كيف يؤثر فوز الإسلاميين في مصر على التحركات الشعبية في إطار الربيع العربي وعلى الموضوع السوري؟ وما هو موقف الدول الكبرى من هذا الفوز؟
لدى مصادر ديبلوماسية عربية بارزة قناعة راسخة، بأن الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي راضون عما يحصل في مصر، وهذا الرضا يصل الى حد وجود اتفاقات مع الاخوان المسلمين على مستوى المنطقة. وهاتان القوتان الدوليتان تعتقدان أن أي تغيير يحصل حالياً في المنطقة ويتولاه الاخوان المسلمون، لن يتم اللجوء خلاله الى محاربتهم، إنما من الأفضل إقامة اتفاقات معهم، وتقريبهم الى النموذج التركي، الذي يعد مثالياً بالنسبة الى الولايات المتحدة وأوروبا. إذ أن ذلك يبعد الإسلاميين عن النهج التكفيري في المنطقة والذي يحظى بدعم معروف. وبالتالي، لن يتم الدخول بعمل معين من أجل أن يتراجع حجمهم، فالغرب مرتاح للتوجه الذي يتبعه معهم، في وقت يواجه انتقادات على أنه يترك الوضع مثلما هو. ولا مفر من التعامل مع الحركات الإسلامية، إنما الشرط الدولي، أن تكون معتدلة، وتحافظ على الحريات والديموقراطية، واللعبة السياسية الديموقراطية، وأن لا يقوموا بإنتاج ديكتاتوريات جديدة، وهي التي حافظت في مصر على سرية نشاطها على أيام الرئيس حسني مبارك حيث واجهها مواجهة جدية بعدما تمكن من القضاء على الأحزاب العلمانية القومية.
النقاش من أيام مبارك، انطلق من أنه إذا انتهت الأنظمة هل ستحل محلها الأصولية الإسلامية؟ وكل الدول الغربية في مرحلة ما بعد مبارك أعدت دراسات حول إمكانية أن تضطر الى التعامل مع الإسلاميين، لكن وفق شروطها المعروفة. والنموذج التركي واضح وهو الأفضل. في النهاية الشعوب لا تتحمل حكم صارم على مدى طويل، إنما تحتاج الى أنظمة تعالج أوضاعها الاقتصادية، وسيبقى تصحيح المسارات في الدول العربية قائم. هناك استعداد أميركي للتعامل مع الإسلاميين، في وقت لم يعد الرهان على حجة تولي الإسلاميين السلطة ناجحاً. وهذا ما ينطبق على النظام السوري الذي يراهن على الوقت، وعلى حجة الأصوليين، وعلى موضوع الشعار المتصل بالصراع العربي مع إسرائيل والتي لم تعد الشعوب تتأثر به، خصوصاً وأن أنظمة مستبدة حكمت لعقود تحت هذا الشعار. في حين أن عنصر الشباب لم يحقق أي تقدم في همومه الاقتصادية والاجتماعية وسط آفاق مسدودة، الأمر الذي كان وراء التحركات.
الآن يضع الغرب شروطه على سوريا وتبدي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ارتياحاً لوجود المعارضة السورية في تركيا، ولاحتضان تركيا لها. وأعادت كلاً من واشنطن وباريس سفيريهما الى سوريا لأن لديهما دوراً يلعبانه، لا سيما وأن حلقة الاتصال مهمة جداً مع المعارضة. ومن حيث الرهانات السورية، والفارق بين اليوم ورهانات الصمود في العام 2005، هناك تمايز جوهري. فالرهان على الوقت لا يخدم حالياً في ظل زيادة عدد الضحايا بشكل يومي، والصورة البشعة أمام العالم في هذا المجال، وذلك خلافاً لعامل الوقت الذي كان ينفع في الـ2005.
الإسلاميون في مصر وتونس معتدلون وليس لديهم خطاب متطرّف أو راديكالي، ولم يعودوا قادرين على اتخاذ مواقف ضد مصالح الناس، ولم يعد عنصر الخوف من الإسلاميين يواكب المجتمعات، في ظل النموذج التركي. هذا الرهان. هذا الرهان وبالتالي ليس رهاناً ناجحاً. في الـ2005 وما بعد تمكنت دمشق من الصمود، وتمكنت من القضاء على أي احتمالات للانقلاب. ثم تركيا وإسرائيل لم يكونا مع تغيير النظام. الآن كل المجتمع الدولي مع التغيير في سوريا، باستثناء روسيا. في الـ2005 لم يكن هناك قتل وموت، الآن الوضع مختلف تماماً.
من الصعب العودة في سوريا الى الوراء. لكن الوضع مستمر ولن يصل الى نهاية في وقت قريب. هناك سيناريو أنه حتى لو بقي النظام لمدة أطول، فإنه سيبقى معزولاً، على غرار كوريا الشمالية.
لن تحجم الدول عن تأييد من يفوز في العملية الديموقراطية حتى لو كان الإسلاميين. وسينسحب هذا الموقف على التعامل مع التغيير في سوريا. ولن تغير الدول موقفها من الديموقراطية والسلطة في سوريا لمجرد فوز الإسلاميين في مصر، لأنها لن تكون ضد مبدأها المتعلق بحرية التعبير والديموقراطية.
في كل الأحوال سيجرب الشعب الإسلاميين الذين كانوا مضطهدين، والذي أدى اضطهادهم الى تقويتهم. وهؤلاء سيكونون في مصر تحت المجهر، فإذا لم يتمكنوا من تلبية مطالب الشعب. سيعودون الى مواجهة السقوط لأن الشعب سيصحح المسار باستمرار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.