لا يزال رئيس الجمهورية ميشال سليمان، في طور استمزاج الآراء حول طرحه معاودة الحوار الوطني، وذلك استناداً الى أوساط واسعة الاطلاع. ومن الآن ولغاية أسبوعين، ستتضح صورة الموقف بالنسبة الى إمكان استئنافه، خصوصاً في ظل موقف قوى الرابع عشر من آذار، الذي يؤكد ضرورة إدراج موضوع مصير سلاح حزب الله والاستراتيجية الدفاعية للبنان على جدول أعماله، والالتزام بما قرره الحوار في السابق من حيث المحكمة الخاصة بلبنان والسلاح الفلسطيني خارج المخيمات.
وتفيد هذه الأوساط، أنه حتى الآن لم تتم جهوزية برنامج عمل الحوار، وما إذا سيتضمن فقط موضوع السلاح، أو أنه سيشمل مواضيع أخرى. كما أنه لم تتم جهوزية تصور للمشاركين في هذا الحوار، لمعرفة من سيحاور من. وكذلك لن تُطرح أي مواضيع على جدول الأعمال إذا لم تكن تحظى بموافقة كل الأطراف، لكي تصل الأمور الى نتيجة، وثمّة خطورة في حال لم يقبل فريق ما بالمشاركة تحت أي سبب من الأسباب، أن يتعطل الحوار وأن لا يحصل في الأساس. لكن لا مفرّ من الحوار، ويجب ايجاد طريقة غير مجلس الوزراء، لكي يتحاور اللبنانيون في ما بينهم، ذلك أن الحوار لا تنتج عنه قرارات تُتخذ على صعيد السلطة، إنما هو طريق مفتوح لكي تتلاقى كل القوى وتتشاور وتتفق في ما بينها، ومن دون ذلك لا يمكن السير بالبلاد.
وهناك قلق، وفقاً لأوساط ديبلوماسية، من أن تعمد قوى 8 آذار الى طرح قضايا أخرى غير السلاح في الحوار، مثل المحكمة، الأمر الذي لن تقبل به قوى 14 آذار.
وتفيد مصادر هذه القوى، أن أي حوار خارج الموضوع الأساس، أي الاستراتيجية الدفاعية، ومن دون تنفيذ ما اتفق عليه بالنسبة الى التأكيد على المحكمة وحل مسألة السلاح في القواعد خارج المخيمات الفلسطينية، ليس وارداً. إذ لا مشاركة في حوار للتسلية. فالقرار لدى رئيس الجمهورية، فهو رئيس طاولة الحوار. ولا بد أيضاً من إعادة النظر بتشكيلة الحوار، بحيث توجد كتل نيابية تشكلت اصطناعياً ليكون لديها تمثيل في طاولة الحوار، وليس لديها عدد نواب كبير، بينما يوجد خارج الحوار كتل نيابية لديها أربعة نواب أو أكثر. إذاً، يجب إعادة النظر في التشكيلة، وأن يُطرح على الطاولة موضوع وحيد هو الاستراتيجية الدفاعية، وضبضبة سلاح حزب الله تدريجياً تحت سلطة الجيش والدولة، وتطبيق القرارات السابقة والاعتراف بها على الأقل وعدم التنكر لها.
وفي حال انعقاد الحوار الوطني، تستبعد مصادر ديبلوماسية أن يؤدي الى نتيجة في كل الأحوال، لأسباب متنوعة لعل أهمها:
أولاً: لأن حل موضوع السلاح يصعب أن يكون مسألة داخلية، على الأقل في هذه الظروف الإقليمية السائدة. فضلاً عن العوامل الداخلية، بحيث أنه توجد تحالفات وخط معين يقابله خط آخر، وهناك خط يعتبر أن السلاح مصدر قوة في يده، وهو ورقة لن يتخلى عنها من دون مقابل، ولو كانت هذه الورقة في يد أي فريق، لن يلجأ الى التخلي عنها.
ثانياً: لا توجد مؤشرات الى أن الحوار الدولي مع إيران سيُستأنف، أو أنه في مسار يمكن أن تطرأ عليه أي مستجدات لناحية بلوغ الأمور مرحلة متقدمة.
فالأساس هو التفاوض الإيراني ـ الأميركي، والذي يسهّل معالجة العديد من الملفات إن في لبنان أو في المنطقة. إذ إن الحوار مع إيران لا يشمل فقط الملف النووي الإيراني، إنما يشمل أيضاً ترتيبات أمنية وسياسية مع إيران والمنطقة، إذا ما طرأ عليها تقدم سيكون ملف سلاح حزب الله من ضمنها، وهو الأمر الذي لا يزال بعيد المنال، ويرتبط بكثير من الظروف. أولها، طغيان مستجدات المنطقة العربية على أولوية البحث بالموضوع الإيراني، ثم ان استعادة أي حوار مع إيران لن يكون سهلاً، لأنها ستحتفظ بكل الأوراق والمكتسبات في المنطقة، ولن تتنازل عنها كما ترجو الدول الكبرى.
ثالثاً: لا يوجد أفق للحل على مسار النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وهذا يؤثّر، وهو أحد العوامل الخارجية التي تنعكس على مصير سلاح حزب الله في لبنان.
كما أن استمرار جمود عملية السلام، وجمود البحث في الملف النووي الإيراني، سيجعلان بحث الحوار الوطني في السلاح يراوح مكانه.
النتيجة الوحيدة التي سيؤول إليها الحوار، هي في استيعاب التوترات الداخلية وتنظيمها وتقطيرها، بحيث لا تنزلق الى الشارع، ولا تذهب الى مكان آخر، وهذا الدور أدته طاولة الحوار عندما انعقدت سابقاً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.