بعدما قدمت المحكمة الخاصة بلبنان طلبها الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للتمديد لولايتها، تتجه الأنظار الى الخطوات التي ستقوم بها المنظمة الدولية لتحقيق هذا الهدف، وسط استمرار توقع المحكمة والمجتمع الدولي أن يدفع لبنان مساهمته في تمويلها خلال الأسابيع المقبلة.
وأول خطوة في هذا المسار هي المشاورات التي يُنتظر أن يجريها كي مون مع الحكومة اللبنانية لاستطلاع موقفها من التمديد المتوقع لثلاث سنوات أخرى. ومهما يكن موقف الحكومة فإن التمديد حاصل، لأن الأمين العام سيقول بضرورة الحاجة إليها، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة. والأمم المتحدة تنتظر موقفاً ايجابياً من الحكومة حيال التمديد، لكن الموقف من التمويل عند عرض المسألة على مجلس الوزراء في 30 تشرين الثاني الجاري، سيؤشر الى ما يمكن أن يكون عليه موقف الحكومة مجتمعة من تجديد ولايتها.
وهذه الولاية لا تتجدد تلقائياً، إنما عن طريق الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تحديداً، إذ يجب ألا يكون هناك أي رفض لذلك داخل المجلس. وكل الدول بما فيها روسيا والصين تقف الى جانب مهمة المحكمة وضرورة استكمالها حتى النهاية. لكن المشكلة تكمن في ما إذا حاول حزب الله الضغط على الحكومة لتطلب من مندوب لبنان الدائم لدى المنظمة الدولية، وحيث لبنان لا يزال عضواً في مجلس الأمن حتى نهاية هذه السنة، أن يرفض التمديد في حال عُرض الأمر على المجلس قبل انتهاء عضوية لبنان فيه.
على أن المصادر، تؤكد أن أي إحراج نتيجة ما قد يكون عليه موقف لبنان في مجلس الأمن لن يحصل، لأن الدول الفاعلة، والأمم المتحدة، حسمت أمرها، وقررت عدم عرض مسألة التمديد على المجلس إلا بعد انتهاء عضوية لبنان فيه.
وبالتالي، ستعرض المسألة في بداية سنة 2012 أي في كانون الثاني على الأرجح وليس شباط، لتأمين التجديد لها قبل انتهاء ولايتها في نهاية شباط المقبل.
ورجحت المصادر، أن يتم التمديد لها عبر ما يسمى الإجراء الصامت في إبداء الرأي في مجلس الأمن. أي تحديد يوم معين وساعة معينة بعد عرض التمديد، فإذا لم تعترض أو تمانع أي دولة عضو في المجلس على التمديد خلالهما، يعتبر التمديد ساري المفول، بحسب تفاصيل اقتراح الأمين العام في هذا الشأن، وهذه الطريقة هي واحدة من اثنتين. حيث تقول الثانية إنه في حال أعلنت أي دولة موقفاً رافضاً يسقط هذا الإجراء. ويتم اللجوء الى قرار جديد. وبالتالي، إن عملية إبداء الرأي ليست أسهل من استصدار قرار. لكن في حالة اللجوء الى استصدار قرار، فإنه لا يتوقع وضع أي فيتو نظراً الى أن كل الدول الدائمة العضوية داعمة للمحكمة ولسير عملها، ولأن القرار 1757 صدر أساساً بتسعة أصوات مؤيدة له، ومن دون فيتو إنما جرى حينذاك امتناع روسيا والصين عن التصويت.
إن رأي الأمين العام أساسي، ومن ثم موقف مجلس الأمن. لكن المجتمع الدولي بات أكثر إصراراً على متابعة المحكمة لمهمتها، وعدم السماح بسقوطها مهما كانت الظروف.
وبعد التمديد، هناك استحقاق توقيع الحكومة اللبنانية على مذكرة التفاهم مع المحكمة، حيث أن هذه المذكرة لا تمدد تلقائياً. المذكرة تنظم التعاون بين لبنان والمحكمة، كما تنظم وضع مكتب المحكمة في لبنان. ويُفترض بالمحكمة أن تكون بلغت في تحقيقاتها مرحلة متقدمة، الى درجة أن أي شيء يعترض التوقيع من جانب لبنان لا يؤثر على عملها. مع العلم أن عدم التوقيع اللبناني على المذكرة قد يعرقل، في حال كان ما زال هناك تحقيقات لازمة، وقد يبطئ ذلك عمل المحكمة. لكن المحكمة ستكمل عملها وهي قادرة على ذلك بغضّ النظر عن توقيع لبنان لمذكرة معها، إنما عدم التوقيع يجعل لبنان مخالفاً للقرار 1757.
وفي مجال التمويل اللبناني للمحكمة، فإن هناك مهلة بدأت تنفد، لأن حدّها الأقصى في منتصف كانون الأول المقبل. وحتى لو توافرت الأموال من الدول، فإن لبنان يجب أن يدفع مساهمته لا سيما عن السنة الحالية، وستبدأ قريباً السنة الرابعة للمحكمة إثر التجديد لها، وستطالبه الأمم المتحدة بالدفع للسنة المقبلة. وإذا لم يدفع لبنان فإنه يعدّ مخالفاً للقرار 1757، لأن التمويل منصوص عنه في القرار.
ولكن لن يسمح للمحكمة بالانهيار لسبب مالي حتى لو تأمنت الأموال من مصادر أخرى. على أنه في حال فرغت المحكمة من الأموال، تعود الى مجلس الأمن الدولي لتبلغه أنها لا تستطيع القيام بواجباتها من جراء هذا السبب. عندئذٍ يتدخل المجلس لتأمين التمويل، وهنا يكمن الضغط الفعلي على لبنان. ومدى الضغط مرتبط بالقرار السياسي، وهناك خياران: إما ضبط ايقاع التصعيد مع لبنان حول التمويل، وإما التصعيد من دون حدود. لكن المؤشرات تدل على تصعيد دولي يترافق مع تصعيد حيال تطورات المنطقة.
ولهذا السبب أبلغت كل الجهات الدولية لبنان بضرورة تجنب العقوبات وتنفيذ الالتزام بالتمويل.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.