بعدما تم تحويل لبنان مساهمته في موازنة المحكمة الدولية الخاصة به، ما الذي تحقق على صعيد الأداء الدولي حياله لا سيما من جانب الولايات المتحدة وفرنسا، بعد مرحلة من انتظار هذا التمويل لتحديد طريقة التعامل مع لبنان، والسياسة الدولية تجاهه؟
من المؤكد ان قرار رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي تمويل المحكمة والوفاء بهذا الالتزام، سيعطي دعماً دولياً للحكم وللحكومة خصوصاً لرئيسها، مع ان الحكومة تعد بأنها ليست قريبة من سياسة المجتمع الدولي. هذا ما تشير اليه مصادر ديبلوماسية غربية بارزة. وترجمة هذا الدعم تجلت أولاً في الدعوة التي وجهتها باريس الى ميقاتي لزيارتها. والزيارة يرتقب ان تتم في نهاية كانون الثاني المقبل. والتحضيرات بين بيروت وباريس تتم حالياً على هذا الاساس. ليس هناك من دعوة لميقاتي لزيارة واشنطن. لكن المصادر لا تستبعد توجيه مثل هذه الدعوة بعد زيارة باريس، وفي ضوء ما ستحققه هذه الزيارة. واشنطن تعتبر ان كلاً من الرئيسين سليمان وميقاتي وعدا بالتمويل وتم الوفاء بالوعد، وهي ترى ان ميقاتي خصوصاً كرئيس حكومة قادر على ان يلتزم وهي في السابق عملت معه، والآن على علاقة جيدة به.
فضلاً عن ذلك سينعكس التمويل ايجاباً على العلاقات الثنائية، حيث يسهل اقرار المساعدات الأميركية للبنان، هناك المساعدات لسنة 2012 الاقتصادية والعسكرية، وهذه المسألة تحتاج إلى جهد ديبلوماسي لبناني ليس لسبب متصل بلبنان، انما متصل بخفض الانفاق في الموازنة الأميركية. من المؤكد ان تمويل المحكمة يفيد الموضوع كثيراً، وسط اتجاه الى اقرارها، لكن ستكون مخفضة عما هي عليه في 2011. مساعدات الـ 2011 أقرت قبل تمويل المحكمة لكن حصل جهد ديبلوماسي لبناني حثيث للوصول الى هذا الهدف، والادارة الأميركية بذلت جهداً ايضاً لاقناع الكونغرس ذي الأغلبية الجمهورية، الرافضة لتمويل حكومة يدير قراراتها حزب الله بأهمية التمويل لاستمرار العلاقات مع لبنان واستمرار التواصل السياسي على الرغم من نفوذ حزب الله.
وذكرت المصادر ان مساعدات الـ 2011 خفضت قليلاً لتصبح قيمتها العسكرية منها نحو 75 مليون دولار بدلاً من مئة مليون، كما خفضت بالنسبة ذاتها قيمة المساعدات الاقتصادية وتلك المخصصة للبرامج. لا شك ان مهمة الادارة صعبة لاقرار مساعدات الـ 2012 للاسباب الاقتصادية الداخلية والسياسية المتعلقة بلبنان. لكن تمويل المحكمة سيساعد على انجاز هذه العملية مع الجهد الديبلوماسي اللبناني.
المهم في ردة الفعل الأميركية على التمويل، ان التهديدات بالعقوبات الاقتصادية قد توقفت والعلاقات جيدة حالياً بين البلدين وقناة الحوار مفتوحة، لا سيما وان الالتزامات الاساسية الدولية يقوم لبنان بها وأهمها تمويل المحكمة. إنه وضع جيد لعلاقة أميركية مع حكومة ليست قريبة من واشنطن ويزيد في حسن هذه العلاقة ان المسؤولين الأميركيين تأكدوا من ان القطاع المصرفي التزم جداً بالمعطيات الأميركية والدولية لا سيما بالنسبة إلى سوريا وغير سوريا.
لكن مع كل الايجابيات التي حملها التمويل على العلاقات اللبنانية الدولية والأميركية، حمل التفجير ضد القوة الفرنسية في الجنوب، واطلاق صاروخ الكاتيوشا على اسرائيل وردها باربع قذائف قلقاً حيال الوضع اللبناني ومدى قدرة الحكومة على ضبط الأمور في الجنوب. الأمر الذي لم يفد الحكومة، ووضع علامات استفهام حول قدراتها، مع انها حاولت طمأنة المجتمع الدولي عبر القول انها تجري التحقيقات حول الفاعلين وستحاكمهم. هذا الموضوع هو تحت المجهر الدولي واي استمرار لهذه العمليات سيربك العلاقة اللبنانية الدولية.
اما على المستوى الفرنسي فانه من الأهمية بمكان وفقاً لاوساط ديبلوماسية فرنسية، ان تأتي الزيارة بعد تمويل المحكمة، وفي الوقت نفسه ستوفر الزيارة المرتقبة دفعاً جديداً للاتصالات السياسية اللبنانية الفرنسية على ارفع المستويات وتعزيزاً للتشاور السياسي ايضاً، وبالتالي، فان الزيارة ستباشر سلسلة زيارات رسمية بين لبنان وفرنسا، وحيث ان مثل هذه الزيارات توقفت منذ نحو سنة.
فرنسا تعطي فرصة لميقاتي والزيارة ستؤدي دوراً ايجابياً في العلاقات الثنائية وفي التعاون الثنائي، مع الاشارة الى ان التعاون لم يتوقف على المستويات العسكرية والتنموية.
ويبدو ان فرنسا لن توجه دعوة الى رئيس الجمهورية لزيارة باريس: اولاً لانه يفترض ان يزرو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بيروت، لكن الزيارة غير واردة، لأن لا زيارات لرئيس الدولة في فترة التحضيرات للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري في شهر ايار المقبل. وثانياً ان تركيز الرئيس هو على الداخل الفرنسي، وهذه المسألة ذات أولوية في الانتخابات. لكن فرنسا تشارك رؤية ميقاتي التي تقول بوجوب توفير حائط سلمي بين لبنان وسوريا. وانه من غير المفيد ان يأتي اللبنانيون بالصراع السوري الى داحل لبنان وترى فرنسا ان الامر من مسؤولية اللبنانيين، انفسهم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.