8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

العقوبات الأميركية ضد سوريا جدّية..والمطلوب زيادة تعاون لبنان

لم يكن متعمّداً وجود مسؤولَيْن أميركيَيْن اثنين في بيروت هذا الأسبوع، إنما جاء الأمر صدفة، وفقاً لأوساط ديبلوماسية غربية بارزة. الأول معاون مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية دايفيد كوهين. والثاني معاون الموفد الرئاسي لشؤون الشرق الأوسط فريدريك هوف. والاثنان أكدا في الوقت نفسه أهمية سيادة لبنان واستقلاله واستقراره.
كوهين هَدَف الى إبلاغ المسؤولين في لبنان رسالة واضحة، وهي ان على لبنان ان يتعاون في ما خص الالتزام بالعقوبات الدولية المفروضة على سوريا، وان يزيد من تعاونه، بحسب الأوساط، ما يعني انه بالنسبة الى الأميركيين هناك شيء ناقص، لكن قد لا يكون ذا شائبة من وجهة النظر اللبنانية. وقد زار كوهين لبنان في إطار جولة له في المنطقة، انطلاقاً من ان لبنان بلد محوري في ما خص الشأن السوري، وللتأكد من ان الالتزام اللبناني لا يزال واقعاً وقائماً، وضرورة التنبه وعدم نسيان الأمر، لكي لا يُلحق أي تجاهل له، الضرر بلبنان وقطاعاته خصوصاً المصرفية، وأن لا يكون ممراً لتهريب الأموال، وأهمية ان يلتزم لبنان بالعقوبات باستمرار. وذكر ان واشنطن والدول الغربية تتبع سياسة العقوبات على سوريا، حيث نبّه لبنان على ان هذه السياسة جدية للغاية، وأن العقوبات الاقتصادية والمالية على سوريا هي جزء من السياسة الأميركية حيالها. إلا ان هذه الرسائل الأميركية للبنان ليست بأسلوب قاسٍ لكن معناها هو الأهم، والذي يكمن بضرورة التنّبه والالتزام.
ويشار الى ان عدم التزام المصارف اللبنانية يعرّضها لوقف التعاملات الدولية معها، وهذا معروف من جانب أصحاب القطاع المصرفي، ولا يريدون الوصول إليه. ويشار أيضاً الى ان لبنان لا يريد الاصطدام مع المجتمع الدولي، في مسألة العقوبات على سوريا، لكنه في الوقت نفسه، لا يأخذ مواقف معلنة باستمرار ويعمم ما يتصل بالعقوبات، ولا يريد الترويج لها.
وتلفت الأوساط، الى ان هذه القضايا المالية تتابعها واشنطن بدقة. ولا تريد الولايات المتحدة ان يتم استخدام لبنان لتجنب العقوبات الدولية بصورة غير مباشرة. ولا يقتصر الوضع على ما يتصل بسوريا، انما أيضاً ما يتصل بإيران، وهو أمر أخطر من سوريا، لا سيما في ضوء وجود قرارات عن مجلس الأمن آخرها القرار 1929 في حزيران 2010، ولم تأخذ الحكومة اللبنانية موقفاً منه. وكذلك انه أمر أقسى لأن مجلس الأمن أصدر القرارات وليس فقط عقوبات صادرة عن الولايات المتحدة وأوروبا.
وأثار كوهين في بيروت، موضوع الدعوى القضائية المقامة في الولايات المتحدة ضد البنك اللبناني الكندي، وثمة انزعاج أميركي، بحسب الأوساط، من عدم تقديم لبنان المعطيات الكافية التي تطلبها السلطات القضائية الأميركية، ذلك ان القضية مرتبطة بشبكة تهريب كبيرة، وفي نظر واشنطن ان لبنان تأخر في إبلاغ المعلومات ولم يستجب بعد.
لكن في نظر لبنان إن الأمور تأخذ وقتاً. ومن غير الواضح ما إذا كان ذلك موقفا لبنانيا فعليا، أم ان إيفاد المعلومات يأخذ فعلاً وقتاً طويلاً.
أما بالنسبة الى زيارة هوف لبيروت الاثنين، فإن الأوساط أكدت ان هناك دوراً تسهيلياً تقوم به واشنطن في موضوع تحديد الحدود البحرية اللبنانية، وأن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي يمكنها ان تؤثر وتمون على إسرائيل، ومن المهم للبنان أن يبدأ بالاستفادة من ثروته النفطية والقيام ببعض الإجراءات التي يتطلبها ذلك.
وتأتي الزيارة، رداً على الاستعجال اللبناني وعلى الحماسة لإنجاز هذا الملف، في ضوء الدور الذي يقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري. والموقف الأميركي يدعو الى ان يبدأ لبنان بالتنقيب عن النفط في المنطقة التي لا خلاف حولها، على ان يتم العمل بالتزامن لحلحلة الموضوع على مراحل. والأفضل هو الحلحلة لأن المستثمرين سيضعون أموالهم ومعداتهم في المنطقة، ومن غير المفيد ان تلجأ بعض الأطراف الى تصعيد عسكري، لانعكاساته السلبية على المسألة.
لبنان يناقش موضوع الحدود البحرية مع قبرص، والولايات المتحدة تناقش الأمر مع اسرائيل. ومن أجل ان يتمكن لبنان من تعديل الاتفاقية مع قبرص، يجب ان تعدّل قبرص اتفاقيتها مع إسرائيل.
بري زار قبرص أخيراً، كما زارت وزيرة الخارجية القبرصية بيروت قبل نحو 10 أيام، وبالتالي تمكّن هوف من الاطلاع على ما آلت إليه المباحثات اللبنانية ـ القبرصية في الموضوع.
وتشير أوساط قريبة من الرئيس بري الى ان هوف حرص على التعاون والايجابية، بشكل ان كل بلد يفترض ان يأخذ حصته الحقيقية وحقوقه، وأن هناك جدية أميركية في التعامل مع الملف.
ويذكر أن هوف مسؤول عن هذا الموضوع في الإدارة الأميركية، وهو في الأساس يتولى الموضوعين اللبناني والسوري في سياق مهمته مع هيل الذي خلف جورج ميتشل موقتاً.
وعلى الرغم من الاستعدادات في الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية في بداية تشرين الثاني المقبل، فإن الاهتمام بالوضع اللبناني، والوضع في المنطقة، يحتل أولوية أميركية، في ظل ان الإدارة الديموقراطية وحزبها اختارا مرشحهما للانتخابات وهو الرئيس باراك أوباما، والإدارة مرتاحة لذلك، ثم ان موضوعي مكافحة الإرهاب المالي، ومساعدة لبنان في مجال حقوقه البحرية مسألة متوافق عليها بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00