8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المحكمة تريد من لبنان إثبات قدرته على تسليم المتهمين

تتوقع مصادر سياسية بارزة، ان يتفاعل المجتمع الدولي مع لبنان بصورة أفضل، في ضوء قراره تمويل حصته في موازنة المحكمة الخاصة به. لا يمكن القول إن هذا المجتمع سيعيد النظر بأسلوب تعاطيه مع لبنان، لأنه لم ينقطع عن لبنان على الاطلاق في المرحلة السابقة. لكنه كان في وضع ينتظر أداءه لا سيما في مجال تمويل المحكمة الذي يُعدّ أساسياً، في العلاقات الدولية به.
قرار التمويل يعني وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع جملة معطيات تندرج كالآتي:
ـ ان لبنان وفى بالتزاماته حيال المحكمة، وأبعد عنه عقوبات سياسية واقتصادية كانت ستطاله بصورة شاملة من الولايات المتحدة ومن دول الاتحاد الأوروبي. وكان المسؤولون اللبنانيون يدركون مدى خطورة هذه العقوبات وأهمية عدم القبول بتعريض لبنان لها. على ان التمويل وعدمه، لن يؤثرا في مهمة المحكمة التي ستبقى مستمرة ولن تسقط على الاطلاق بسبب التمويل.
ـ من المقرر ان تستأنف دول عدة برامجها حول المساعدات للبنان، وفي مقدمها المساعدات الأميركية الاقتصادية والعسكرية، والتي جُمّدت انتظاراً لما سيكون عليه الموقف اللبناني من تمويل المحكمة. ان هذا الموقف يساعد في إقناع إدارة الكونغرس بضرورة الموافقة على المساعدة، لا سيما وانه ينفذ التزاماته للقرارات الدولية وفي مقدمها المحكمة.
ـ قرار التمويل سيؤدي بالدول الى إعادة دفع علاقاتها بلبنان على المستوى السياسي. إذ ينتظر ان تتم زيارات دولية للبنان على مستوى رفيع، وان يتم توجيه دعوات لرئيس الوزراء نجيب مقاتي لزيارة دول مهمة.
ـ ان حزب الله عمل لإعادة تقويم الوضع ما بين التمويل واستقالة الحكومة، ففضل عدم الاستقالة. ففي هذه الحكومة يحظى بالأكثرية ولا يضمن كيف ستكون أي تشكيلة حكومية جديدة في حال استقالت حكومة ميقاتي، وفي ظل الوضع في المنطقة. كما انه لا يضمن موعد التشكيل، ولا يضمن عودة ميقاتي. ويكون البلد بالتالي دخل مرحلة غامضة ومحفوفة بالمخاطر في حال استقالت الحكومة وبقيت حكومة تصريف أعمال لفترة قد تمتد الى سنة. ولذلك كان هذا الإخراج في قرار التمويل لكي لا ينكسر الحزب ولو في الشكل أمام جمهوره، وفضّل الحكومة كأولوية على وقف التمويل.
ـ ان تمويل لبنان للمحكمة سيوفر لها أموالاً، تعزز صندوقها ليس فقط حتى نهاية شباط تاريخ انتهاء ولايتها، انما أيضاً لأشهر أخرى من مهمتها بعيد تمديد ولايتها المحتوم.
رئيس المحكمة دايفيد باراغوانث أبلغ أخيراً المسؤولين اللبنانيين ضرورة تمويل المحكمة، وانه مضطر، إذا لم يمول لبنان حصته في موازنتها، للكتابة الى مجلس الأمن قائلاً ان لبنان لم ينفذ التزاماته ولم يدفع ما عليه.
وتشير المصادر الى ان أموال المحكمة من الآن وحتى نهاية السنة توافرت من جراء تسديد الدول العربية لالتزاماتها كافة.
إذاً، مشكلة التمويل في المحكمة للشهرين المقبلين قد حُلّت. انما كان من واجب لبنان ان ينفذ التزاماته الدولية أولا. وثانياً، ان هذه المحكمة تحتاج الى ان تكمل مهمتها، والتمويل اللبناني لها ستحتاجه لاحقاً في هذا السبيل، وأي تسديد غير لبناني، لا يعفي لبنان من ضرورة تنفيذ التزاماته حيال المحكمة.
وتؤكد المصادر انه لا معنى لأي استقالة للحكومة في مجال التأثير على السلوك الدولي حيال لبنان في حال لم يلتزم بمقتضيات المحكمة، إذ ان العقوبات كانت ستفرض على لبنان لو أخذ خيار عدم تسديد حصته في تمويلها، وان استقالة الحكومة لا تحول دون فرض عقوبات دولية، وبالتالي ان استقالتها لا تلغي مبدأ فرض العقوبات، فضلاً عن ان الدول ستنتظر تشكيل الحكومة التالية لمطالبتها مجدداً بدفع ما يتوجب على لبنان الوفاء به.
والآن باتت هناك مسألة أخرى، تنتظرها المحكمة من لبنان، وهي ان يستمر في القيام بما يسعه لتسليم المتهمين الأربعة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. وتبعاً لذلك، ان يحيطها علماً عبر تقرير مفصل حول الجهود التي بذلها في هذا الإطار. لذلك إن المحكمة تعطي لبنان مهلة إضافية للتفتيش عن المتهمين وتسليمهم. إذ لم تعتبره غير متعاون ولم تعد الى مجلس الأمن لهذه الغاية. كما لم تعتبر انه مقصّر في تعاونه معها. كذلك لم تعتبر انه قام بكل ما يمكنه القيام به في هذا المجال وانه يصعب عليه ايجادهم، وبالتالي يفترض بالمحكمة الإعلان في وسائل الإعلام للمتهمين لتسليم أنفسهم، تمهيداً لبدء المحاكمة الغيابية.
كل ذلك لم يحصل. انما هناك مهلة إضافية معطاة للبنان لتسليم المتهمين. لذا، ان المحاكمة الغيابية ليست الحل الأول، إنما هي الحل في حال استنفاد كل الوسائل لتسليم المتهمين من جانب لبنان. وتبعاً لهذا الواقع، يتم حالياً في المحكمة بحث اللجوء الى المحاكمة الغيابية أم لا، وما إذا كان الوقت حان لهذا الحل أم لا، وما إذا كان لبنان عمل بما فيه الكفاية للتسليم أم لا.
المحكمة تريد من لبنان ان يثبّت أكثر قدرته في هذا الموضوع.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00