لا يزال الجدل دائراً حول ما إذا كانت التشكيلات الديبلوماسية ستقر في جلسة قريبة لمجلس الوزراء، أم أن مصيرها هو التأجيل كما كانت تؤجل أيام وزيري الخارجية السابقين فوزي صلوخ وعلي الشامي.
هذا الجدل لم يمنع المراقبين من البحث في السبب الحقيقي وراء عجز عدد من الحكومات وعدد من الوزراء من إنجاز الترفيعات والتشكيلات، والتي أصبح إنجازها بإقرار جميع المعنيين، ليس فقط ضرورة بل حاجة ملحة، وان عدم إقرارها، لا يشكل فقط ضعفاً في الأداء الديبلوماسي، وإفراغاً لبعثات لبنان في الخارج، بل خطة لتفريغ العمل الديبلوماسي اللبناني من قدرته على أداء مهماته، التي تشمل تعزيز علاقات لبنان بالخارج، ورعاية مصالح اللبنانيين في دول الاغتراب.
وأسباب استمرار عدم إنجاز التشكيلات والترفيعات، وفقاً لما تتحدث عنه أوساط ديبلوماسية، هو في عودة العراقيل التي تواجهها بعدما كانت الأجواء تشير الى اقتراب عرضها على مجلس الوزراء، والى ان كل الأمور قد حلت. وهذه العراقيل تتجلى في المشكلة القديمة الجديدة، وهي الترفيعات والتصنيفات، الأمر الذي يؤشر الى ان التشكيلات والترفيعات مؤجلة الى حين ايجاد صيغة للالتفاف على قرار مجلس شورى الدولة. والأخير يقول إن الفئة الثالثة، والتي دخل المعنيون بها الى السلك الديبلوماسي في الأعوام 1996 و1998 و1999 يتقدمون على الفئة الثالثة والمعنيون بها الذين التحقوا بالسلك العام 2000 والذين كانوا موظفين في وزارة المغتربين عندما كانت منفصلة عن الخارجية. وهذا في حال طبّق قرار المجلس، سيصنف عدداً قليلاً من الملحقين الاغترابيين. والإرادة السياسية التي تقف وراء خيار تصنيف الذين جاءوا من المغتربين ترغب بإنجاز الصيغة، لكي تتمكن من اعتبارهم دخلوا السلك في دورة الـ1996، عندما دخلوا وزارة المغتربين من خلال مقابلة شفوية مع المدير العام للوزارة. وبذلك يتم تصنيفهم جميعاً وقبل المعنيين بالدورات الثلاث من الديبلوماسيين. وهناك رغبة لدى بعض الطبقة السياسية والجسم الديبلوماسي، تحسيناً للأداء وملء الفراغات، ان تتم التشكيلات والترفيعات في سلة واحدة ليتمكن من يصبح سفيراً ومن يصبح مستشاراً بعد الترفيع، من ان يعين في الخارج بهذه الرتبة. ومن الطبيعي ان تصدر التشكيلات والتصنيفات متلازمة، لانه من غير الممكن ان يعين أي ديبلوماسي في السفارة في الخارج، ومن ثم يتسلم قرار ترقيته الى رتبة أعلى لا سيما الى رتبة سفير.
وفي عتقاد الأوساط، ان التأجيل هو لايجاد صيغة لعدم تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة الذي يضع هؤلاء بمرتبة أعلى من دورة الـ2000 وبالتالي يمكن ترقيتهم الى رتبة سفير قبل زملائهم الديبلوماسيين لان ثمة اهتماماً من أطراف سياسية باعتبار الديبلوماسيين (من وزارة المغتربين) وكأنهم من دورة تسبق زملاءهم الديبلوماسيين (من الخارجية) ولو بأشهر معدودة لتتم ترقيتهم قبل زملائهم. مع الإشارة الى ان مجلس شورى الدولة، ومجلس الخدمة المدنية، أصدرا قرارات محكمة تعتبر دورة (المغتربين) سنة 2000 وليس 1996، لانها تحتسب الاقدمية في السلك الديبلوماسي من يوم الدخول الى السلك، وليس من يوم الدخول الى الخدمة العامة، كون السلك سلكاً مغلقاً، أي انه من أجل دخوله هناك حاجة الى فتح دورة خاصة، ولا يمكن الانتقال من سلك إداري الى آخر بهذه السهولة.
ويعطي أصحاب هذا التوجه أمثلة عن سفراء كانوا في سلك التعليم بداية ودخلوا السلك الديبلوماسي واحتسبت خدماتهم منذ بداية دخولهم الخدمة العامة. لكن ذلك حصل قبل قرار مجلس الشورى، حيث كانت الإدارة حرة، وكان لدى الخارجية حق الاستنساب بضم خدماتهم أو عدمها.
أما بعد النزاع الحاصل حول هذه المسألة، وعرض القضية على شورى الدولة وإصداره حكماً بذلك بإجماع أعضائه، فلم يعد ممكناً التعديل في المسألة، او العودة الى سوابق أخرى.
وتفيد الأوساط، ان قرارات مجلس شورى الدولة وأحكامه قد لا تكون ملزمة للإدارة إلا ان ثقلها المعنوي والإداري يوجب تبنّيها، وهذا ما يحصل في مشاريع مراسيم وزارة العمل التي اضطرت الى تغيير نصوص ومضمون مراسيمها لتتناسب مع أحكام قرارات مجلس شورى الدولة، علماً ان تطبيق قرارات المجلس في السلك الديبلوماسي لن يحرم الملحقين الاغترابيين من الترقية. إذ ان عدداً منهم ستشمله الترقيات فوراً بسبب الشغور الكبير الحاصل في الفئة الثانية. إلا ان عدم تطبيق قرار المجلس واحتساب أقدميتهم من عام 1996 يؤهل معظمهم للترقية لرتبة مستشار.
وبما ان الديبلوماسي في الخارج، بحسب الأوساط، يمثل الدولة وقوانينها، فمن واجب الدولة ان تحرص على ان تكون ترقيتها لديبلوماسييها مستندة الى القرارات الإدارية والقانونية للمجلس، مع الأخذ بالاعتبار قرارات مجلس الخدمة المدنية.
وتتساءل الأوساط، عما ذا كانت الحكومة ستحترم أمرها وتقر الترقيات وفقاً لأحكام مجلس الشورى، وبالتالي يتم إفساح المجال لإنجاز التشكيلات المؤجلة منذ سنوات، أم أنها ستبقى تؤجل الى حين إيجاد طريقة للالتفاف على هذه الأحكام؟!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.