تتابع الادارة الأميركية الملفات ذات الاهتمام مع لبنان على المستوى الثنائي، في حين لن تتخذ في الوقت الحاضر اي خطوات على مستوى السياسة الأميركية العامة حيال مستقبل لبنان وأوضاعه.
ولعل أبرز ما في الملفات الثنائية ما يلي:
ـ في المساعدات الاميركية للبنان، تؤكد مصادر ديبلوماسية أن الأمر يعاود بحثه حالياً في الكونغرس. الحزب الجمهوري يرفض الموافقة على استفادة لبنان منها، في ظل وضعه السياسي الحالي وسيطرة حزب الله على القرار السياسي، لكن الادارة تضغط للموافقة انطلاقاً من ضرورة استمرار التواصل مع لبنان للتمكن من التأثير فيه. ومن بين هذه المساعدات مساعدة الجيش اللبناني. هناك حالة انتظار، وأي موقف ايجابي للبنان لاسيما في مسألة دفع مساهمته في موازنة المحكمة سيؤثر ايجاباً على موقف الكونغرس بالنسبة الى الموافقة على المخصصات الاقتصادية والعسكرية للبنان. واي موقف سلبي سينعكس سلباً على قدرة الادارة على اقناع الكونغرس باستمرار المساعدات، اذ ان الادارة تحتاج الى مواقف لبنانية ايجابية على مستوى الالتزامات بالقرارات الدولية، لتتمكن من اقناع الكونغرس بأن المساعدات تذهب في الاتجاه الصحيح.
ـ بالنسبة الى المحكمة فإن موضوعها أساسي في مسار العلاقات اللبنانية ـ الأميركية. فرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وعد بدفع مساهمة لبنان فيها، وثمة ضغوط أميركية شديدة تواجهه للوفاء بهذا الالتزام. وقد أبلغ لبنان عبر القنوات الديبلوماسية بأن عدم الوفاء بذلك سيعرضه لعقوبات أميركية سياسية واقتصادية أحادية.
ولدى المحكمة أموال تكفيها حتى نهاية الشهر الجاري أو الشهر المقبل. وقد تكون وضعية موازنتها هذه، عنصراً إضافياً ضاغطاً من جانب المجتمع الدولي على لبنان. إذ إنه ليس مستبعداً أن يكون التمهّل الدولي في التمويل مقصود من أجل أن يدفع لبنان مساهمته، وإن دفعها فستتمكن المحكمة من استكمال مهمتها حتى 1 آذار المقبل موعد انتهاء ولايتها. مع الإشارة الى أنه سيتم التمديد لمهمتها مطلع السنة المقبلة، وليس قبل ذلك، وهذا بات محسوماً. والتمهل الدولي للدفع سببه تشديد الضغوط على لبنان في هذا الملف.
ـ هناك موضوع القرار 1701 الذي هو محور متابعة من الإدارة الأميركية. وثمة استياء أميركي كبير من الخروق السورية للحدود اللبنانية ومن الملاحقات داخل لبنان. وصدرت مواقف أميركية وفرنسية في هذا الشأن أبلغت بها الحكومة اللبنانية. وموضوع الحدود بات يستخدم دولياً للضغط على سوريا مع العديد من الملفات الأخرى المفتوحة في موازاة الملف السوري، وليس هناك من ضغوط دولية فعلية لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا حالياً، لأن الأولوية الدولية هي للوضع الداخلي في سوريا الذي يحتل الجزء الأساسي في الاهتمام الأميركي بالمنطقة.
هذه المواضيع هي محور متابعة فعلية من الإدارة الأميركية بصورة مباشرة عبر إيفاد مسؤولين الى بيروت وعبر السفيرة مورا كونيللي، ولكن بالنسبة الى مسار لبنان العام، فإن السياسة الأميركية تجاه ذلك تبدو، بحسب المصادر، مرتبطة بتطور الموقف في سوريا. والوضع السوري أساسي في تحديد معطيات عدة متصلة بالدور الذي ستلعبه واشنطن في لبنان مستقبلاً. أما الآن وعلى رغم المتابعة الدقيقة للملفات الثنائية الأميركية مع لبنان، إلا أن ذلك يُعد ثانوياً، في مقابل التركيز على أوضاع المنطقة المحيطة بلبنان، لا سيما الملف السوري، بحيث أن أي تغيير فيه سيغيّر أوضاعاً كثيرة في المنطقة.
وفي هذا الوقت، تدعو واشنطن الحكومة اللبنانية الى أن يتجنب لبنان نتائج الموضوع السوري، وأن يُبعد عنه أي انعكاسات له، ويعني ذلك تحديداً موضوع اللاجئين السوريين وعدم السماح بتوقيفهم وتسليمهم الى السلطات السورية.
كما يعني ذلك، أنه في أسوأ الأحوال إذا حصلت حرب طائفية في سوريا، سنية ـ علوية، فلا تنعكس حرباً سنية ـ شيعية في لبنان. إذ إن كل التوقعات تشير الى أنه، إذا ما بقي الوضع السوري على حاله طويلاً، فإن المعارضة السورية قد تلجأ الى التسلّح، وقد تحصل حرب ذات طابع علوي ـ سني. ومن المفيد للبنان، وفقاً للمصادر، أن يبتعد عن أي انعكاسات لاحتمالات من هذا النوع.
ويعني أيضاً في الشأن الاقتصادي ضرورة أن يتفادى لبنان نتائج سلبية للعقوبات الأميركية على سوريا. وهذا الموضوع كان أمس محور مباحثات مساعد وزير الخزانة الأميركية دانيال غلايزر مع المسؤولين المعنيين في بيروت. وأوفدت الإدارة غلايزر للبحث في تفاصيل الإجراءات الأميركية الاقتصادية ضد سوريا، بعدما كان زار بيروت قبل نحو ثلاثة أسابيع مساعد نائب وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جاك والاس للبحث في الموضوع، على المستوى السياسي، كونه مساعد جيفري فيلتمان. والآن توفد الإدارة غلايزر لشرح القانون الأميركي المتعلق بتعامل أي مصرف أو شركة لبنانية مع أي شخصية تطالها العقوبات الأميركية الأحادية الجانب مع سوريا، وبالتالي الدخول في التفاصيل التقنية ما قد يتصل بلبنان إذا ما تعامل مع من تطاله العقوبات، وسبل تلافي لبنان نتائج سلبية من جراء ذلك، وما هو المسموح به لتلافي مقاطعة الشركات والبنوك الأميركية وما هو المسموح به في العمليات المصرفية في ضوء ذلك، لأن أي تعامل مع أولئك الذين تفرض عليهم عقوبات سيؤدي الى مقاطعة البنك أو الشركة التي تعاملت معهم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.