8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

عوامل كثيرة تجعل التعاطي الدولي مع الوضع السوري دقيقاً وأكثر صعوبة

ثمة عوامل كثيرة تجعل التعامل الدولي مع الوضع السوري على جانب من الصعوبة، استناداً الى أوساط ديبلوماسية بارزة في العاصمة الفرنسية باريس. والتعامل الدولي يقصد به الأميركي ـ الفرنسي ـ البريطاني، على الرغم من الاتصالات المكثّفة بين هؤلاء الأطراف حول سبل التعاطي مع الأزمة الحاضرة.
وقد بات لدى تلك الأطراف موقف، جاء نتيجة تراكمات محددة، وفقاً للأوساط، لعل أهمها: الدعوة الى الإصلاحات والحوار، ثم تناولها لوضع الرئيس السوري بشار الأسد، من حيث ضرورة قيامه بالإصلاحات أو الرحيل، ثم فرض عقوبات محلية ثنائية أوروبية وأميركية على القيادة السورية، لتصل هذه التراكمات الى طرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، لم توافق روسيا الاتحادية والصين على السير به. وتعتقد الأوساط، ان الطلب الدولي الى الرئيس القيام بالإصلاحات أو الرحيل، هو نوع من الضغط بالتزامن مع تطور الموقف السوري داخلياً، والدول تدرك انه لن يرحل بهذه السهولة. وعلى الرغم من ان الأوساط ترى، ان لا عودة في هذا الوضع الى الوراء، إلا انه أيضاً من الصعوبة بمكان التحرك دولياً لانتفاء العناصر المماثلة للتحرك الدولي في التعامل مع الموضوع الليبي، وعلى الشكل الآتي:
ـ ليس هناك من موافقة عربية على عملية عسكرية ضد القيادة السورية، ولذلك حضّ الأوروبيون أخيراً، الجامعة العربية على اتخاذ موقف من القمع الذي يحصل بشكل يتوافق والهدف الدولي.
ـ في سوريا لم يحصل تهديد ضد الإنسانية مثلما حصل في مجزرة بنغازي في ليبيا، وحيث لاقى هذا الموضوع تطويرا دولياً له بشكل يتناسب والمصالح الدولية وصولاً الى شن عمليات ضد القيادة الليبية تحت غطاء قرارين من مجلس الأمن.
ـ ليس هناك من مصلحة مادية مباشرة في سوريا، على غرار المصلحة بالنسبة الى ليبيا، لا سيما من حيث وجود النفط. وهذه النقطة في ليبيا تشكل نقطة اجتذاب لمصالح الدول.
ـ ان هناك تخوفاً دولياً من انفجار الوضع السوري، ومن حصول حرب أهلية تمتد الى دول عدة. ما يجعل التعامل مع الموضوع السوري أكثر دقة، ففي سوريا مذهبية على غرار العراق مثلاً، حيث يسعى السنّة الى ايجاد منطقة يستقرون فيها بعيداً عن الشيعة.
ـ حتى الآن لا يوجد بديل للنظام الحالي، وليس هناك من برنامج واضح ومنظم للمعارضة السورية، يُمكنها من تسلم الحكم.
ـ في سوريا الحكم لا يزال قوياً، ويستند الى تماسك القوى الأمنية والجيش والحزب الواحد، والى دعم الأقليات، لا سيما العلويين، والعائلة الحاكمة. والدول ترى عواقب تفكك النظام في حال حصول ذلك، لكنها في الوقت نفسه لا تريد خيانة مبادئها من حيث انها تتمسك بالديموقراطية، وهي ترى ان عدم الانخراط في الإصلاحات بشكل جدي، يعود الى خوف النظام من ان تؤدي الى إزالته وهو محرج في هذه الناحية، مع الإشارة الى ان الثورة تحرجه بالتوازي أيضاً.
هناك منحى أوروبي متجدد لتشديد العقوبات على القيادة السورية، بحسب الأوساط، ويتزامن ذلك مع مناقشة مجلس الأمن الدولي لمشروع قرار إدانة القمع في سوريا كل فترة للابقاء على مسار طرحه قائماً، لان ثمة أملاً فرنسياً بتغيير روسيا موقفها، في لحظة ما.
وتندرج أسباب استمرار الموقف الروسي على معارضته صدور قرار عن مجلس الأمن، في إطار ما يلي:
ـ ان موسكو وجدت ان ما حصل في ليبيا من أداء دولي، تجاوز مهمة القرارين 1970 و1973، الأول متصل بالعقوبات، والثاني بالتدخل العسكري.
وجاء التدخل الدولي في ليبيا بشكل يفوق نص القرارين، الأمر الذي أدى الى بروز معارضة روسية لإعطاء تفويض دولي من هذا النوع في دول أخرى. مع الإشارة الى ان مشروع القرار حول سوريا يتضمن الإدانة، وليس العقوبات أو التدخل العسكري. لكن هناك خوفاً من ان يكون الأمر مقدمة لعقوبات أو تدخل ما. والدول تردّ على موسكو بأنها في الأساس لا تريد تفويضاً عسكرياً ولا قراراً لإسقاط النظام، انما قراراً لإدانة العنف فقط.
ـ ان روسيا ومعها الصين لا تريدان انتشار موجة التغيير في العالم، نظراً الى تخوفهما من ان تصل الى أراضيهما أو تطالهما.
ـ روسيا تعتبر ان لديها نفوذاً في سوريا ومصالح، وفي كل الثورات لا يمكن للدول ذات النفوذ دائماً الحفاظ على نفوذها فيها في ظل التغيير، وليس هناك من يعوّض عليها خسارة مصالحها فيها، ما يجعل موقفها رافضاً حيث أمكن لتسهيل التغيير.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00