أحال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على مجلس الأمن الدولي المراجعة الاستراتيجية للقوة الدولية العاملة في الجنوب بموجب القرار 1701 اليونيفيل. ولاحظت أوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع أن هذه المراجعة لم تطلب أو توصِ بخفض عديد القوة أو بتعديل مهمتها، خلافاً لما كانت الأجواء عليه عندما بدأت التحضيرات لهذه المراجعة قبل نحو 3 أشهر، لكنها خرجت بالدعوة الى تعزيز قدرات الجيش اللبناني ليتمكن من تنفيذ كامل مقتضيات القرار 1701.
وفي المراجعة التي أجريت بعد 5 سنوات على صدور القرار 1701، فإن هناك التزاماً من الطرفين اللبناني والإسرائيلي ببقاء هذه القوة. وسجلت المراجعة 3 أولويات استراتيجية في تحقيق ولايتها:
ـ إنجاز مقاربة شاملة وكاملة حول تطبيق القرار 1701 وأولوية أهداف الأمم المتحدة، وضمان تعاون كامل بين اليونيفيل ومكتب المنسق الخاص للأمين العام في بيروت وفريق الأمم المتحدة.
ـ انخراط حكومة لبنان في تنفيذ الـ1701 وزيادة انخراط الوزارات والمؤسسات اللبنانية الأمنية في جنوب لبنان.
ـ زيادة فاعلية الجيش اللبناني ليس في التأثير ولاستدامة السيطرة الأمنية لـاليونيفيل في منطقة عملياتها وفي المياه الإقليمية فحسب، إنما أيضاً كعنصر مفتاح في الدعم بالسير في اتجاه إقامة وقف إطلاق نار دائم.
وقسمت المراجعة الى محاور أربعة، ففي محور آلية الحوار الاستراتيجي، سجلت أن الجيش يلعب دوراً في المسؤوليات الأمنية في الجنوب والمنطقة البحرية وفي تحقيق وقف نار دائم، وأن اهتمام حكومة لبنان بـاليونيفيل قد ازداد وكذلك مكتب المنسق الخاص للأمين العام ووكالات الأمم المتحدة كافة. وتتطلب المراجعة قيادة سياسية للعملية إما عبر قيادة اليونيفيل أو قائد القوة.
وفي محور الربط والتنسيق، يجب تعزيز دور الربط والترتيبات الأمنية بين الأطراف لضمان عدم تدهور الوضع في حال حصول أي حادث. وتبرز أهمية التفاهمات المحلية بين الأطراف لتثبيت الاستقرار في الوضع على الخط الأزرق، وإزالة النقاط المحتملة للاحتكاك ومنع إمكان حصول حوادث في المستقبل.
ولحظ هذا المحور أهمية وجود تفاهمات لترسيم الخط الأزرق، أو تفاهم حول قواعد الاشتباك، أو ترتيبات أمنية في المناطق.
وفي محور الآلية الثلاثية، اعتبرت المراجعة أنها الأداة الأولية للارتباط الاستراتيجي والتنسيق بين اليونيفيل وكل الأطراف. وهي رصيد لكل طرف من أجل تخفيف التوتر وحل النزاعات بطريقة سلمية. ويجب أن تستمر الآلية الثلاثية بمرونة قدر الإمكان لمناقشة أكبر عدد من القضايا بناء على طلب الأطراف.
وفي محور النشاطات العملانية، هناك أهمية في هذه النشاطات لتطوير أهداف القرار 1701 وليس في مجال العدد. وتضمن هذا المحور وضع حرية حركة اليونيفيل وما تواجهه، وأهمية إقامة علاقات مع السكان المحليين، على مدى استراتيجي بعيد، وتعزيز قدرات اليونيفيل البشرية المحلية. وكذلك التركيز على التنسيق مع الجيش اللبناني، وعمليات القوة على الخط الأزرق.
ولاحظت المراجعة في المحور الأخير حول استكمال المهمة والتنسيق، أن اليونيفيل لا يمكن عزلها عن الطبيعة السياسية للقرار 1701 وكذلك عن الظروف الأمنية والعملية السياسية المعتمدة.
ما يعني أن المراجعة قدمت اقتراحات لتعزيز دور الدولة، والتنسيق مع الوكالات التابعة للأمم المتحدة، والحوار الاستراتيجي بين الجيش واليونيفيل، وأهمية الآلية الثلاثية من خلال اجتماعات الجيش واليونيفيل وإسرائيل.
وهذا التعزيز للوقائع الموجودة هو ما يريده لبنان، بحيث أبلغ الأمم المتحدة وكل الجهات المهتمة، أنه متمسك بالقرار 1701 ووجود القوة، وأنه لم يتم التوصل بعد الى وقف إطلاق النار، وطالما لم يتم الانتقال الى هذه المرحلة، يجب ألا تتغير مهمة اليونيفيل ولا عديدها. وهذا ما أخذت به المراجعة، وهو مهم جداً.
وتفيد الأوساط أن ثمة سبباً آخر عدا عن الأخذ بموقف لبنان، في ما خص عدم التوصية بأي تغييرات، وهو يعود الى الأخذ في الاعتبار الظروف الحالية السائدة في المنطقة، لا سيما منها الوضع السوري.
كل هذه الظروف أقنعت واضعي المراجعة، والأمم المتحدة، أنه يجب عدم التراجع في الدور أو العدد، لأن هناك تخوفاً من تداعيات أي خطوة لترك المنطقة ولو جزئياً، وضرورة الحفاظ على هذا الوجود كاملاً، منعاً لأن تقوم جهات أخرى بملء المكان، أو أن تبقى منطقة الخفض أو الانسحاب مكشوفة وخارجة عن السيطرة، الأمر الذي لا يناسب المجتمع الدولي.
وسيناقش مجلس الأمن هذه المراجعة في 21 الجاري لدى مناقشته تقرير الأمين العام حول تنفيذ الـ1701 وسيأخذ علماً بها من دون صدور أي موقف عنه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.