لا يزال رئيس الجمهورية ميشال سليمان مصمماً على السعي الى استئناف جلسات الحوار الوطني، على الرغم من الصعوبات التي تواجه هذا المسار. ولذلك من المقرر، استناداً الى مصادر ديبلوماسية، أن يكثف تحركه في هذا الإطار، بعد عودته من نيويورك التي يغادر اليها غداً الإثنين، لتمثيل لبنان في افتتاح أعمال الدورة 66 العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة، ويلقي كلمة لبنان في 21 الجاري ويترأس جلسة لمجلس الأمن في 22 منه حول الديبلوماسية الوقائية.
ووفقاً للمصادر، ثمة رهان لدى الرئيس سليمان على أن كل الأطراف قد تجد في وقت ما أنه لا بد من العودة الى طاولة الحوار حتى ولو لم تصل الى نتيجة حاسمة فوراً. بل يمكن لهذه الطاولة أن تنفس الاحتقانات الموجودة وأن تخفف من الانقسامات العمودية في السياسة والتي تصل الى حد القطيعة، وهو أمر لا يجوز بقاؤه كما هو، لا سيما وأن الجميع يحتاج الى توحيد الرؤى، والى التوافق. حتى الآن وجد الرئيس من خلال مساعيه الأخيرة أن لا اتفاق على انعقاد هذه الطاولة. لكنه قد يسعى الى طرح موضوع استئناف الحوار من زاوية أو صيغة مقبولة لدى الجميع، ومن دون أن تشكل البنود التي ستُطرح حساسية لدى فريق أو آخر.
وهذه الصيغة تأخذ مزيداً من البحث والدراسة، إذ قد لا يُطرح فقط موضوع السلاح، إنما هناك مواضيع أخرى مثل اللامركزية الإدارية، وقانون الانتخاب، وعلاقات اللبنانيين مع بعضهم، وهي بحسب المصادر، مواضيع قد تكون أصعب من موضوع السلاح. ذلك أن المقاطعة والمواقف المتناقضة والتي أدت الى وجود خلاف عمودي، هي مواضيع أساسية ومن ضمنها قد يُطرح موضوع السلاح، ولكن بعد عملية البحث في استعادة الثقة بين الأفرقاء اللبنانيين.
ولا يزال الرئيس سليمان، بالتالي، يستمزج الآراء ويسعى الى معرفة مواقف الأطراف واستعداداتها والمدى الذي يمكن لكل طرف أن يذهب من خلاله في مواقفه. فهناك تباعد حقيقي، وآخر محطة سُجل من خلالها هذا التباعد ردود الفعل على مواقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الباريسية. مع الإشارة الى أن أوساطاً فرنسية رفيعة أكدت أن ثلاث رسائل أُبلغت الى البطريرك في زيارته الى فرنسا، وهي تتصل بالمواقف الثابتة حيال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وبسلامة اليونيفيل والوضع في سوريا. وفي اعتقاد المصادر أن الرئيس سليمان يعتبر أن الحوار يقوي الوحدة الوطنية، ويعزز التماسك الداخلي، ويحمل لبنان على درء مخاطر عدم فصل وضعه عن الأوضاع المحيطة به.
غير أن أوساطاً ديبلوماسية غربية، تراقب عن كثب مسألة الحوار الوطني الداخلي، تؤكد أن الحوار مفيد جداً للبنانيين، وأنه الحل الوحيد لقضاياهم العالقة، إنما عملياً هناك صعوبات في انعقاده، ومن بينها، غياب الزعيم السني الأساسي الرئيس سعد الحريري عن لبنان، وكذلك الشعور بأن معظم القيادات اللبنانية وعلى تنوع انتماءاتها، لا تريد أن تُلزم نفسها بمواقف محددة من جراء الحوار الوطني، في ظل الظروف السورية الحالية.
وإذا كان خطاب الرئيس سليمان في نيويورك سيركز على التفاهم والوحدة الوطنية، في أحد جوانبه، بالتزامن مع تصميمه على استئناف المساعي للحوار بعد عودته، فإن قوى الرابع عشر من آذار لا تزال تتساءل عن أسباب الجلوس الى طاولة حوار ليس فيها نوايا للوصول الى حلول ما. ويتركز موقفها على جملة معطيات أهمها:
ـ طالما ليس هناك رغبة جدية من فريق 8 آذار في البحث في الاستراتيجية الدفاعية فلماذا الذهاب الى الحوار الوطني لتقطيع الوقت وعدم إحراز تقدم جوهري في هذا المجال؟.
ـ إن المواضيع المتصلة بطريقة عمل المؤسسات، أو بالانتخابات أو غيرها من المسائل، يمكن بحثها في مجلسي النواب والوزراء، ولا يحتاج الأمر الى البحث في طاولة الحوار، إنما موضوع السلاح يحتاج الى حل على مستوى وطني أعلى، لذلك يُفترض بحثه في الحوار الوطني من دون إضاعة مزيد من الوقت.
ـ إن كل الاتفاقات التي توصلت اليها طاولة الحوار الوطني سابقاً لم تُنفذ، وهناك علامات استفهام حول مصير أي بحث يتم على هذه الطاولة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.