التعاون اللبناني ـ الفرنسي الثنائي قائم في شتى المجالات. لكن من الملاحظ أنه منذ تشكيل الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي لم تقصد لبنان أي شخصية من الإدارة، حتى أن وزير الخارجية آلان جوبيه الذي كان يُرتقب أن يزور لبنان بعد تعيينه في هذا المنصب لم يقم بذلك بعد.
المصادر الديبلوماسية الفرنسية، تؤكد أن العلاقات اللبنانية ـ الفرنسية وأوجه التعاون، تسير وفق الخطوات المرسومة لها. بالنسبة الى فرنسا إن أهم موضوع سيؤثر في العلاقات على المستويات كافة، في المرحلة المقبلة، هو قرار لبنان حيال دفع مساهمته في تمويل المحكمة الخاصة به. صحيح أن كل مجالات التعاون قائمة. وقد زار فرنسا خلال الأسابيع الأخيرة الماضية ثلاثة وزراء هم: وزير الصحة علي حسن خليل ووقع مع نظيره الفرنسي اتفاق تعاون، ووزير المال محمد الصفدي، حيث قابل نظيره الفرنسي ومسؤولين فرنسيين آخرين، وقبلهما زار باريس وزير الداخلية مروان شربل والتقى نظيره كلود غيان.
ذلك أنه في مرحلة الانتظار الفرنسية للموقف اللبناني حيال تمويل المحكمة، تبقي فرنسا على كامل علاقاتها مع لبنان.
وكذلك التعاون العسكري، حيث لا تغيير. لكن فرنسا تريد موقفاً لبنانياً واضحاً من التمويل إن كان ايجابياً أو سلبياً. مع أنها تشجع لبنان على أن يكون ايجابياً ويفي بالتزاماته، ولهذا فإن العلاقات السياسية تنتظر هذا الموقف الايجابي. فالتمويل ضروري وإلزامي وقد تعهد بذلك كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس مجلس الوزراء أمام المجتمع الدولي علناً في نيويورك في أيلول الماضي عندما شاركا في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وواضح أنه بالنسبة الى المجتمع الدولي فإن التمويل إجباري. الآن يقترب الجميع من نهاية سنة 2011 وحتى الآن لم يدفع لبنان مساهمته في موازنة المحكمة لسنة 2011، ويجب عليه دفعها قبل أن تنتهي هذه السنة.
وتنتظر باريس مستجدات الأسبوعين المقبلين من الآن وحتى نهاية شهر تشرين الثاني الجاري، لما سيظهر حول قرار لبنان بالنسبة الى التمويل. وكون الرئيسين سليمان وميقاتي التزما التمويل، فإنه ينتظر منهما أن يجدا حلاً وإجماعاً داخليين من أجل أن تدفع الحكومة مساهمة لبنان.
إن الزيارات الوزارية التي حصلت الى فرنسا هي زيارات تقنية، بموجب ضرورات استمرارية مسار التعاون، ولكنها ليست أكثر من ذلك.
بالتالي، إن العلاقات حالياً تسير بشكل طبيعي على الرغم من عدم حصول القمة اللبنانية ـ الفرنسية على هامش أعمال الجمعية العمومية في نيويورك. وليس ضرورياً أن يكون هناك سبب سياسي وراء ذلك، إنما تضارب المواعيد يحصل عادة في مناسبات دولية مثلما حصل، وهذا أمر طبيعي.
وسيواجه لبنان مرحلة صعبة إذا لم يعمد الى تمويل المحكمة. وبات واضحاً، وفقاً للمصادر، أن التمويل يقع في الأولويات الفرنسية والدولية، وثمة تشدد في هذا المجال، إذ لن يؤثر عدم التمويل فقط على العلاقات اللبنانية ـ الفرنسية، إنما أيضاً على علاقات المجتمع الدولي برمته مع لبنان، حتى أن روسيا والصين تدعمان المحكمة وضرورة تمويلها. لذا إن المشكلة في هذه الحالة ليست في العلاقات مع فرنسا بل مع العالم كله.
وعزت المصادر أسباب عدم حصول زيارات رسمية لمسؤولين فرنسيين كبار للبنان في الآونة الأخيرة، الى ما يلي:
ـ إن الطريقة والأسلوب اللذين تم من خلالهما التغيير الحكومي في لبنان، أثّرا بصورة بالغة في مستوى الاتصال السياسي الفرنسي مع لبنان ومداه. والآن بعد حصول ذلك، هناك انتظار فرنسي لسبل بلورة مواقف سليمان وميقاتي من تمويل المحكمة، وهو الأمر الذي سيؤثر فعلياً في الاتصال السياسي مستقبلاً. وهذا يدل على إشارة سياسية محددة.
ـ إن السياسة الخارجية الفرنسية منشغلة حالياً بالأوضاع المتفجرة في العالم العربي، في سوريا واليمن وليبيا وتونس ومصر. في هذا الوقت إن الوضع اللبناني هادئ الى حدٍ ما، وليس هناك من ضرورة لتكثيف الاتصال السياسي مع لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.