8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

رغبة دولية في الدخول في موضوع الحدود لطرح ملف سوريا على مجلس الأمن

في الوقت الذي يخضع الموقف اللبناني من موضوع ما يحصل على الحدود اللبنانية ـ السورية من اختراقات، وملاحقات سورية داخل الأراضي اللبنانية، لمراقبة دولية حثيثة، بدا أن هذا الملف كان له الثقل الأساسي في المشاورات داخل مجلس الأمن الدولي عندما تم النظر بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول مجريات تطبيق القرار 1559، الأسبوع الماضي.
إذ تكشف أوساط ديبلوماسية أن الدول الأعضاء في المجلس دعت الى احترام سيادة لبنان واستقلاله، وثمة مطالبة بتنفيذ القرار 1680 المتصل بترسيم الحدود اللبنانية ـ السورية. وكانت هناك فكرة دولية بإعادة طرح الموضوع السوري أمام المجلس، انطلاقاً مما يحصل على الحدود بين البلدين، إلا أنه في ظل الموقفين الروسي والصيني من طرح ملف سوريا أمام المجلس، ومن استصدار قرار جديد حيالها قد يمهد لقرارات أخرى أكثر تشدداً، لم تتوافر العوامل والظروف المؤاتية لطرح الفكرة الدولية هذه، ويصعب حالياً استخدام ما يحصل على الحدود وداخل الأراضي اللبنانية من أجل استصدار قرار جديد ضد سوريا.
في حين أن أي موافقة لروسيا والصين إذا حصلت، وبعد أسباب ومعطيات جديدة متّصلة بالوضع السوري، أو بموقف البلدين وتقييمهما لمدى التجاوب الفعلي من جانب القيادة السورية مع المبادرة العربية، ستعيد استخدام كل القضايا المتاحة لطرح الملف أمام المجلس. روسيا والصين أكدتا في المشاورات المطلقة، وفي ما يتصل بالحدود والملاحقات، ضرورة تنفيذ المبادئ العامة ذات الصلة بالاستقرار والحوار، وتجنبتا الدخول في مواقف تفصيلية، خلافاً للموقفين الأميركي والفرنسي، الأمر الذي لا يزال يقف في وجه الدخول الى الملف السوري في مجلس الأمن انطلاقاً من أي باب مؤات.
وهناك تقرير الأمين العام حول مجريات تنفيذ الـ1701، والذي أرجئ صدوره من نهاية تشرين الأول الماضي الى منتصف هذا الشهر. والمشاورات حوله في المجلس نهاية الشهر، والأنظار متجهة الى لهجته ومضمون هذه اللهجة في مسألة الحدود اللبنانية ـ السورية.
ويبدو واضحاً للأوساط أن الموقف اللبناني في هذا الشأن مرسوم وفق حدود أبرزها ما يلي:
- ترك الأمور تجري وفق ما يحصل. فلبنان لم يمنع دخول اللاجئين السوريين إليه، ولا دخول المعارضة السورية، وفي الوقت نفسه يسمح بملاحقة هؤلاء المعارضين، وبالتالي يسمح للطرفين بأن يقوما بما يرغبان فيه في الوقت نفسه، وهو نوع من عدم اتخاذ موقف واضح، ومن غير المعروف إذا ما كان لبنان قادراً على أن يتخذ موقفاً مغايراً للموقف الذي يتخذه حالياً.
- إن الأجهزة الأمنية اللبنانية تتعامل مع تأثيرات الموضوع السوري في لبنان، إن لناحية الحدود أو الملاحقات. ويبدو أن التعامل مع هذا الملف يقتصر على الجانب الأمني، من غير أن يأخذ أبعاده في الجوانب السياسية والديبلوماسية، لا سيما وأن لهذا الموضوع جوانب ديبلوماسية وسياسية وأمنية وقانونية، مع الإشارة الى أن الأولوية بالنسبة الى النظام، ألا يكون لبنان منطلقاً لأنشطة لا تتفق وأهدافه أياً تكن هذه الأنشطة، وتحت أي عنوان. ويمكن لهذا النظام تمرير أي قضية حتى لو كانت الإيجابية في تمويل لبنان لمساهمته في المحكمة، لكنه لا يسمح بتمرير أي خطوة تتناقض وأهدافه، لأن بقاءه هو الأولوية.
- إن الحكومة اللبنانية لا تريد أن تكون خارج الشرعية الدولية، ولا أن تصل الى مرحلة تواجه فيها العقوبات الدولية سياسية كانت أم اقتصادية نتيجة تعاونها أو مساعدتها، عبر تحرك بعض الأرصدة التي طلبت العقوبات الدولية أميركية كانت أم أوروبية، في البنوك أو الشركات اللبنانية. ذلك أنه في النظام العالمي الجديد تستطيع الولايات المتحدة أو أوروبا رصد تحرك أي رصيد في أي مصرف خارج أراضي هاتين الجهتين، وبالتالي ثمة مراقبة لكي لا يصبح لبنان وسيلة للتهرّب من مسار عقوبات دولي على أرصدة سورية، وأي تحريك لتلك الأرصدة انطلاقاً من لبنان، سيعرّض لبنان نفسه لعقوبات لأنه يساعد في عدم الالتزام بمقتضيات العقوبات الدولية على سوريا.
إلا أنه في الوقت نفسه، فإن لبنان غير ملزم بعقوبات فرضتها على سوريا كل من الولايات المتحدة وأوروبا، لأنها ليست عقوبات صادرة عن مجلس الأمن الدولي، بحيث تعتبر ملزمة لكل الدول. لكن المشكلة أنه في حال تم رصد مثل هذه التعاملات فإن البنوك الأميركية والأوروبية تقاطع المصرف أو الشركة التي تحرّك الأرصدة، ما يؤدي الى انهيارها. الأميركيون والأوروبيون لا يفرضون على كل العالم ضرورة فرض العقوبات على سوريا، إنما تتوقف معاملاتهم مع أي مصرف أو شركة تتعامل مع الأرصدة المجمّدة، وإلا تكون هناك مخالفة من المؤسسات الأميركية والأوروبية للقوانين المحلية أو الوطنية. ما يعني أن العقوبات الأميركية والأوروبية لا تلزم مباشرة المصارف والشركات في الدول الأخرى بتنفيذ مقتضيات العقوبات، إنما يلزمانها بذلك، بصورة غير مباشرة. المصارف والشركات مدركة تماماً لخطورة الموقف، وهي تتلافى تعاملات مالية تؤدي الى ملاحقة أو مقاطعة، ولكن يمكنها عدم تنفيذ الإجراءات بالكامل.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00