8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

وثيقة جديدة لـ14 آذار: الانفتاح مع التمسك بالثوابت

تُعدّ قوى الرابع عشر من آذار لإصدار وثيقة سياسية، تعنى بالعلاقات مع الفريق الآخر، وبالعالم العربي، ولا تاريخ محدداً لصدورها، وفقاً لأوساط سياسية رفيعة المستوى في هذه القوى، لكن يؤمل منها أن تترجم الثوابت الوطنية، وان توفر آلية للانفتاح في العلاقات داخل الوطن، والاستفادة من المشتركات الوطنية، والسياسية، في ظل المتغيرات الحاصلة في المنطقة، وفي اطار ما يمكن لهذه القوى ان تقوم به او تقدمه للحفاظ على لبنان.
إذ انه مع سقوط مرحلة سابقة ثمة ادراك ان مرحلة جديدة قيد التكوين وان لم تأخذ بعد حيزها وموقعها، الأمر الذي يطرح ضرورة الاستفادة من كل الفرص وبشكل دائم لتثبيت مفهوم الدولة، والعيش المشترك بعد كل ما حصل بين اللبنانيين والذي شكل السلاح فيه أهم اسباب الفرقة. وهناك بالتالي تشديد على العيش معا حتى مع الذين استعملوا السلاح ضد اللبنانيين، لكن على أسس وقواعد اهمها الدولة. وكذلك بالتزامن مع التصدي لهذه الهجمة ضد فريق الرابع عشر من آذار، بكل شدة ولكن بالموضوعية والصدق وبالحماسة نفسها والاندفاعة نفسها لوقف الهجمة والانتقال الى الهجوم انما بأسلوب آخر وطريقة مختلفة.
ذلك ان 14 آذار ليست محكومة برد الفعل أو بالمبادرات فقط، وهي ليست المرة الاولى التي تكون فيها في المعارضة. انه جوهر النظام الديموقراطي، ويعطي الحيوية اللازمة في العمل السياسي.
الآن مطلوب التعاون والتنسيق والجهد اللازم لحمل قضية لبنان، هناك الكيدية والاستقواء والدروس التي يجب تعلمها، لكن لا تعتبر 14 آذار انها مقبلة على انتصار، إنما هي تريد أن تنتصر الدولة. وتبعاً لذلك يجب عدم الوقوع في نشوة الانتصار الذي وقع فيه الغير، ولا يمكن للبنان أن يحكم بهذه الطريقة، وكذلك لا يمكن لفريق أن يشعر بأنه مهزوم لأن ذلك يمهد لانقلاب آخر.
كل الطوائف حالياً هي في مأزق، الجميع مأزوم، والأحزاب الإسلامية في العالم العربي هي ابناء الفترة السابقة والطويلة من القمع، فكان ظهورها حالياً، لأن بقاءها حيث هي خطر على المجتمع، فانتقلت من المقعد الخلفي الى المقعد الامامي. انها عملية سياسية، والموقف العربي مما يحصل يعتبر استثنائياً، ولم يسبق أن اتخذ إلا في الموضوع الليبي، وهذا يختلف عن الموضوع السوري، ورد فعل الروس حيال الموضوع السوري ناتج عما حصل.
وفي سبيل تثبيت ارادة بناء الدولة تنطلق 14 آذار من انها صاحبة حق وقضية في ما يتصل بالقيم محور توجهاتها، وهي لبنان الديموقراطي والنظام الديموقراطي الذي يصلح نفسه بنفسه مع كل الكلفة والمساوئ، لكنها كلفة تبقى أقل بكثير من أي نظام آخر يستند الى الرجل الواحد والرأي الواحد، ما حصل في العالم العربي هو تغيير حقيقي وليس أمراً بسيطاً. لدى 14 آذار قضية وقيم، ولديها تجربة تتطلع إليها بكل موضوعية.
واستناداً إلى انها صاحبة قضية في مقدمها الحريات وتداول السلطة بشكل سلمي، هناك موضوع العلاقة بسوريا، بحيث جاء بيان المجلس الوطني السوري لينصف هذه القوى، التي ردّت عليه، وهو الأمر الذي يجب أن يكون نموذجاً للعلاقة بين أي دولتين عربيتين. ومن المظاهر المشرفة أيضاً وثائق الأزهر، التي تعطي صورة حقيقية عن الاسلام ضد مَن يحاول تشويهها، وهذا يعطي زخماً لما يمكن أن تكون عليه علاقات التنوع في المجتمعات.
لذا يشكل اتفاق الطائف نموذجاً متميزاً ينبغي أن تلعب هذه القوى دوراً لاعادة ابرازه وتفعيله، وما حصل ويحصل في العالم العربي، يُظهر كم ان المجتمعات العربية تتمتع بالحيوية، وتتحسس ان هناك مشكلة، وقدرة على التعافي. الأمر الذي يستلزم التفكير كيف يمكن ان تكتسب هذه الطاقة انتاجية أفضل.
وفي ظل ذلك تفيد الاوساط، ان التفكير يبرز ايضاً بآلية لحماية لبنان الدولة والشعب، ليس هناك من قنوات مقفلة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي الوقت نفسه ليست هناك قنوات مفتوحة مع حزب الله الذي يتهم 14 آذار بالخيانة، ولو ان كل اتهاماته تسقط واحدة تلو الاخرى. 14 آذار تمد اليد، وتحتضن الوضع اللبناني، لكن ليس على طريقة الحلف الرباعي، ولا على طريقة الأخ الأكبر. احتضان من دون التخلي عن الثوابت وعن منطق ارادة الدولة ونظام الحريات والديموقراطية وحقوق الانسان، هذا هو الانفتاح على الآخر، بالشدة في تحقيق الثوابت والثبات على المواقف، وليس بالصراخ ومد الاصبع والتهديد، إذ انها لا تقبل ان تعطي نموذجاً للاسلوب الذي انت تشتكي منه دائماً، أي اسلوب الغلبة والاستقواء. انها ليست دعوة الى الضعف، انما الى التمسك بالثوابت.
وفي هذا السياق، من الاهمية بمكان التواصل مع الشيعة الذين هم خارج اطار حزب الله وايران، والحوار مع هؤلاء بهدف تلافي اشعارهم بأنهم انتقلوا من حصار وجدوا فيه واحكمت القبضة عليهم ممن استولى على الطائفة، الى ان يكونوا ملحقاً لمجموعة سنّية.
وبالتالي، تكمن هنا اهمية النظر الى المشتركات بين العرب كعرب وبين اللبنانيين على تنوّع انتماءاتهم، اطار الدولة يصلح لأن يكون أحد أبرز المشتركات بين اللبنانيين، هذا كله بالتزامن مع عقلنة العقل السنّي، هناك وضع يجب أن نتطلع إليه بطريقة عاقلة للحفاظ على البلد ضد مَن يحاول أخذه الى فتنة. وليس لـ14 آذار رغبة أو قدرة او مصلحة في حمل السلاح ولا يجوز ذلك، وهي بالطبع ليست خائفة لتحمل السلاح، وان أخطر ما يمكن أن تعطيه من انطباع ان لديها سلاحاً والصحيح ليس كذلك.
وتبعاً لذلك، يفترض جعل الفريق الآخر يلاقي 14 آذار إلى الموقع المشترك وهي الدولة والانتماء العربي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00