السؤال الكبير الذي يفرض نفسه بعد توقيع سوريا على بروتوكول المراقبين مع الجامعة العربية، هو عن ماهية تأثير هذا التوقيع في الوضع الداخلي السوري، وهل يمكن أن تستفيد دمشق من التوقيع لكسب مزيد من الوقت، مع الإشارة الى أن التوقيع مفيد إن كان سيؤدي الى وقف القتل والعنف ضد المدنيين، وهو أمر كان موضع ترحيب دولي وعربي في آن.
وفي اعتقاد مصادر ديبلوماسية عربية وغربية، أن التوقيع يجب أن يوقف القمع، في حين أنه لا أحد سيمنع التظاهر. وما يساعد في وقف نزف الدم الحاصل الحوار الجدي بين النظام والمعارضة، إذ إن التوقيع يأتي في إطار المبادرة العربية التي تنص على هذا التوقيع أولاً، وعلى دعوة المعارضة الى الاجتماع مع الجامعة، ثم دعوة الطرفين الى الحوار بوساطة الجامعة، وبالتالي يجب أن يبدأ الحوار بعد توقيع البروتوكول، وستقوم بعثة المراقبين بمهمتها خلال شهر قابل للتجديد لمرة واحدة.
ولفتت المصادر الى أن دمشق وقّعت البروتوكول آخذة في الاعتبار عوامل عدة لعل أبرزها: الخوف من التدويل. فالعرب ضغطوا على سوريا في هذا الاتجاه، وكذلك روسيا الاتحادية عبر مشروع القرار الذي قدمته الى مجلس الأمن، حتى لو ساوى القرار الروسي بين الطرفين في سوريا حول وقف العنف، لكنه يفتح المجال واسعاً للملف السوري في الدخول الى مجلس الأمن، فضلاً عن عدم تحسن الوضع على الأرض، ثم الدورين الروسي والصيني في الضغط على سوريا للقبول بتوقيع البروتوكول، وتشجيعها على ذلك. كل هذه العوامل جعلت دمشق مضطرة للدخول في اللعب على عامل الوقت والسعي لإنهاء الوضع الداخلي بوضع حد للتظاهر ووقف نشاطات الثورة.
وتعتبر المصادر أنه رغم التوقيع هناك صعوبة في حسم الوضع داخلياً، وتقول إنه في ظل مشروع القرار الروسي حول سوريا، ستطول المفاوضات حوله لكنها لن تتوقف. روسيا ستقول قريباً في المفاوضات، إن المشروع يجب أن يتضمن أن دمشق وقّعت البروتوكول مع الجامعة، والدول الغربية الكبرى، ستقول إن المشروع يجب أن يتضمن تقرير بعثة المراقبين ولاحقاً قرار وتقييم اللجنة الوزارية حول سوريا، كذلك يجب تضمينه قراري مجلس حقوق الإنسان حول سوريا، وتقييم تقريرين أصدرهما المجلس والذي شبّه ما يحصل في سوريا بالجرائم ضد الإنسانية. وأيضاً ضرورة التعاون مع لجنة التحقيق التي أنشأها المجلس حول الوضع في سوريا. ويذكر أن دمشق لم تقبل بأن تزور اللجنة سوريا، ثم ضرورة إصدار ذلك تحت الفصل السابع عندما يحين أوان صدوره.
سوريا تريد أن لا تخرج مسألتها عن الإطار العربي، لكن أن تبقي الوضع في حاله مراوحة لكسب الوقت. لكن إذا لم يحصل تعاون مع بعثة المراقبين، تبعاً لذلك مع المبادرة العربية ستخرج القضية عن الإطار العربي الى الإطار الدولي، وفقاً للمصادر، وهي تلفت الى أن رفع العقوبات العربية عن سوريا، ووقف تجميد عضويتها في الجامعة، ليست واردة حالياً. في إحدى الرسائل السورية الى الجامعة عملت دمشق على تقديم نوع من خارطة الطريق للعملية، إذ لفتت المصادر الى أن مجرد التوقيع يُعتبر تجميد العضوية لاغياً كما تعتبر العقوبات الاقتصادية لاغية أيضاً. الآن الاتجاه ليس كذلك، إنما في أن تذهب المفرزة السباقة للجنة الى سوريا، وبعد ذلك يتم تقييم الوضع الأمني، وإذا ما استمر العنف هناك شكوك في أن تقصد اللجنة سوريا، لأن الدول العربية، كما الجامعة اشترطت وقف العنف قبل توجه اللجنة الى هناك. هذه المسألة متوقع تناولها من المسؤولين العرب خلال الأيام القليلة المقبلة.
وحول مسألتي العضوية والعقوبات هناك مواقف خليجية وعربية تدعو الى انتظار خطوات ملموسة، قبل إعادة النظر فيهما. مع أن سوريا تحاول إزالة العقوبات ووقف التجميد في أقرب فرصة.
عمل اللجنة في سوريا لن يكون سهلاً بحسب المصادر، ستحاول دمشق المناورة عبر تقييد أدائها، على الرغم من أن رئيسها سوداني، وهناك خشية لدى ديبلوماسيين غربيين من تعاطف الرئاسة مع دمشق، لكن لأي درجة، وكيف سيكون أداء اللجنة. يفترض أن تكون اللجنة منسجمة، وستؤمن حرية التظاهر، وعملها واضح في قرار تكليفها وفي البروتوكول. المهم أن تنفيذ البروتوكول الآن هو على المحك وأن المجتمعين العربي والدولي يراقبان ذلك من كثب، وما إذا ستكون هناك مناورة أم سيتم فعلاً الالتزام بالتنفيذ.
اللجنة ستكون مؤلفة أقله من 50 عنصراً. وطلبت الجامعة من الدول العربية أن تزوّدها بأسماء عدد من الخبراء العسكريين والمدنيين ومعنيون بحقوق الإنسان، على أن لا يقل العدد عن 10 لكل دولة. وإذا وافقت كل الدول العربية على المشاركة، يعني أن عدد المراقبين يصبح 220، والبروتوكول نص على إمكان وصول العدد الى 500.
المصادر تقول إن هناك مدة شهر أو شهر ونصف ستهدأ بها الأمور في سوريا نتيجة التوقيع. البعثة ذات مهمة محددة ولوقت محدد. وفي نهاية الشهر من مهمتها سترفع تقريراً الى اللجنة العربية الخاصة بالحل في سوريا، وإذا لم يتم تمديد مهمة اللجنة لشهر آخر لمرة واحدة بحسب البروتوكول، فإن الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية ستدرس التقرير، وتقرر الخطوة التالية في ضوئه، وإذا ما كانت ستطلب من مجلس الأمن التدخل أم لا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.