بعد خطوة السعي الى استصدار قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتجه الأنظار الى موضوع الطلب العربي الى مجلس الأمن ارسال قوات حفظ سلام عربية وغربية الى سوريا.
ذلك أن أوساطاً ديبلوماسية قريبة مما دار خلال الاجتماع الاستثنائي للجامعة العربية الأحد الماضي، تشير الى صعوبات وتعقيدات تعتري إمكان تنفيذ هكذا موضوع. وهذا القرار جاء من باب الضغط السياسي على النظام السوري، لا سيما وان العديد من الأصوات العربية داخل الاجتماع طالبت بحل قابل للتطبيق. لكن جزءاً مهماً من الدول الفاعلة تمسكت بضرورة إقرار هذا المطلب. روسيا الاتحادية أبلغت الأمين العام للجامعة نبيل العربي في سياق الاتصالات المكثفة بينهما، انها تعمل لإقناع السوريين بفكرة تفعيل دور المراقبين العرب وتغيير طبيعة مهمتهم، وتطعيمهم بجنسيات محددة، وليس استبدالهم بقوات حفظ سلام عربية دولية. وهذا الكلام وجده العربي جديداً ويحمل مؤشراً للتغيير. ويأتي التمسك بإقرار هذا المطلب في انتظار أن يستجد ظرف دولي يغيّر المواقف الدولية، وبانتظار أيضاً أن يحصل ظرف داخلي في سوريا يقلب الموازين. وصعوبات تنفيذ هذا القرار تعني أن هناك صعوبات في إيجاد الحل في سوريا يقرّ بها أكثر من طرف عربي وغربي، انها مرحلة قتال هذا هو عنوانها في ظل التعقيدات التي تواجه العمل على حل معين، وفي ظل صعوبة ارسال قوة دولية الى بلد يرفض استقبالها.
على أن مصادر ديبلوماسية أخرى، تلفت الى أن قرار ارسال قوات عربية دولية هو من ناحية تسجيل موقف، ورمي الكرة في الملعب الروسي. ومن ناحية ثانية، قد يكون تمهيداً لأن تعطي الجامعة العربية شرعية لأي قوة، في ظل وضع جديد هو أن المنظمات الاقليمية مثل الجامعة أو الاتحاد الافريقي، أو غيرها، بات لديها دور في عمليات حفظ السلام، سواء كانت عربية، أو عربية تركية. ويمكن أن يكون ذلك تمهيداً لخيار آخر، في إطار جولة جديدة في مجلس الأمن الدولي. وفي حال فشل المجلس، يتم اتخاذ قرار عربي بارسال القوة وإلا يتم التوقف عن فعل أي شيء في هذا الصدد.
والوقت يبدو أنه دقيق أمام العرب ولا سيما مع اقتراب الرئاسة العراقية للقمة العربية في نهاية آذار المقبل، فالعراق يقدم الدعم المالي والسياسي والعسكري للنظام السوري. ولن تكون الرئاسة العراقية على مستوى العنفوان القطري والهجمة القطرية في التعاطي مع الموضوع السوري. واستبعدت الأوساط المطلعة على اجتماع الجامعة، بالتالي، أن يراعي العراق الظرف العربي والموقف العربي، لأن مواقفه ستتأثر بإيران. على أن العراق، وفي الاجتماع الأخير للجامعة لم يتحفظ من أي فقرة من فقرات القرار العربي الذي صدر. في الاجتماعات العربية السابقة كان العراق، يتحفظ من المواقف العربية حيال سوريا. أما الآن ولأن لديه استضافة القمة العربية نهاية آذار، فلا يريد إزعاج الدول الخليجية لكي لا تتمثل في القمة على مستوى سفير فقط. والعراق يستعد لاستضافة القمة بكل جهوزية. لكن ما يريح الأغلبية العربية والدول الخليجية والمعارضة في سوريا هو ترؤس الكويت لمجلس الجامعة العربية بعد قطر، ما يوفر زخماً في الموقف السياسي لمعالجة الموضوع السوري.
في اجتماع الجامعة الأخير طرح مشروع قرار حول الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، لكن حصلت معارضة للاعتراف أبرزها من لبنان، والجزائر، وبدرجات أقل ومتفاوتة من تونس ومصر والعراق، الى أن تم سحب المشروع. طرح المشروع أساساً، وكان في نية رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية حمد بن جاسم آل ثاني، أن تعطي الجامعة صفة للمجلس السوري لكي تتمكن من دعوته الى مؤتمر تونس في 24 الجاري لـأصدقاء سوريا. لكن تم سحب المشروع والتوافق على دعوة المجلس الى تونس من دون بحث صفته. المؤتمر سيعبر عن الضغط السياسي على النظام، وعن الدعم الكامل للمعارضة من كل النواحي السياسية والمالية، كما يعبّر عن الاعتراف الضمني بالمجلس الوطني.
وكانت دول الخليج قد تحمست جداً للجوء الى الجمعية العامة، لكي تجعل روسيا تتحمل مسؤولية الفيتو الثاني في مجلس الأمن. وأقرّ هذا اللجوء بسرعة، وحملته الجامعة فوراً الى المجلس في اليوم نفسه، حيث التأمت المجموعة العربية حول الموضوع. المصادر الديبلوماسية تقول، انه عاجلاً أم آجلاً سيتغير الموقف الروسي، وهو بات محرجاً جداً على الرغم من الفيتو الذي تم اللجوء اليه.
الفيتو أحرج الروس، ويهدد مصالحهم مع واشنطن وأوروبا ومع الخليج بأسره.
وفي هذه الأثناء، يزداد العنف ضد المدنيين في سوريا كلما زادت الضغوط.
ويسعى النظام الى حسم الأمر على الأرض ليعمل لاحقاً على ترتيب وضعه على المستوى الديبلوماسي الدولي. هكذا يعتقد أنه قادر على ذلك، مع أنه لا يوقف العمليات ضد المدنيين لأنه يخاف من ازياد اعداد المتظاهرين في الشوارع والساحات. لكن المصادر لا تخاف من الرئاسة العراقية، لأنها تعتقد أن الأمور على الأرض في النهاية هي التي تفرض نفسها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.