8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لبنان بعضويته في مجلس الأمن حصَر الأضرار ولم يستفد شيئاً

مع انتهاء سنة 2011، انتهت عضوية لبنان في مجلس الأمن الدولي وهي كانت عضوية غير دائمة، امتدت لسنتين، ما أدى الى أن يرتاح كل مسؤول كان عليه أن يساهم في صوغ موقف لبنان داخل المجلس من القضايا التي كانت تُطرح. وزال الإحراج الذي واجه لبنان في ظل مواضيع عديدة كانت تطرح ولا سيما في ما خص إيران وسوريا والقضية الفلسطينية.
ولاحظت أوساط ديبلوماسية أن لبنان لم يُجرِ تقويماً لتجربته في عضوية المجلس الذي يُعدّ أعلى منبر دولي، إنما يمكن التوقف عند الإنجازات التي كان يمكن تحقيقها في إطار عضوية لبنان، على المستوى الدولي، من حيث المكاسب السياسية من جراء اتخاذ موقف ما وعدم اتخاذ موقف آخر. على أن لبنان، وفقاً للأوساط، لم ينجز شيئا، ولم يستفد في شيء، لا بل كانت لديه معاناة كلما كان هناك استحقاق باستصدار قرار جديد عن المجلس.
وموقف الحياد الذي لجأ إليه، حيث كان يمتنع عن التصويت على القرارات، خصوصاً بالنسبة الى ما صدر من عقوبات على إيران، ساهم في وجود انقسامات داخلية، كما ساهم في ذلك النأي بالنفس، وهو الموقف الذي اعتمد حيال صدور بيان رئاسي حول سوريا. فبالنسبة الى موضوع إيران، حاول فريق 8 آذار الضغط للتصويت ضد القرار أو عدم حضور الجلسة لدى التصويت عليه، في حين أن فريق 14 آذار كان يؤيد انسجام الموقف اللبناني مع الموقف الدولي. في الموضوع السوري، فإن النأي بالنفس لم يرض 14 آذار، كما أنه لم يرضِ سوريا، التي أبلغت لبنان أنه لا يعجبها.
لم يتمكن لبنان من إرضاء لا الأفرقاء الداخليين، ولا الدول المعنية بالمواضيع المطروحة، وتلك الأعضاء في مجلس الأمن، والسبب يعود الى عدم تمكنه من اتخاذ موقف، وهذا ما أزعج أطرافاً عدة، لأن ليس لدى الأفرقاء اللبنانيين سياسة خارجية موحدة، إنما لكل طرف نظرته وسياسته. هذه هي المعضلة التي كان لبنان يواجهها، أي السؤال حول سياسة أي فريق، يترجم، في مجلس الأمن. في هذه المرحلة كان أفضل عدم وجود لبنان في العضوية، لأنه كانت لديه مشاكل داخلية حول قضايا هو في غنى عنها. ولو أرجأ العضوية نحو 10 سنوات، يمكن عندها تكون قد حلّت مسائل عديدة في المنطقة، ومن الممكن أن يكون وضع لبنان الداخلي أفضل، إذ إنه كان يقف على سلاحه ليحمي وضعه الداخلي، بدل الدخول في العملية التفاوضية في مجلس الأمن استناداً الى مشاريع القرارات التي تطرح.
الموضوع الليبي كان نموذجاً جيداً في الدور الذي أداه لبنان، بحيث ساهم الإجماع الدولي حوله في أن يشارك في صوغ القرار والتفاوض حوله وعملية استصداره. هذا الدور لم يتسنّ له تأديته في محطات أخرى، وإذا كانت سوريا انزعجت من موقف النأي بالنفس، فإن الولايات المتحدة وفرنسا، أبديتا تفهماً لهذا الموقف لأنه كان يمكن لأي موقف آخر أن يكون أسوأ من النأي بالنفس.
وإذ مدد لبنان لفريقه الديبلوماسي الذي أرسله الى نيويورك غداة بدء عضويته لأشهر قليلة، بسبب مسائل متعلقة بالعضوية يجب إنهاؤها، فإن السؤال الذي يطرح نتيجة أي تقويم للعضوية في المجلس، هو لماذا دخل لبنان المجلس، وهو غير قادر على اتخاذ مواقف تعبّر عن سياسة خارجية واضحة، ذلك أن التعبير عن المواقف كان يمكن أن يقبض ثمنه، إن في الموافقة على ما هو مطروح أو في عدم الموافقة. فبدل أن يتفاوض مع الدول ليأخذ أثماناً لموقفه من دعم سياسي ومساعدات، لم يتمكن من الاستفادة من عضويته، وبدا كأنه جالس وراء متراس ويدافع عن نفسه وعن المواقف التي يتخذها.
هناك دول عديدة، ولا سيما ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، عرضت على لبنان أن تطلع وزارة الخارجية على عمل وزارات الخارجية لديها، أي في تطور العمل الديبلوماسي، وطرق معالجة الملفات. لكن تم الاكتفاء بمتابعة ملفات المجلس عبر فريق العمل بإشراف رئيس البعثة لدى الأمم المتحدة ومتابعة من الوزارة، وأي اطلاع على عمل تلك الوزارات لم يحصل، وبالتالي لم يستفد لبنان حتى في هذا المجال، لأن أي اطلاع وتعاون يؤدي الى تحسين الأداء لأنها فرصة للتحسين، على غرار التعاون بين الجيش اللبناني واليونيفيل والذي ينعكس تحسيناً في أداء الجيش وفي قدراته.
لبنان في عضويته التي انتهت قبل أيام، لم يستفد من شيء، إنما عمل على حصر الأضرار من المواقف، بحيث لم يؤثر إخراج المواقف على وضعه الداخلي. إنها أسوأ مرحلة يمر فيها لبنان، حيث لا قرار موحد ولا موقف موحد، ولا تطابق في النظرة الى السياسة الخارجية خصوصا، وفي مجلس الأمن.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00