تسابق الضغوط الدولية على دمشق المسعى العربي لحل الأزمة عبر الدور الذي أعطي للجنة الخاصة بذلك. ومع اعتبار المجتمع الدولي أن المبادرة العربية ايجابية، لكن الآمال بتوصلها الى حل للأزمة تبقى ضعيفة، تواصل الدول الغربية مشاهداتها حول فرض عقوبات جديدة على النظام السوري من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتؤكد أوساط ديبلوماسية في واشنطن، أن كل أنواع الضغوط ستمارس على النظام السوري ما عدا العسكرية منها. اذ إن ثمة قناعة أميركية انه على المدى الطويل، ستكون هذه العقوبات فاعلة ومؤثرة، ما يشير الى أن الموضوع السوري سيكون طويل الأمد. ولن تكون هناك عقوبات ثنائية أميركية، أو ثنائية من أي طرف دولي آخر فقط، انما عقوبات متعددة، وبالتالي لا تستغرب المصادر، أن تتخذ فرنسا خطوة مماثلة للولايات المتحدة، لناحية استدعاء السفير الفرنسي في دمشق للتشاور، وأن تتبعها كذلك دول أوروبية عدة في هذا المجال. فاستدعاء السفير الأميركي في سوريا روبرت فورد للتشاور، هو اشارة اضافية الى التصعيد حيال سوريا. اذ انه بحسب المصادر، بعد انتهاء قضية ليبيا أصبح هناك تركيز أكثر على سوريا.
مع الاشارة الى أن العقوبات الأميركية لم يكن لها تأثير كبير على سوريا، خلافاً للعقوبات الأوروبية، لا سيما أن 90 في المئة من صادرات البترول السورية هي الى الدول الأوروبية. وأهمية الضغوط الدولية على سوريا بالنسبة الى الأميركيين، هي في أنه عندما تسير فيها الولايات المتحدة تتبعها أوروبا مباشرة. ثم هناك الدور التركي في العقوبات، لهذا تعتبر العقوبات متعددة الأطراف.
وتشير أوساط ديبلوماسية أوروبية الى أن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه زار الصين أخيراً، وكان الموضوع السوري على جدول الأعمال، في محاولة جديدة لإقناع الصين بالسير في الخطوات الدولية حيال سوريا. وبالتزامن تستمر فرنسا في محاولاتها اقناع روسيا لهذه الغاية أيضاً.
لكن حتى الآن لا يوجد نص جديد قدمته قرنسا الى مجلس الأمن حول سوريا. انما المحاولات لإقناع الروس والصينيين فضلاً عن جنوب افريقيا هي من أجل استصدار قرار جديد عن المجلس يدين أعمال القمع، ولا يتضمن أي عقوبات.
وتلفت الأوساط الى أن القوى الدولية التي تمارس مختلف أنواع الضغوط على دمشق، لا تزال تستثني من هذه الضغوط اللجوء الى العمليات العسكرية، اذ أنها تعتقد أن هناك فارقاً كبيراً بين الموضوع الليبي والموضوع السوري، بسبب اختلاف الوضع على الأرض. ففي سوريا هناك جيش، والمعارضة غير مسلحة، في حين أن في ليبيا نصف الجيش ترك القيادة الأساسية واتجه مع سلاحه الجوي والأرضي، الى المعارضة ضد النظام. وبالتالي، كان في ليبيا نوع من الجيش في اطار الحركة المسلحة واصبح الثوار جزءاً من الجيش، وجاءت قوات الناتو لمساعدته.
في سوريا المعارضة سلمية، ومن المهم أن تبقى سلمية، لا سيما وأن النظام ينتظر تسليح المعارضة ليقول ان ما تقوم به هو مؤامرة. لذلك تعوّل الدول على أن تبقى المعارضة السورية سلمية. فالمعارضة ومعها سلاح تأتي لتصب في مصلحة النظام السوري وليس في مصلحتها هي.
لذا، فإن فرنسا تنوي مجدداً تقديم مشروع قرار جديد الى مجلس الأمن، لكنها لا تزال تنتظر الفرصة المؤاتية. ولن يكون الانتقال الى التعامل مع الملف السوري مثلما تم التعامل مع الملف الليبي بصورة أوتوماتيكية. حتى بالنسبة الى التدخل العسكري فإن ذلك يحتاج الى قرار الشرعية الدولية، والغطاء الأساسي في الأمر هو من مجلس الأمن. لكن الأمور حيال سوريا لم تصل الى التفكير بالفتاوى للتدخل العسكري. ولا يزال هذا الموضوع سابقاً لأوانه، على أن الأوساط تؤكد أن أي عملية عسكرية تحتاج الى قرار أساسي من المعارضة، والى توفير اجماع عربي ودولي حولها على غرار ما حصل بالنسبة الى ليبيا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.