بُعيد نيل الحكومة الثقة في ضوء بيانها الوزاري في المجلس النيابي، يُتوقع ان تبدأ المواقف الدولية من الحكومة بالظهور تباعاً، لا سيما وأن المجتمع الدولي كان ينتظر هذه المحطة لاتخاذ موقف، وتحديداً طريقة تعامل الحكومة مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وتفيد مصادر ديبلوماسية أوروبية، أن هناك قلقاً تبديه الدول الأوروبية التي درست البيان الوزاري، وعملت لمقارنته بالبيان الوزاري للحكومة السابقة برئاسة الرئيس سعد الحريري، عن مدى التزام لبنان المحكمة من خلال الصياغة التي نصّ عليها البيان والمتصلة بالمحكمة، إذ تشير إلى أن هذا النص فضلاً، عن أنه ضعيف، هو خطر، خصوصاً في استعمال كلمة مبدئياً وفي استعمال الصياغة لكلمات غير مفيدة، مثل كلمة تسييس للمحكمة، ما يترك شكوكاً دولية حول إرادة الحكومة تجاه المحكمة ومدى وجود التزام فعلي للتعاون معها، وترى ان العبارة حول المحكمة في البيان تترك اشارات سلبية.
وهناك اتصالات ومشاورات بين الدول الأوروبية من جهة وبين هذه الدول والولايات المتحدة، لتنسيق المواقف بالنسبة الى هذا الموضوع. وقد عبّرت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن الاستراتيجي في الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون عن هذه النقطة قبل مناقشة البيان في مجلس النواب، لكن إجماعاً دولياً سيظهر في مواقف أكثر وضوحاً في وقت قريب.
ومن خلال مقارنة البيان الوزاري الحالي بالسابق، يتبيّن للمصادر ان الالتزام اللبناني بالقرار 1701 جاء في البيان الحالي بعد التأكيد على معادلة الجيش والشعب والمقاومة كمرجعيات في تحرير الأرض، ما يعطي بالنسبة الى الدول الكبرى اشارة سياسية واضحة بأن أولوية الحكومة هي هذه المعادلة المثلثة المرتكزات وليس القرار 1701، في حين ان البيان الوزاري للحكومة السابقة نص على الالتزام بالقرار 1701 قبل الحديث عن الالتزام بالمعادلة المثلثة.
لكن الذي شكل مصدر ارتياح للدول، هو التزام الحكومة الحالية بهذا القرار، في كل الأحوال.
وبعد ان تصدر المواقف حيال البيان الوزاري، سيكون هناك انتظار دولي لنوعية التعاون بين لبنان والمحكمة وبين لبنان والمؤسسات الدولية. ووفقاً للمصادر، هناك ترقب لمشروع موازنة 2011، وما إذا ستتضمن بنداً لتمويل حصة لبنان في المحكمة. هذا أهم شيء وأول شيء محور متابعة ومراقبة، لانه بذلك يتضح الدليل على التعاون أو عدمه. والأمر الثاني الذي هو محور مراقبة أيضاً، هو تنفيذ مذكرات التوقيف في حق اللبنانيين الأربعة المتهمين بتنفيذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومن السابق لأوانه الحديث عن إجراءات دولية تطال لبنان ومؤسساته في انتظار تقويم نوعية هذا التعاون، مع الاشارة الى انه ليس هناك من رضا على ما ورد في البيان الوزاري حول المحكمة.
ووسط هذا المناخ، ثمة احتمالات عدة قد يتبعها المجتمع الدولي في حال تقويمه التعاون بالسلبية، أبرزها:
ـ اعتبار عدم التعاون في التسليم والتمويل سبباً غير كافٍ لاتخاذ مواقف كبيرة سلبية ضد لبنان على سبيل عقوبات صريحة وواضحة، مع ان عدم التعاون سيستدعي من الدول إعادة تأكيد ضرورة التزام لبنان القرار 1757. وثمة استبعاد لعقوبات لمجرد صدور البيان بهذه الطريقة، لان أي عقوبات ستفرض من الصعب إزالتها أو العودة عنها سريعاً. لكن منطق العقوبات يُتبع إذا تزامن عدم التعاون في هذين الموضوعين مع أمور أخرى تصب في الاتجاه نفسه. هناك مراحل عدة ستقطعها المحاكمة، فهناك انتظار لاستنابات قضائية جديدة، ولا سيما أنها تطال الذين أشرفوا على تنفيذ الجريمة، ومدبريها، والربط بين ذلك وبين المنفذين الأربعة على الأرض. ان مذكرات التوقيف تعني ان هنالك أدلة مقنعة لقاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، وتبقى هناك المحاكمة. من هنا أهمية الأدلة، وبالتالي هناك مراحل يمكن من خلالها اختبار تعاون لبنان مع المحكمة.
ـ ان هناك ميلاً لممارسة ضغوط على لبنان وليس عقوبات نتيجة عدم التعاون على سبيل الطلب اليه تنفيذ ما يقتضيه التعاون مع المحكمة قبل الوفاء بالالتزامات الثنائية حياله من مساعدات أو غيرها.
والواقع أن التوجه سيتضح في المرحلة المقبلة، وهو مرتبط ارتباطاً أساسياً بإرادة تعاون الحكومة اللبنانية، لان التعويل هو على التعاون مع الدولة وليس مع الأحزاب.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.