتظار ما ستؤول اليه خطة أنان. وإذا ما ظهرت بوادر نجاح الخطة، ستنطلق الجامعة في مسعاها.
وفي رأي أوساط ديبلوماسية أخرى، ان هناك ثلاث مسائل ستنعكس على الوضع السوري، وهي انتهاء المهلة التي حددها أنان، ونتائج زيارته طهران، والعودة الى التفاوض الدولي الايراني حول الملف النووي الايراني الذي يبدأ غداً السبت في اسطنبول، ومن ثم ينتقل الى بغداد.
وفي العودة الى هذا التفاوض، فإذا حصل تقارب غربي ايراني، من المتوقع ألا يكون الضغط حازماً على النظام السوري، وبالتالي قد يخف الضغط عنه الى حد ما. ذلك انه في الأساس المطلوب من سوريا، أن تنفصل عن إيران، وعندما يحصل تفاهم أو تقارب حول نقطة الخلاف مع إيران، من المتوقع أن يتم تعديل الضغط على سوريا، طالما حصل تفاهم مع إيران، أو طالما هناك ممر ومجال للحوار معها حول الحلول المحتملة، لا سيما وان تصريحات ايرانية ذات لهجة لينة صدرت في الآونة الأخيرة لتخفيف الضغوط عن ايران.
وأبرز هذه التصريحات تلك التي صدرت عن المرشد والتي عبّر فيها أن بلاده لا تفكر بالسلاح النووي، وأن هناك رغبة بالتخلي عن ذلك، وبخفض تخصيب لليورانيوم بنسبة 20 في المئة. وما من شك أن قبول ايران بالتفاوض في هذه المرحلة يهدف الى تخفيف الضغط عن سوريا.
وفضلاً عن هذه المسائل هناك، مسألة متصلة بالموقف الروسي في مجلس الأمن، بحيث أن الأمر سيؤثر فعلياً على اللجوء الدولي الى المجلس مجدداً وسط توقعين من الروس.
الأول استعداد روسي لاستخدام حق النقض الفيتو ولو للمرة الثالثة، لأن الغرب حتى الآن لم يقدم البديل للروس عن هواجسهم من سقوط النظام، ولم يطمئن الروس وكذلك الصينيين في هذا المجال، ولا يبدو أن الغرب مستعد لتقديم شيء في المقابل بسبب التردد. إذ عندما كان خاتمي رئيساً لإيران، اشترط الغرب عليه وقف تخصيب اليورانيوم، وكانت لديه مطالب مالية ورفع الحظر، وعدم تقديم الغرب له أي شيء من مطالبه، كان بالنسبة للأوساط، سبباً في مجيء الأكثر تشدداً في إيران، أي في وصول أحمدي نجاد الى السلطة.
أما التوقع الثاني فهو وجود أمل غربي دائم بأن روسيا ستعدل في موقفها، على الرغم من أن موقف موسكو غير مضمون. لكن هناك عملاً أميركياً دؤوباً مع روسيا في هذه المرحلة لتأمين تغيير في موقفها إذا ما طرح مشروع قرار في شأن سوريا على المجلس.
نتيجة العمل الأميركي لم تتبلور بعد لكن الغرب، وواشنطن تحديداً، لم يستنتجا بعد أنهما أمام أفق مقفل، إنما لا يزال الأخذ والرد قائماً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.