لاحظت أوساط ديبلوماسية بارزة انّ تحديد الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، حول سوريا والاعتراف بالمجلس الوطني الليبي والاوضاع العربية بما في ذلك الوضع الفلسطيني، جاء مباشرة بعد طرح مشروع قرار فرض عقوبات على النظام السوري في مجلس الأمن الدولي.
ولم تكن سوريا لترضى سابقاً بطرح تطوراتها أمام الجامعة والبحث بها، لكن الأوساط تتوقع أن يكون هناك مسعى سوري لأخذ مقررات الجامعة في اتجاه مصلحة القيادة السورية. وسيقف إلى جانب سوريا، لبنان، وعدد من الدول العربية، مركّزين على الإصلاحات الموعودة وعلى البرنامج الزمني المعني بذلك. في حين ان دولاً عربية أخرى ستطلب وقف العنف والاعتداءات وقتل المدنيين. وبالتالي يتوقع أن يسود الاجتماع تجاذب حاد حول الوضع السوري، يتم العمل للخروج بحدّ معقول من المقررات حوله.
مع الإشارة إلى أنّ الأنظار الدولية تتجه إلى موقف الجامعة حيال سوريا، وما إذا سيساعد في استصدار القرار المعروض على مجلس الأمن أم لا، أو ما إذا سيُبقي على الموقف العربي في حدود المطالبة بالإصلاحات الفورية.
وثمة مشاورات عربية تجري حول الخروج بموقف موحّد، وسط اتصالات دولية مع العديد من القادة العرب لاتخاذ موقف داعم لصدور القرار، الأمر الذي حتّم على العرب طرح الموضوع السوري على اجتماع طارئ للجامعة، بعدما كانت المواقف الثلاثة التي صدرت عن الملك عبدالله، وعن مجلس التعاون الخليجي وعن الأمين العام للجامعة العربية، صدرت بتنسيق تام ولكي لا يصدر موقف أشدّ لهجة منها خلال الأسبوعين الماضيين.
وأشارت الأوساط إلى أنّ المواقف العربية التي صدرت أخيراً، وما تلاها من استدعاء للعديد من السفراء العرب من دمشق للتشاور، هي بمثابة نوع من سحب الغطاء عن النظام ولو بطريقة غير معلنة. وبالتالي ان صدور أي موقف عن الجامعة يساعد في استصدار القرار المطروح، بفرض عقوبات على النظام السوري، سيكون محور ترحيب دولي. بحيث ان أي موقف من هذا القبيل سيسهّل على روسيا الاتحادية اتخاذ موقف مساعد لصدور القرار، ويسهّل إذ ذاك على الصين أن تحذو حذو روسيا في هذا المجال.
ويبقى لبنان عالقاً في موقفه الذي لا يدعم صدور قرار ضدّ سوريا، لكن موقفه سيكون عالقاً في نيويورك حين يُطرح مشروع القرار على التصويت، في مجلس الأمن.
على أنّ لبنان في مسألة القرار، يختلف تأثير تصويته عمّا هو عليه عند العمل لصدور بيان رئاسي يحتاج إلى إجماع الدول الـ15. وأي رفض لبناني لمشروع القرار لا يؤثر في استصداره. إنما الموقف النهائي الذي يتخذه حول المشروع في نهاية المطاف، إن كان امتناعاً عن التصويت أو رفضاً، هو موضوع آخر.
لا يزال من المبكر لأوانه تحديد لبنان لموقفه النهائي، إذ انّ المشروع لا يزال في بدايات طرحه، ولم تطلب أي دولة بعد من لبنان طلباً محدداً، مع أنّ كل الدول الغربية على علم مسبق بموقفه، وهي لا تعوّل على أي تعديل به.
وصحيح أنّ لبنان يمثّل المجموعة العربية مبدئياً في مجلس الأمن، لكنه يستطيع في المجلس اتخاذ الموقف الذي يريده. فهو موجود في المجلس بصفته الوطنية، ولو أنّه مقعد عربي. وإذا ما حصل انقسام عربي حول سوريا، فإنّه في هذه الحالة لا يُحرج، بل يستطيع اتخاذ الموقف الذي يرتئيه.
وبحسب الأوساط، فعلى الرغم من طرح المشروع، إنّ اتخاذ قرار عقوبات بالشكل الذي طرح به، ليس مسألة سهلة، مع أنّها باتت أسهل من السابق، بسبب صدور بيان رئاسي، وبسبب أنّ القرار مكمّل للبيان ومكمّل لموقف لجنة حقوق الإنسان الدولية حول سوريا. كما أنّه بات لدى روسيا وضع أسهل للسير في قرار فرض عقوبات، لكن ذلك لا يعني السير بأي قرار، ومن المحتمل في الجلسات المقرّر عقدها لمناقشة المشروع في مجلس الأمن، أن تسعى روسيا لتخفيف لهجة النص، وإذا لم تتمكن فقد يتم التوصل معها إلى عدم استعمال حق النقض الفيتو، فيمر القرار كما هو. والواضح أنّ موقف روسيا بات أكثر قبولاً لصدور قرار، ولكن أي قرار؟ وأي عقوبات؟
وتعتبر الأوساط ان عوامل عدّة تقف وراء تبدّل الموقف الروسي، حتى بات استعمال الفيتو أكثر صعوبة من السابق، ولعل أبرزها:
ـ استمرار إراقة الدماء في سوريا واستهداف المواطنين بالرصاص الحيّ، والإحراج الذي تواجهه روسيا من الرأي العام داخلها، وفشل كل المحاولات الدولية لإجراء إصلاحات وحوار في سوريا ووقف العنف.
ـ وجود مصالح روسية مع دول عربية أخرى غير سوريا، كما أنّ روسيا لا تريد الظهور وكأنّها ضدّ أي قيادة جديدة ممكنة.
ـ ان المسعى التركي لم ينجح وسجلت بعده أعمال عنف وقتل للمواطنين، واستمر القصف ضدّ المدن والأحياء، وتركيا تسير الآن مع المجتمع الدولي في المسألة السورية.
ـ ان المواقف العربية التي صدرت، أثّرت في الموقف الروسي لاسيما استدعاء السفراء العرب من دمشق، لأنّ ذلك يعبّر عن موقف رافض لما يحصل.
ـ انّ هناك رغبة دولية بالتحرّك قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ66 العادية في 20 أيلول المقبل، وهذا التحرّك هو مناسبة لأن تكون الدول كلها على تنسيق وتفاهم حيال الوضع في سوريا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.