8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الضغوط ستتواصل لتسليم المطلوبين واستبعاد اللجوء الى مجلس الأمن حالياً

بعدما أجاب القضاء اللبناني على المحكمة الخاصة بلبنان، حول مذكرات التوقيف التي تسلمها منها للمتهمين الأربعة من حزب الله بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأنه لم يعثر على أي منهم، تتجه الانظار الى موقف رئيس المحكمة انطونيو كاسيزي، الذي يعود اليه تقييم الرد اللبناني واتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الشأن.
وترى أوساط ديبلوماسية بارزة، ان هناك احتمالات عديدة للموقف الذي سيتخذه كاسيزي، لعل اهمها ما يلي:
ـ هل سيعتبر كاسيزي ان لبنان عمل كل ما في وسعه لتسليم المطلوبين الاربعة، وانه لم يوفر جهداً لأجل ذلك. ولم يتمكن من الاستجابة لطلب المحكمة على الرغم من كل جهوده؟
ام انه سيعتبر ان لبنان لم يفعل كل ما في استطاعته من أجل ايجاد المطلوبين وتسليمهم؟ أي خطوة للمحكمة، ستتوقف على هذا التقييم.
ـ كما انه يمكن لرئيس المحكمة الاعتبار انه فعلا من الصعب على الحكومة او القضاء اللبناني احضار هؤلاء المطلوبين، وأن الاسباب لعدم التمكن من احضارهم هي بالفعل وجيهة، خصوصا وأن هؤلاء الأشخاص لديهم مهام أخرى، وهم متوارون عن الأنظار وانه قد تكون لديهم اسماء أخرى، وانه يصعب العثور عليهم، المهم مدى قناعة كاسيزي او عدم قناعته بالجواب اللبناني، لكي يبني على الشيء مقتضاه.
ـ قد يلجأ كاسيزي الى اعطاء لبنان او القضاء اللبناني، مهلة اضافية للعثور عليهم واحضارهم وتسليمهم الى العدالة الدولية. مع الاشارة الى انه، في كل الأحوال، فان عمليات البحث عنهم ستستمر، وستجري متابعة مذكرات التوقيف في حقهم والنشرة الحمراء الصادرة حيالهم ايضاً.
ـ قد يعتبر كاسيزي ان المهلة التي اعطيت، وهي شهر، لتنفيذ المذكرات كافية، وسيصار بالتالي، الى البدء بالاعلان في وسائل الاعلام المقروءة عن أسماء هؤلاء من اجل تسليم أنفسهم الى القضاء الدولي، على ان تبدأ بعد فترة المحاكمات الغيابية. وترجح الأوساط ان لا تكون المحاكمات الغيابية فورية او اوتوماتيكية بل ستأخذ المباشرة بها وقتاً، ويتوقع ان تبدأ في منتصف الخريف المقبل.
ـ هناك احتمال ان يعتبر رئيس المحكمة ان لبنان مقصر في تعاونه مع المحكمة، او غير متعاون، وفي ذلك ثمة عودة الى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الموقف المناسب. ذلك ان علاقة المحكمة في النهاية هي مع مجلس الأمن واليه يعود الفصل في كل ما يواجه المحكمة من صعاب في تحقيق مهمتها، او في تطبيق القرار 1757 الخاص بانشائها.
جواب كاسيزي سيتبلور في وقت قريب. لكن الأوساط تستبعد ان يتم اللجوء الى مجلس الأمن في هذه المرحلة، نظراً لعوامل عدة ابرزها:
ـ ان عدم تمكن لبنان من تسليم المتهمين مع كل حيثياته السياسية على مستوى السياسة الداخلية وابعاده الدولية وذات الصلة بالجريمة، لن يتم اعتباره سبباً كافياً للجوء الى مجلس الأمن. وتبعاً لذلك، انه احتمال ضعيف ان يعتبر لبنان مقصراً على هذا الاساس. والسبب يعود الى ان الحكومة ومن وراءها، يستدركون عبر الأسلوب الذي يعتمدونه بعدم اللجوء الى مواقف فيها تحد للمحكمة ولو شكلياً، اي سلبية قد تعتمد من جانب المجتمع الدولي والمحكمة. فالحكومة عبر هذا الاسلوب المقصود وبضوء اخضر من حزب الله لم تقل انها لن تدفع مساهمة لبنان في تمويل المحكمة، بل عمدت الى ارسال رسائل ايجابية عبر القول انها ستدفع تلك المساهمة، وعبر القول انها فتشت على المطلوبين الاربعة، لكنها لم تجدهم، هذه المواقف تصعّب على المحكمة العودة الى مجلس الأمن، لا سيما في حالة عدم القدرة على تسليم المطلوبين. وبالتالي ان العودة الى المجلس واردة، لكنها ليست حكماً ستتم.
ـ تشير الأوساط الى ان عدم العودة الان الى مجلس الامن، لا تعني، انه لن تكون هناك عودة اليه مطلقاً ومهما حصل، هناك مناخ عام حصيلته، ان هنالك قدرة على العودة الى مجلس الأمن عند اي انعدام للتعاون يقوم به لبنان في اي لحظة. وما دام هناك انتظار لاداء الحكومة اللبنانية، فانه في هذه المرحلة لن يتم اللجوء الى المجلس اذا توافرت القناعة القضائية بذلك، كما ان هناك اولويات دولية هي المشكلات في المنطقة، لا سيما المحيطة بلبنان وفي الموضوع السوري تحديداً، لذا فان اللجوء الى مجلس الامن في القضايا ذات الصلة بالتعاون اللبناني ممكن في اي لحظة لاحقاً وليس صعباً.
وافادت الأوساط، ان كاسيزي ومعه المحكمة كانوا يتوقعون مثل هذا الرد من القضاء اللبناني، وهم يدركون ان الحكومة ليست قادرة على تبليغ المطلوبين الأربعة، والان سيتم الابلاغ عبر وسائل الاعلام، بحيث اذا لم يسلموا انفسهم، سيتم اعتبارهم فارين من العدالة. وهذه الاجراءات ستسير كما سارت بالنسبة الى محكمة يوغوسلافيا، حيث صدرت استنابات دولية للبحث عنهم، وظل القضاء الدولي وراءهم حتى قبض عليهم، بالتزامن مع الضغوط الدولية على حكومة صربيا لايجادهم وتسليمهم. والضغوط من المحكمة والمجتمع الدولي ستستكمل على الحكومة اللبنانية لتسليمهم.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00